إن عمليات البحث عن إشارات راديوية قادمة من كائنات فضائية ذكية قد تلقت في الآونة الأخيرة دعماً دولياً. إذ إن مبادرات الاختراق Breakthrough Initiatives، التي هي عبارة عن سلسلة من البرامج الفلكية طويلة الأمد والمُموَلة من جهات خاصة، تتعاون الآن مع المراصد الفلكية الوطنية الصينية المسماة اختصاراً (NAOC) للطوف والبحث في السماء بواسطة مجموعة من أقوى التلسكوبات في العالم بحثاً عن إشارات لحياة ذكية.
وقد ورد في تصريح ليوري ميلنر Yuri Milner المستثمر والبليونير الروسي مؤسس برنامج مبادرات الاختراق سؤال وهو: "هل نحن بمفردنا في هذا الكون؟ هذا السؤال هو ما يوحدنا على الأرض". ستعمل المنظمتان معاً بالاستعانة بمجموعة من التلسكوبات في الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والصين لرصد أي إشاراتٍ قادمة من حضارات لمخلوقات فضائية.
أضاف ميلنر: "إن السعي للإجابة عن هذا السؤال يجب أن يكون على مستوى الكوكب". بهذه الاتفاقية، فإننا الآن نبحث عن رفاق كونيين بواسطة ثلاث من أكبر التلسكوبات في العالم على امتداد ثلاث قارات.
فيديوالبحث الجدي عن الحياة الذكية: السؤال الأساسي الرابع
التلسكوب الأكبر في العالم
ما إذا كانت هناك حياة خارج كوكب الأرض هو سؤال مطروح منذ أمدٍ بعيد في كلٍ من مجال العلم والأدب، ولكن البشر لم يبدؤوا بالسعي خلف الإجابة عن هذا السؤال بحزم إلا قبل نحو خمسين عاماً، ولأن بعض الموجات الراديوية لا يُمكن أن تُنتَج إلا بطريقةٍ اصطناعية، فإن التلسكوبات الراديوية هي أكثر الأدوات استخداماً في البحث عن الإشارات الفضائية.
في تموز/يوليو لعام 2015، أطلقت مؤسسة جائزة الاختراق Breakthrough Prize Foundation أكثر العمليات الفلكية شموليةً للبحث عن حياة ذكية من أي وقت مضى، مع الالتزام بإنفاق مئة ميلون دولار أميركي خلال العقد القادم على هذه العملية. اشترك المشروع المعروف بمبادرة اختراق الاستماع Breakthrough Listen مع تلسكوب غرين بانك Green Bank Telescope في ولاية فيرجينيا الغربية، ومرصد باركس Parkes Observatory في أستراليا، ومرصد ليك Lick Observatory في ولاية كاليفورنيا، حيث ستكَرس الأجهزة في مرصد باركس وغرين بانك للبحث عن إشاراتٍ راديوية بينما سيطارد مرصد ليك الموجات الضوئية.
قضى مرصد أريسيبو Arecibo Observatory الموجود في بورتوريكو وقتاً كبيراً خلال نصف القرن المنصرم للبحث عن حياة خارج الكرة الأرضية على الرغم من أنه ليس جزءاً من برنامج اختراق الاستماع، إلا أنه بدلاً من استخدام الوقت المخصص للبحث عن إشارات فضائية، اعتمد البحث في كثير من الأحيان على بحوث علمية أخرى عن طريق مسح أي جزء من السماء كان قد خُصص لباحثين آخرين.
أما الآن فقد التحق التلسكوب الراديوي فاست FAST صاحب أكبر صحن منفرد في العالم بالمطاردة، وجاء اسمه فاست اختصاراً للتلسكوب ذي صحن بفتحة خمسمئة متر Five-hundred-meter Aperture Spherical Telescope او اختصاراً (FAST) ، حيث شارك التلسكوب الموجود في محافظة قويتشو الصينية Guizhou بمشروع اختراق الاستماع للبحث عن الإشارات القادمة من الفضاء، بعد إبرام الاتفاق في حفل توقيعٍ في بكين، وبدأت هذه الأداة الهائلة بالعمل قبل بضعة أسابيع فقط، تحديداً يوم 25 من سبتمبر/أيلول 2016. كما ستعمل المنظمات معاً على تبادل خطة الرصد، وطرق البحث، والبيانات وكذلك سيقيمون سلسلة من الاجتماعات والمؤتمرات لتطوير أساليب البحث.
قال جون يان Jun Yan المدير العام لمؤسسة المراصد الفلكية الوطنية الصينية NAOC بأن التلسكوب فاست كونه أكبر أداة في العالم "سيكون واحداً من أقوى الأدوات المستعملة للبحث عن حياة ذكية محتملة خارج الكرة الأرضية".
وفقاً لتقرير إلكتروني نُشِر على صفحات الإنترنت للكاتب روبرت ويليامز Robert Williams وهو مهندس في الميكانيك في جامعة أوهايو، قال ويليامز في تقريره الذي يقارن فيه بين أريسيبو وفاست، أن الأداة الهائلة فاست أكثر حساسية من التلسكوب أريسيبو الذي كان سابقاً أضخم أداة مفردة، لكنه الآن ضئيل أمام صحن التلسكوب الصيني فاست الذي يبلغ قطر صحنه ضعف قطر صحن التلسكوب أريسيبو على حد قول ويليامز.
وقد صرحت وكالة الأخبار الصينية الرسمية شينخوا Xinhua في وقت سابق هذا العام بأن التلسكوب فاست مصنوع من 4450 لوحاً وبحجم يعادل ثلاثين ملعب كرة قدم، كما أضاف ويليامز بأنه على الرغم من أن مصفوفات من تلسكوبات متعددة يمكن أن تكون أكبر حجماً، إلا أن الأداة الجديدة تعتبر أكبر تلسكوب في العالم بفتحةٍ واحدة والذي يجب أن يكون قادراً على كشف إشارات قادمة من أماكن أبعد من تلك التي يستطيع كشفها التلسكوب أريسيبو.
صرح بيت ووردن Pete Worden المدير التنفيذي لبرنامج مبادرات الاختراق: "إن التلسكوب فاست أداة رائعة جداً وذي قوة لم يسبق لها مثيل، نحن في منتهى السعادة لكوننا متعاونين مع المراصد الوطنية الفلكية الصينية".
