الفلكيون يرصدون حجارةً في الفضاء تستعد لتكوين كواكب

تصوُّر أحد الفنانين لحزام من الحصى في مدار حول النجم (DG Tauri). هذا المنظر هو منظر مقرّب لجزء من الحزام.


حقوق الصورة: J. Ilee. Adapted from original work by ESO/L. Calçada/M. Kornmesser, ALMA ESO/NAOJ/NRAO)/L. Calçada (ESO


أعلن فريق من علماء الفلك بقيادة كل من: جامعة سانت أندروز University of St Andrews وجامعة مانشستر University of Manchester ، اليوم (6 تموز/يوليو) اكتشافَهم لحلقةٍ من الصخور تدور حول نجمٍ يافعٍ جدًّا. هذه هي المرة الأولى التي تُكتشَف فيها هذه الحصى، والتي يُظَنُّ أنها وصلة مهمة في بناء الكواكب. عرضت الدكتورة جين غريفز Jane Greaves من جامعة سانت أندروز هذا العمل في اللقاء الفلكي القومي في فينو كَمري Venue Cymru  في لانددنو_ويلز.

يُعتقَد أن الكواكب تتكون من غبارٍ وغازٍ يحيط بالنجوم اليافعة بشكلٍ قرصي. وبمرور الوقت، تلتصق ذرات الغبار ببعضها حتى يصبح لها كتل كبيرة. وفي النهاية تصبح تلك التي لها كتلٌ كبيرةٌ ممتلكةً جاذبية هائلة، ومن ثَمَّ، وعلى مدى ملايين السنين تصطدم ببعضها لتكوِّن الكواكب والأقمار. حصلت هذه العملية في نظامنا الشمسي قبل 4500 مليون سنة مضت، ليكون الكوكب الضخم المشتري أول كوكبٍ يتكوّن.

منذ تسعينات القرن الماضي، وجد علماء الفلك كلًّ من الغاز والغبار، وبحدود عام 2000 وجدوا كواكبَ كاملةَ التشكُّل، ولكن اكتشاف المراحل المتوسطة للتشكُّل تُعَدُّ أكثر صعوبةً للكشف.

استخدمت غريفز وزميلتها في الفريق الدكتورة أنيتا ريتشاردز Anita Richards من جامعة مانشستر مصفوفةَ e-MERLIN للتلسكوبات الراديوية المركزة على ضفة جودريل_تشيشير، وهو يمتد أيضًا عبر إنجلترا فيما يعرف بمقياس التداخل (interferometer) محاكيًا دقة تلسكوب كبير مفرد.

تولت ريتشاردز أمرَ معالجة الصور، الأمر الذي كان الهدفُ منه -في البداية- اختبارَ قدرة التحكم بسيل البيانات الكبير جدًا الذي يولده (e-MERLIN).

استخدم العلماء مقياس التداخل ليرصدوا النجم DG Tauri، وهو نجم يافع نسبيًا بعمر 2.5 مليون سنة فقط، ويبعد مسافة 450 سنة ضوئية ضمن كوكبة الثور. ناظرين إلى الأطوال الموجية الراديوية، فقد اكتشفوا وميضًا خفيفًا تتميز به الصخور الموجودة في مدارٍ حول النجم جديدِ النشأة.


خريطة من (e-MERLIN) للنجم DG Tauri تُظهر المناطق الصفراء والحمراء ما يُظَنُّ أنه حلقة من كتلة بحجم الحصى في مدار حول النجم. حقوق الصورة: J. Greaves / A. Richards / JCBA
خريطة من (e-MERLIN) للنجم DG Tauri تُظهر المناطق الصفراء والحمراء ما يُظَنُّ أنه حلقة من كتلة بحجم الحصى في مدار حول النجم. حقوق الصورة: J. Greaves / A. Richards / JCBA

تقول ريتشاردز: "كانت هذه المرة الأولى بالنسبة لهذا المشروع، والتي نحصل فيها على بيانات من تلسكوب لوفيل الذي يبلغ قطره (76 م) والموجود في ضفة جودريل، والذي يُشكِّل قلب مصفوفة e-MERLIN. كنا نعلم أن DG Tauri يمتلك نافورة من الغاز الساخن تتدفق من قطبيه -وهو علامة للنجوم التي لا تزال قيد التشكُّل- وبالتالي كان لدينا فكرة عمّا يجب أن نبحث عنه".

وتضيف: "كان أمرًا مفاجئًا لنا أيضًا رؤيتُنا لحزام من الحصى، وذلك باستخدام جزءٍ من البيانات التي نأمل أن نحصل عليها. نأمل الآن أن نحصل على صورٍ مماثلةٍ لحديقةٍ كاملةٍ من النجوم اليافعة الأخرى، خصوصًا بعد حصولنا على زيادةٍ مقدارها أربعة أضعاف في عرض التردد في النطاق الراديوي".

تتابع غريفز: "كانت التفاصيل الدقيقة المذهلة التي يمكننا رؤيتها باستخدام تلسكوبات e-MERLIN المفتاح الرئيسي لاكتشافنا هذا، كان بإمكاننا أن نُقرِّب إلى منطقة ذات صغر شديد، كالصغر الذي يكون عليه كوكب المشتري في النظام الشمسي، كما كان بإمكاننا رؤية حزامٍ من الحصى مصفوفة على طول مدار مشابه جدًا، وذلك في المكان الذي يجب أن تكون فيه تمامًا إذا كان لكوكب أن ينمو في بضعة ملايين من السنين القادمة. مع أننا ظننا أن هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الكواكب، ولكنه أمر مثيرٌ جدًّا أن تُشاهِد هذه العملية وهي تحصل في الواقع".

جرت مُراقبات e-MERLIN ضمن الطول الموجي 4.6 سم (حوالي ثلث طول الموجة المستخدمة في أفران الميكرويف). يجب أن تكون قطع الصخور بحجم سنتيمتر واحد من أجل إطلاق مثل هذه الموجات الراديوية. كما أن شكل الحزام يؤكد أن الصخور هي مصدر الموجات الراديوية.

يعمل الدكتور جون إلي John Ilee، وهو عضو في الفريق من سانت أندروز أيضًا، على مشروع أوروبي ذي علاقةٍ، وذلك ليستقصي أقراص الكواكب الأولية (protoplanetary discs) المحيطة بالنجوم اليافعة. وأضاف: "ستكون البياناتُ ذات الطول الموجي الطويل، كما في هذه النتائج المذهلة لِـ (e-MERLIN)، ضروريةً لتحديد المعطيات للجيل الجديد من النماذج الحاسوبية للأقراص المحيطة بالنجوم اليافعة، كما أن امتلاكنا لفكرةٍ دقيقةٍ عن مكان المادة ذات حجمٍ بمستوى السنتيمترات، وعن كميتها، سيقرِّبُنا من صورةٍ أكثر ثباتًا عن كيفية تشكُّل الكواكب في نهاية المطاف".

تقود غريفز فريقًا عالميًا يعرف بِـ (PEBBLeS)، وهي اختصار لِـ (the Planet Earth Building Blocks Legacy e-MERLIN Survey) أي: مسح e-MERLIN لميراث وحدات بناء كوكب الأرض. سيبحث العلماء -عن طريق تصوير الأحزمة الصخرية للعديد من النجوم- عن دلائل عن كيفية تشكُّل الكواكب في الغالب، وكذلك أين يكون ذلك حول النجوم التي ستغدو شموسًا مستقبلية كشمسنا. الهدف النهائي من ذلك هو أن نقوم بتقريب الصورة ونرى عملية ولادة كواكب أرضية خارج المجموعة الشمسية (Extrasolar Earths)، والتي تكون أقرب لنجمها خمس مرات أكثر من مدار المشتري. إن تطوير قدرات e-MERLIN في السنوات القليلة القادمة، وكذلك بناء منظومة الكيلومتر المربع الجديدة -التي ستكون قاعدتها في ضفة جودريل- ستجعل من هذا الأمر ممكنًا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مقياس التداخل (interferometer): عبارة عن أداة تقوم بقياس التداخل (Interferometry)
  • كوكب سيّار أولي أو كوكب أولي (protoplanet): هي أجنة كوكبية أولية وُلدت داخل الأقراص الكوكبية وعانت من عملية الانصهار الداخلي لتُنتج هياكلها الداخلية المتباينة.

اترك تعليقاً () تعليقات