تطور غير طبيعي للدماغ عند الأشخاص المصابين بالتأتأة

بحثٌ جديدٌ بواسطة المدير التنفيذي لمؤسسة ISTAR يكشف تطورًا دماغيًا غير طبيعي في الأشخاص المتلعثمين، تحديدًا في باحة بروكا وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن النطق.

 

دراسةٌ بالرنين المغناطيسي للتأتأة، تعد الأكبر من نوعها، والأولى التي تفحص التغيرات الدماغية على طول حياة المرء. هذا ما قاله الباحث في جامعة ألبيرتا والمدير التنفيذي لـ ISTAR.

 

وفقًا لبحث جامعة ألبيرتا، فإن منطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في النطق تتطور بشكلٍ غير طبيعي في الأطفال المصابين بالتأتأة، وهو نمطٌ يستمر حتى في سن البلوغ.

في الدراسة الأولى من نوعها -التي استُخدم فيها التصوير بالرنين المغناطيسي لفحص تطور أدمغة الأطفال والبالغين المصابين بالتأتأة- وجد باحثو مؤسسة علاج وأبحاث التأتأة (ISTAR) التابعة لجامعة ألبيرتا تطورًا غير طبيعي في المادة الرمادية الموجودة في باحة بروكا Broca's area، وهي المنطقة المسؤولة عن النطق، وتتواجد في الفص الجبهي من الدماغ. 


هذا التطور غير الطبيعي هو الوحيد الذي وُجد في 30 منطقةً من الدماغ قام الباحثون بالتحقق منها.

قال ديريك بيل Deryk Beal المدير التنفيذي للمؤسسة: "في كل منطقةٍ أخرى من الدماغ قمنا بدراستها، رأينا نمطًا اعتياديًا لتطور المادة الدماغية، هذه الاكتشافات تشير إلى كون باحة بروكا مرتبطة مباشرةً بالتأتأة".

قام فريق بيل بالتعاون مع أعضاء من جامعة تورونتو بدراسة صورٍ التُقطت بواسطة الرنين المغناطيسي لأدمغة 116 ذكرًا تتراوح أعمارهم ما بين السادسة إلى الثامنة والأربعين، وهي المجموعة الأكبر والأوسع من ناحية النطاق العمري لدراسةٍ مماثلة. تقريبًا، نصف المجموعة كانوا متأتئين، أما الباقي فقد شكلوا المجموعة الشاهدة.
 

التطور غير الطبيعي للدماغ يستمر مع تقدم أعمار المُتأتئين


لاحظ فريق الباحثين هبوطًا منتظمًا ومتوقعًا في السماكة القشرية للمادة الرمادية في المجموعة الشاهدة، هذا الهبوط لم يُشاهَد في المُتأتئين. 


يوضح بيل أن هذا الهبوط في السماكة هو في الواقع أمرٌ جيد، لأنه يعكس كون الدماغ قد تطور وأصبح أكثر كفاءةً مع تقدم العمر، لأنه لا يتطلب موارد عصبية كثيرة.

يقول بيل: "أحد تفسيرات هذا الاكتشاف، أن هذه المنطقة في الأشخاص المصابين بالتأتأة لا تعمل بكفاءةٍ ضمن الشبكة الدماغية الخاصة بتوفير القدرة على النطق".

 

منطقة الدماغ المحاطة بالدائرة هي باحة بروكا Broca's area، المنطقة المسؤولة عن إنتاج النطق، وهي تتطور بشكلٍ غير طبيعي لدى الأشخاص المصابين بالتأتأة.
منطقة الدماغ المحاطة بالدائرة هي باحة بروكا Broca's area، المنطقة المسؤولة عن إنتاج النطق، وهي تتطور بشكلٍ غير طبيعي لدى الأشخاص المصابين بالتأتأة.

بالرغم من أن النتائج تشير لكون باحة بروكا في الدماغ تتطور بشكلٍ غير طبيعي لدى الأشخاص المصابين بالتاتأة، إلا أن العلماء لا يستطيعون الإشارة بشكلٍ قاطعٍ لباحة بروكا على أنها المسؤولة عن التأتأة.

يوضح بيل: "إن الأمر أشبه بالدجاجة والبيضة، نحن لا نعلم ما إذا كانت التغيرات التي نراها في هذه المنطقة (باحة بروكا) نتيجة لردة فعل في الدماغ ناتجة عن الحديث المتلعثم، أو اختلاف في طريقة عمل الدماغ في مكان آخر، أو ما إذا كانت هذه التغيرات هي فعلاً سبب الخلل المؤدي للتلكُّؤ في الحديث".

اكتشف فريق بيل مسبقًا أن الأطفال المصابين بالتأتأة لديهم نقصٌ في حجم المادة الرمادية، هذا الاكتشاف كان أشبه بلقطةٍ زمنيةٍ واحدةٍ أظهرت كيفية اختلاف الأطفال المتلعثمين عن الأطفال الذين لا يمتلكون خللاً في النطق. يقول بيل: "هذا البحث الحديث هو تطورٌ عظيم، الأمر أشبه بامتلاك سلسلةٍ من الصور المتتابعة عن كيفية تغير الدماغ في فترة حياتنا، عوضًا عن صورةٍ واحدةٍ في عمر محدد".

يقول بيل أن الاكتشافات تدعم الحاجة لدراسات طويلة المدى وكبيرة الحجم، على تطور الدماغ من الطفولة حتى سن البلوغ، لرؤية اختلاف نمو الدماغ في مناطق النطق بين الأطفال المصابين بالتأتأة والأطفال الطبيعين، والأطفال الذين يتأتئون لفترة في حياتهم ثم يتعافون من التأتأة.

يختم بيل كلامه: "سيساعدنا ذلك على فهم كيف تغير الدماغ لدى الأطفال الذين تعافوا بأنفسهم من التأتأة بحيث صاروا قادرين على التغلب على التأتأة بانفسهم. نستطيع عندها أن نبدأ في تغيير طرق علاجنا لنستطيع التأثير على جميع الأطفال بنفس الطريقة".

نُشرت الدراسة في دورية Frontiers in Human Neuroscience في نسخةٍ مبكرةٍ على الإنترنت، وتلقت دعمًا ماديًا من منشأة سيك كيدز SickKids Foundation، والمعاهد الكندية للبحث في أمور الصحة، والمعهد العالمي للصمم واضطرابات التواصل الأخرى.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات