100 منطقة جديدة: خريطة جديدة للدماغ قد تغير من فهمنا له

اكتشف الباحثون أن قشرة دماغنا (الطبقة الخارجية منه) تتكون من 180 منطقةً مختلفةً في كل شقٍ من شقي الدماغ. 
فعلى سبيل المثال، تُرينا الصورة هنا المناطق المتصلة بالحواس الثلاث الرئيسة، وهي السمع (بالأحمر)، واللمس (بالأخضر)، والبصر (بالأزرق)، وكذلك الأنظمة المعرفية (بالألوان الفاتحة والداكنة). 
هذه الخريطة مبنية على بياناتٍ جُمعت من التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي للمتطوعين خلال فترة الراحة، وقد أُجريت كجزءٍ من مشروع جملة الوصلات البشرية HCP. 


حقوق الصورة: Matthew Glasser, Ph.D., and David Van Essen, Ph.D., Washington University



 لكل منطقة في الدماغ بصمة خاصة، برمجية حديثة بإمكانها التقاط البصمة الخاصة بكل منطقةٍ من مناطق الدماغ تلقائيًا.

وضع الباحثون خريطةً لـ 180 منطقةً منفصلةً في الغطاء الخارجي لدماغنا، أو ما يُعرف بقشرة الدماغ، وهو أكثر من ضِعف عدد المناطق التي كانت معروفةً مسبقًا. 


كما طور الباحثون برمجيةً بإمكانها اكتشاف "بصمة" كلٍ من هذه المناطق في مسوحات الدماغ الخاصة بكل فردٍ بشكلٍ تلقائي، موَّلت هذه البرمجيةَ معاهدُ الصحةِ القوميةُ من خلال مشروع جملة الوصلات البشرية [1] (Human Connectome Project (HCP.


وتستطيع هذه البرمجية رسم خريطةٍ للمناطق بشكلٍ صحيحٍ عن طريق دمج البيانات الناتجة عن وسائل تصويرٍ متعددة، والهدف من استخدام عدة وسائل تصوير هو أن تعزز نتائجها بعضها بعضًا.

قال د.بروس كوثبيرت Bruce Cuthbert: "من المفترض أن تساعدنا هذه التبصرات والأدوات الجديدة على تفسير كيفية تطور قشرة دماغنا، وكذلك توضيح دور مناطقها المتخصصة فيما يتعلق بالصحة والمرض، كما قد تعدنا هذه النتائج بالحصول على دقةٍ غير مسبوقةٍ في العمليات الجراحية في الدماغ وفي الفحوصات الطبية"، د.بروس كوثبيرت هو المدير بالنيابة في المعهد القومي للصحة العقلية التابع للمعهد القومي للصحة، والذي شارك في البحث كجزء من الـ HCP.

تعرفت الدراسة على 97 منطقةً جديدةً في القشرة الدماغية في كل شقٍّ من شقي الدماغ (بدقة اكتشافٍ تبلغ 97%)، بالإضافة إلى التأكيد على المناطق الـ 83 التي كانت مكتشفةً من قبل.

نُشرت هذه النتائج في 20 تموز/يوليو 2016 في دورية Nature، وقد نشرها الحاصلون على منحة المعهد القومي للصحة العقلية، وهم د.ديفيد فان إيسين David Van Essen، ود.ماثيو غلاسير Matthew Glasser من جامعة واشنطن في سانت لويس، وزملاؤهم من ستة مراكز بحثيةٍ أخرى.

عادةً ما كانت تستخدم الدراسات السابقة التي كانت تدرس تنظيم القشرة الدماغية مقياسًا واحدًا فقط، مثل فحص النسيج الدماغي بعد الموت باستخدام المجهر، وكانت نتيجة هذه الطرق وجود مخططات تتباين من دراسةٍ لأخرى، وهذا ما أدى إلى نقصٍ في دقة المقارنة بين نتائج تصوير الدماغ.

وأوضح غلاسير، المؤلف الأول للدراسة: "هذا الوضع مشابهٌ لما هو الحال عليه في علم الفلك، حيث تنتج التلسكوبات الأرضية صورًا مضببةً نوعًا ما للسماء، وذلك قبل قدوم الحلول التكيفية لعلم الضوء وقبل قدوم التلسكوبات الفضائية".

بدأ فريق الـ HCP عملهم بغرض تبديد هذه الضبابية، عن طريق استخدامهم لوسائل متعددة من وسائل التصوير بالرنين المغناطيسي، بحيث تكون هذه الوسائل ذات ارتصافٍ دقيق، من أجل قياس التركيبة الهندسية والنشاط والارتباطية والطبوغرافية للقشرة الدماغية في 210 مشاركًا سليمًا. 


اشتملت هذه الدراسات على عدة مقاييس، منها سُمك القشرة الدماغية، ومحتوى القشرة من الميالين، والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في وقت الراحة وفي وقت أداء المهمة، وقد وثَّقت هذه القياسات بعضها بعضًا. 


والنتائج التي حصل الباحثون عليها، تأكدت كذلك عن طريق فحص عينةٍ من 210 متطوعًا سليمًا.

مع أن بعض مناطق القشرة الدماغية كانت موجودةً في أماكن غير اعتياديةٍ عند أقليةٍ من المشاركين، إلا أن الخوارزميات المبنية على البيانات والمدمجة في البرمجية كانت قادرةً على تحديد تموضع هذه الأماكن بنجاح، مع أن الدراسة اشتملت على مسوح بالرنين المغناطيسي الوظيفي لأشخاص يقومون بمهامٍ معينة، إلا أن الباحثين قرروا أن تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي في وضع الراحة، كافية من أجل وضع خريطةٍ للمناطق الدماغية في الدراسات القادمة باستخدام الأدوات التي قاموا بتطويرها. 


وذكر أحد كبار مؤلفي الدراسة "فان إيسين" أن بعض المناطق قد تكون لها أجزاء فرعية أو وحدات فرعية أكثر من مناطق أخرى في ضوء النتائج الجديدة.

وأضاف غلاسير: "هذه القابلية في تمييز الفروق الفردية في المناطق المختلفة في قشرة الدماغ من حيث الموقع والحجم والتوضع، وبالاعتماد على الفروق في نشاط هذه المناطق أو على اتصالات هذه المناطق، هي قابلية ستسهل علينا فهم كيف أن كل خاصية من خصائص هذه المناطق مرتبطةٌ بأسسٍ جينيةٍ وسلوكيةٍ لكل منها".
 


الملاحظات:



[1] جملة الوصلات connectome: وتعرف أحيانًا بالـ "كونكتوم" هي مجموعة الوصلات العصبية في دماغ الإنسان، وقد أعطيت هذا الاسم ﻷنها تمثل نظامًا مستقلًا بذاتها، وهي أكثر من مجرد مجموع الوصلات العصبية المفردة، فكما هو حال الجينوم، والذي يشير إلى أن نظام الجينات في جسم الإنسان ليس مجرد اصطفاف للجينات المفردة فحسب، بل هي نظام أكبر من ذلك.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات