هل تستطيعُ مركبَةٌ فضائيَّة

رسمٌ فنيٌّ يُصوّر تطوّر الجُرْم بين-النجميّ "أومواموا" الذي قد يكون شكلهُ الطويلُ غيرُ المألوفِ ناتجاً عن قِوى المدّ والجزر. (حقوق الصورة: YU Jingchuan from Beijing Planetarium)

هل يُمكننا إرسالُ مركبةٍ فضائيّةٍ إلى "أومواموا"، ذلك المُتطفِّل بين-النجميّ العملاق الشبيه بالسيجار؟
وهل ينبغي لنا ذلك؟

في عام 2017، ولأوّلِ مرّة على الإطلاق، رصَدَ علماءُ الفلكِ صخرةً فضائيَّة من نظامٍ شمسيٍّ آخر تَرتحِلُ بسرعةٍ في جِوارِنا الكونيّ.
هذه الصَّخرة -التي سُمّيَّت "أومواموا Oumuamua"- مرّت بنا وأبحرَتْ عبر نظامِنا الشمسيّ مخلِّفةً وراءَها أسئلةً لا تزالُ قائمةً حتّى يومنا هذا.

هل "أومواموا" سفينةٌ فضائيّة؟
أم هل هو مجرّد مُذنّب غير مألوف، أم أنَّه أحدُ الكُويكبات؟
بعدَ ذلك بعامين في عام 2019، رَصد علماءُ الفلكِ زائراً بين-نجميٍّ آخر، هو المُذنّب 2I/Borisov، حينما كان يعبرُ النظامَ الشمسيَّ، لكنّ هذا المذنّب كان أكثرَ شبهاً بالأجرامِ الموجودةِ في نظامِنا الشّمسيّ، ولذلك ظلَّ "أومواموا" لغزاً.

لكنّ مبادرةً جديدةً دفَعتْ بعضَ الباحثين للاعتقادِ بأنَّهم يستطيعون الإجابةَ عن بعضِ أسئلتهم العالِقة، بشأنِ هذا الجسم بين-النجميّ، من خلالِ إرسالِ بعثة للّحاقِ بـ"أومواموا".

حيثُ اقترحَت مجموعةٌ من الباحثينَ المتطوعينَ من معهدِ الدّراساتِ بين-النجميَّة (i4is) -وهي شركةٌ غيرُ ربحيَّة مقرُّها المملكةُ المتحِّدة- إرسالَ مركبةٍ فضائيَّةٍ إلى "أومواموا" في إطارِ ما أسموهُ "مشروع ليرا Project Lyra".

بدأَ المشروعُ بعدَ وقتٍ قصيرٍ جداً من اكتشافِ "أومواموا" بهدفِ تحديد ما إذا كانَ من المُمكنِ إرسالُ مركبةٍ فضائيَّةٍ إلى هذا الجُرْمِ، وبحثَ الفريقُ لاحقاً، بمختَلفِ الطُّرقِ الممكنةِ لدراسةِ الصَّخرةِ عن قُرب.

يُبيّن أحدثُ بحثٍ نَشرتهُ المجموعةُ في 13 يناير/كانون الثاني على موقعِ آركايف arXiv، أنَّه إذا أُطلِقَت مركبةٌ فضائيّة في عامِ 2028 فإنَّ بإمكانها استخدامُ جاذبيَّةِ المشتري والشَّمس، للمساعدةِ في دفعِ نفسها واللَّحاقِ بالصّخرةِ الفضائيَّة بين-النجميَّة في غضونِ 26 عاماً، أو نحوَ ذلك.

حيثُ تعتمدُ الطريقةُ التي اقترحَها الفريقُ، على ما يسمَّى مناورةَ "أوبرث"، التي غالباً ما تُعرَفُ باسم مناورةِ "مُساعدة الجاذبيَّة"، وهي رحلاتّ فضائيَّة مخطّطةٌ تستفيدُ من السَّحب الجاذبيّ للأجسامِ الكبيرةِ، مثل الشّمس أو الكواكب، للمساعدةِ على زيادةِ السُّرعة.
تَستخدِمُ الطريقةُ المُقترحةُ مناورةَ "أوبرث" حولَ المشتري لاكتسابِ سُرعةٍ كافيةٍ لمغادرةِ النّظامِ الشمسيّ في اتّجاهِ الصَّخرةِ الفضائيَّة.

ولكن لم يُسبَق أنْ أُُجريَت مثلُ هذهِ المناورةِ مع كوكبِ المُشتري، ولذلك فإنّ تصنيفها منخفضٌ وفقَ مقياسِ مستوى الجاهزيّة التكنولوجيًة "TRL"، بحسب تقريرٍ لموقعِ "Universe Today".

لا تزالُ هذه المناورةُ مجرّد فكرة، ومع ذلك يأمُلُ الفريقُ أن تساعدنا مثلُ هذه البِعثةِ على إحرازِ فهمٍ أفضلَ لماهيةِ طبيعةِ "أومواموا" بالضبط.

بينما ادّعى بعضُ العلماءِ أنّه قد يكونُ نوعاً من السُفنِ الذكيَّة الفضائيَّة، إلّا أنَّهُ يظلُّ حدثاً مُستجدّاً يمكنُ أن يُساعدَ العلماءَ على فَهمٍ أفضلَ لطبيعةِ الصُّخورِ الفضائيَّةِ مثل الكويكباتِ والمذنَّبات.

في البدايةِ، كان الاعتقادُ أنَّ "أومواموا" كُويكِب، ثم ادّعى بعضُ العلماءِ لاحقاً أنَّه مُذنَّب، ويعتقدُ البعضُ أنَّه قد يكونُ شكلاً من أشكالِ "الجبالِ الجليديّةِ الفضائيّة"، وفي حينِ أنّ الطبيعةَ الحقيقيّة لـ "أومواموا" لا تزالُ لغزاً، ولكن يظلُّ صحيحاً أنَّ "أومواموا" لديهِ سمات كلٍّ من المذنَّبات والكُويكبات، وهو فريدٌ من نوعِه بين الأَجرامِ التي رُصدَت في نظامِنا الشمسيّ.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات