من هو الكلب الآلي المطيع؟ حقوق الصورة: ناسا/مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتقنية.
يمكنك الآن أن تأمر الكلب الآلي قائلًا اجلس، أو ابقَ، أو اجلب شيئًا ما، أو ضع خريطةً لكهف المريخ!
إن الأمر برمته هو أن مهمة استكشاف المريخ ستكون من نصيب الكلاب الآلية.
يجهز العلماء الروبوتات ذات الأرجل الأربع والمحاكية لشكل الحيوانات بذكاءٍ صنعي Artificial Intelligence (AI) ومجموعة من معدات الاستشعار لمساعدة الروبوتات على التنقل بشكل مستقل في التضاريس الوعرة والكهوف تحت السطحية على الكوكب الأحمر.
قدم باحثون من مختبر الدفع النفاث الذي يديره معهد كاليفورنيا للتقنية التابعَين لوكالة ناسا مشروعهم "كلاب المريخ في عرض تقديمي في 14 كانون الأول/ديسمبر خلال الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي American Geophysical Union (AGU) الذي عُقد عبر الإنترنت هذا العام، ويمكِّنهم المشروع من منافسة المركبات الجوالة الشهيرة ذات العجلات بطرقٍ شتى مثل مركبة سبيريت Spirit وأبورتيونيتي Opportunity وكيوريوسيتي Curiosity ومركبة برسفيرنس Perseverance التي أُطلقت مؤخرًا، ولكنها قد لا تستطيع منافسته أبدًا.
وبحسب تقرير العلماء في الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي فإنَّ خفة الحركة والمرونة للروبوتات الجديدة المقرونة بأجهزة استشعار ستسمح لها بتجنب العقبات والاختيار بين مسارات متعددة وإنشاء خرائط افتراضية للأنفاق والكهوف المدفونة للمشغلين في القاعدة المنزلية.
تقتصر مركبات المريخ التقليدية في الغالب على عبور الأسطح المستوية، ولكن لا يمكن الوصول إلى العديد من مناطق المريخ المثيرة للاهتمام علميًا إلا من خلال عبور التضاريس الوعرة أو النزول تحت الأرض. تُعتبر "الكلاب" الآلية السيّارة مناسبةً تمامًا لمثل هذه التحديات، ويمكنها النهوض مرة أخرى حتى لو سقطت.
قال العلماء خلال العرض التقديمي: "إسقاط الطائرة لا يعني فشل المهمة. يمكن للروبوت أن يصحح نفسه بعد العديد من حوادث السقوط وذلك باستخدام خوارزميات الاسترداد".
حسبما أفاد الباحثون فإن كلب المريخ سيكون أيضًا أخف بمقدار 12 مرة تقريبًا من المركبات الجوالة الحالية، وسيكون قادرًا على السفر بشكل أسرع، إذ وصل إلى سرعات المشي العادية التي تبلغ 3 أميال في الساعة أي 5 كم/ساعة في أثناء الاختبارات. لتوضيح الأمر أكثر فإن مركبة كيوريوزيتي الجوالة تدور على طول سطح المريخ بسرعة نحو 0.09 ميلاً في الساعة أي مايعادل 0.14 كم/ساعة.
وفقًا لوكالة ناسا فقد توفر الكهوف على المريخ مأوى للمستعمرات البشرية في المستقبل، وتوفر الحماية الطبيعية ضد الأشعة فوق البنفسجية المميتة، والبرد الشديد والعواصف الترابية الشديدة التي يمكن أن تستمر لأسابيع وأحيانًا تكون كبيرة بما يكفي لرصدها بواسطة التلسكوبات على الأرض.
قال الباحثون في الإتحاد الجيوفيزيائي الأميركي إن الكهوف قد تحتوي أيضًا على أدلة على وجود حياة في الماضي البعيد للمريخ، أو قد توفر موطنًا حاليًا للكائنات الحية التي تعيش في أعماق باطن الأرض.
يمكن للروبوتات ذات الأرجل التي تستطيع التجول حول الصخور، وإنزال نفسها في الكهوف وتحديد المسار فضلًا عن جمعها للقياسات وبناء خريطة لما "تراه" أن توفر للعلماء فرصًا جديدة لاكتشاف علامات الحياة خارج الأرض.
كلب المريخ المستقل والملقب بـ "أوسبوت" "Au-Spot" هو نسخة معدلة من آلة الاستكشاف "سبوت" الميكانيكية الرباعية الأرجل التي ابتكرتها شركة بوسطن ديناميكس Boston Dynamics للروبوتات.
شارك أكثر من 60 عالمًا ومهندسًا في فريق وحدة الروبوتات المرنة تحت الأرض (كوستار) Collaborative SubTerranean Autonomous Resilient Robots (CoSTAR) بتجهيز كلاب أوسبوت بأجهزة استشعار وبرامج متصلة بالشبكة لمساعدتها على مسح بيئة المريخ والتنقل فيها وتخطيطها بأمان واستقلالية.
تعالج كلاب أو سبوت الآلية المدخلات عبر تقنية ليدار Lidar وتعني الاستشعار عن بعد باستخدام نبضات الليزر، وعبر أجهزة الاستشعار البصرية والحرارية والحركة لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد. يستخدم كلب المريخ الآلي أيضاً الذكاء الاصطناعي لمعرفة الهياكل التي يجب تجنبها، وللتعرف على الأشياء التي قد تكون ذات أهمية علمية، بينما تسمح وحدة الاتصالات للروبوت بنقل البيانات إلى السطح أثناء استكشافه لما تحت الأرض.
اختبر أعضاء فريق شركة كوستار كلب أو سبوت في مجموعة من تمارين اختبار العوائق، ويضعونها لاختبار خطواتها في الأنفاق والممرات، وصعود السلالم. وفي الأماكن الخارجية التي تشبه تضاريس كوكب المريخ، مثل منطقة أنابيب الحمم البركانية في شمال كاليفورنيا. تظهر هذه العروض التوضيحية أن الروبوتات غير المقيدة يمكنها التنقل حول الصخور ورسم خرائط للكهوف العميقة.
ويقر العلماء في الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي: "يمكن لهذه السلوكيات أن تمكن يومًا ما من القيام بمهمات علمية ثورية على سطح المريخ وتحت سطحه أيضًا، وبالتالي تعزيز قدرة ناسا في استكشاف المواقع التي يتعذر الوصول إليها تقليديًا".