دعك من احتفالات السنة الجديدة فقد أعلنت ناسا عن مذنب يقترب من الأرض

دعك من احتفالات السنة الجديدة، فقد أعلنت وكالة ناسا عن مذنبٍ يتحرك حالياً عبر النظام الشمسي الداخلي مقترباً من الأرض بحيث سيكون ساطعاً في السماء خلال الأسبوع القادم لدرجةٍ يمكن لنا فيها أن نراه في سماء الليل باستخدام المنظار ذي العينين.

اكتشفت مهمة نيووايز NEOWISE التابعة لناسا المذنب لأول مرةٍ في شهر أكتوبر/تشرين الأول. يتحرك المذنب حالياً في مسارٍ لا يُشكل خطراً على الأرض، حيث سيمر بها مقترباً من الشمس. ولكن مع اقترابه، سيكون ساطعاً لدرجةٍ كبيرة بين تاريخ اليوم والـ 14من شهر يناير/كانون الثاني بحيث سنتمكن من رؤيته باستخدام منظار العينين فقط، أو حتى بأعيننا المجردة.

قال بول تشودس Paul Chodas، مدير مركز ناسا لدراسة الأجسام القريبة من الأرض (NEO): "يتمتع المذنب المُسمى C/2016 U1 NEOWISE بفرصةٍ جيدة ليكون مرئياً باستخدام المنظار ذي العينين، إلا أننا لا نستطيع التأكد من ذلك لأن سطوع المذنبات يشتهر بكونه غير قابلٍ للتنبؤ". 

وفقاً لديفيد ديكنسون David Dickinson من موقع Universe Today: "من المقرر هذا الأسبوع أن يجتاز مذنب C/2016 U1 NEOWISE حاجز درجة السطوع العاشرة الخاص بالمنظار ذي العينين، وقد يجتاز الدرجة السادسة (أقل درجة سطوع يمكن رؤيتها بالعين المجردة) في منتصف شهر يناير/كانون الثاني قرب نقطة الحضيض الشمسي الخاصةِ بمداره".


تشير درجة السطوع إلى مقدار سطوع الأجسام في سماء الليل، وكلما كانت أصغر، كان ذلك أفضل. فعلى سبيل المثال، فإن درجة سطوع كوكب الزهرة القُصوى هي 4.4-، بينما تصل درجة سطوع القمر إلى 12.7- .


لذا فماذا نتوقع أن نرى؟ شيئاً مشابهاً للذي في الصورة، ولكن أبعد قليلاً، حيث أُخذت هذه الصورة باستخدام تلسكوبٍ من النمسا في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016. 


حقوق الصورة: Michael Jäger/Universe Today
حقوق الصورة: Michael Jäger/Universe Today


إن السبب الكامن وراء عدم القدرة على التنبؤ بدرجة وضوح المذنبات في السماء هو حقيقة كونها مكونةً من الجليد، والغبار، والمواد الصخرية، فمع اقترابها من الشمس أكثر فأكثر، تزداد درجة حرارتها بمعدلٍ سريع وتبدأ بسرعةٍ بقذف مكوناتها على شكل ذيلٍ غباريٍ رائع. يمكن لهذا التغير في المكونات أن يغير بسرعةٍ درجة وضوح المذنبات في سماء الليل، ففي بعض الأوقات تصبح أكثر سطوعاً، وفي أوقاتٍ أخرى تصبح قاتمة. 

لا تزال معلومات الباحثين قليلة عن مذنب C/2016 U1 NEOWISE، لكنهم يتوقعون أنه يستغرق ملايين السنين لإكمال دورةٍ حول الشمس، ما قد يعني أن هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها المذنب النظام الشمسي الداخلي. وبالتأكيد آخر مرةٍ سيقترب فيها منا بهذا القدر خلال فترة حياتنا. 


قد تكون احتمالية رؤية المذنب بالعين المجردة أثناء مروره بالأرض مخيفةً للبعض، لا تقلق، فقد مرّ مذنب C/2016 U1 NEOWISE بالفعل بأقرب نقطةٍ له من الأرض في 13 ديسمبر/كانون الأول 2016، من على مسافة 106 مليون كيلومتر تقريباً (66 مليون ميل).


وسيكون هذا الأسبوع على مسافة 140 مليون كيلومتر تقريباً (87 مليون ميل) من الأرض أثناء اقترابه من الشمس، أي أبعد من القمر بـ 350 مرةٍ تقريباً. فلذلك ليس هناك خطرٌ من أن يصطدم بنا. ولكن بالنسبة لمراقبي السماء المتحمسين، سيشكل ذلك عرضاً رائعاً.

في حال أردت مشاهدة المذنب أثناء مروره بالأرض، فإن أفضل مكانٍ لذلك سيكون في نصف الكرة الشمالية خلال الأسبوع القادم، حيث يجب عليك أن تنظر باتجاه السماء الجنوبية الشرقية قبل الفجر بقليل. وكما يشرح موقع Universe Today: "عند أعلى درجة سطوعٍ له، سيمر مذنب C/2016 U1 NEOWISE بكوكبة الحواء Ophiuchus باتجاه كوكبة الحية Serpens Cauda وكوكبة القوس Sagittarius، حيث سيكون في أقصى درجات وضوحه في سماء الفجر على بعد 12 درجة من الشمس".


سيكون المذنب في أقرب نقطةٍ له من الشمس في 14 يناير/كانون الثاني، حيث سيكون داخل مدار كوكب عطارد قبل أن يرجع متجهاً للنظام الشمسي الخارجي، وستصبح رؤية المذنب أكثر صعوبةً في 14 يناير/كانون الثاني بسبب اقترابه من الشمس، ولكن ستكون هناك فرصةٌ أخرى لرؤيته في آخر يومٍ من الشهر بالنسبة لسكان نصف الكرة الجنوبية قبل أن يُصبح بعيداً جداً.

كما أعلنت مهمة نيووايز التابعة لناسا عن اكتشاف جسمٍ غامضٍ آخر سيمر بالقرب من حيّنا الكوكبي في الأسابيع القادمة، ويبدو أن هذا الجسم الثاني والمُسمى 2016WF9 يتأرجح على الحد الضبابي الفاصل بين المذنبات والكويكبات، والعلماء ليسوا واثقين من ماهيته بعد. على خلاف المذنبات الجليدية، فإن الكويكبات تتكون من مواد معدنية وصخرية، ولذلك فهي لا تبعث ذيولاً غبارية أثناء اقترابها من الشمس. حيث يبدو أن هذه الصفة تنطبق على 2016WF9، إلا أن انعكاسيته وبنيته توحيان بأنه مذنب.


حتى الآن، كل ما نعرفه بشكلٍ مؤكدٍ عن 2016WF9 هو أنه كبيرٌ جداً -بعرض كيلومتر واحد (0.6 ميل)- كما أنه داكنٌ نسبياً، حيث تنعكس نسبةٌ بسيطة من الضوء الساقط عليه باتجاه الأرض، وهذا قد يُفسر عدم رصدنا له من قبل. 

على خلاف مذنب C/2016 U1 NEOWISE، فإن 2016WF9 يمر بكوكبنا على نحوٍ منتظم. حيث تقع أبعد نقطة له عن الشمس حول مدار المشتري، حيث تستغرق دورته 4.9 سنة يسافر خلالها باتجاه الشمس، متأرجحاً داخل مدار الأرض قبل أن يرجع متجهاً للنظام الشمسي الخارجي.


ذلك ما سيحدث هذا العام في 25 فبراير/شباط، حيث سيمر بالقرب من كوكبنا من على مسافة 51 مليون كيلومتر تقريباً (32 مليون ميل). حتى الآن، فإن تلك المسافة ليست قريبةً بما فيه الكفاية لنشعر بالقلق، لكن العلماء سيستمرون في مراقبته على أمل تعلم المزيد عن بنيته، وعن ما إذا كان سيشكل خطراً على الأرض في المستقبل. كما نأمل أنهم سيتمكنون من تصنيفه كمذنبٍ أو كويكب. 


قال جيمس غيربس باور James Gerbs Bauer، نائب الباحث الرئيسي في ناسا: "قد يكون لـ 2016WF9 أصلٌ مذنبيّ، إذ يبين هذا الجسم أن الحدود بين المذنبات والكويبات هي حدودٌ ضبايةٌ غير واضحة، ربما خسر هذا الجسم عبر الزمن أغلب مواده المتطايرة المتحركةٍ ببطء على سطحه أو تلك التي أسفل سطحه مباشرةً".

مهما كانت الحالة، فليس هناك شيء أروع من مذنبٍ يقترب من كوكبنا الصخري الصغير لتذكيرنا بمدى ضآلة حجمنا -ومدى تميزنا- في هذا الكون الفسيح. لذا لا تفوت رؤيته الأسبوع القادم!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات