هل تؤثر النيوترينوهات الشمسية على التحلل النووي على الأرض؟

يمكنك التعرف على مفهوم النيوترينو من خلال مقالنا السابق

تأثير الطاقة الشمسية: هل تؤثر النيوترينوهات من الشمس على تفكك بيتا على الأرض؟


وجد ثلاثة من الفيزيائيين في الولايات المتحدة الأمريكية دليلاً على أن النيوترينوهات تؤثر على معدلات التفكك الإشعاعي النشط على الأرض. في حين أن بحثاً سابقاً نظر في التقلبات السنوية لمعدلات التفكك. تقدم الدراسة الحديثة دليلًا جديداً عن التذبذبات التي تحدث ضمن ترددات من 11 إلى 12.5 دورة لكل سنة.

 

يُظهر التذبذب الأخير تطابقاً للأنماط في بيانات الكشف عن النيوترينو في مرصد سوبر كاميوكاندي Super-Kamiokande observatory، في اليابان. على أي حال هناك فيزيائيون آخرون غير مقتنعين بهذا الادعاء
.
إن فكرة تذبذب معدلات تفكك بيتا beta-decay مثيرة للغاية لأنه لأكثر من 80 عاما كان يُعتقد أن المواد عالية النشاط الإشعاعي تتبع نمطاً أسياً ثابتاً في التفكك، تحت جميع الظروف. إن نظرية ثبات التفكك غير المتغير وضعت من قبل ارنست رذرفورد Ernest Rutherford، وجيمس شادويك James Chadwick، وتشارلز إليس Charles Ellis في إشعاعات المواد عالية النشاط الإشعاعي والتي نشرت عام 1930.


في السنوات الأخيرة ومع ذلك، كان هناك اقتراحات بأن معدلات الاضمحلال ليست ثابتة وتتأثر بالشمس. في عام 2009 نشر علماء فيزيائيون من جامعة بوردو بولاية إنديانا ورقة تناقش التذبذات السنوية غير المفسرة في القياسات طويلة الأمد لمعدلات اضمحلال السيلكون 32 والكلور 36 في مختبر بروكهافن الوطني (BNL) في نيويورك والراديوم 226 في المعهد الفيزيائي التقني PTB في ألمانيا.

ليس ثابتا إلى ذاك الحد!


لاحظ الباحثون في جامعة بوردو أن معدلات التفكك في كلا التجربتين تبدو أسرع في وقت مبكر من السنة عندما تكون الأرض في أقرب موقع لها من الشمس. اقترحوا أن تذبذبات التفكك السنوي قد تعود للتغيرات السنوية لبعد الشمس عن الأرض، مع النيوترينوهات الشمسية التي تؤثر بطريقة أو بأخرى في معدلات التفكك.

على أي حال، واجهت هذه الفكرة بعضًا من الشكوك في مجتمع الفيزياء. جزء من هذا الانتقاد هو أن العوامل البيئية مثل درجة الحرارة المحيطة من المعروف أنها تؤثر قياسات معدل التفكك وربما تفسر التغيرات الموسمية. بينما أشار آخرون إلى أن النيوترينوهات تتفاعل مع جسيمات أخرى بشكل غير منتظم ولا يوجد آلية معروفة لتفسير التأثير المقترح على معدلات التفكك.


في البحث الأخير قام كل من بيتر ستوروك Peter Sturrock وهو فيزيائي تطبيقي في جامعة ستانفورد، وافرايم فيزباخ Ephraim Fischbach من جامعة بوردو، وجيفري سكارجل Jeffrey Scargle عالم الفيزياء الفلكية في مركز أبحاث اميس التابع لناسا، بعمل تحليلاً لطيف الطاقة وتحليلاً للطيف spectrogram analysis في مختبر بروكهافن الوطني (BNL) لبيانات السيلكون 32 والكلور 36.

 

كشفت الدراسة عن وجود تذبذبات عند ترددات 11 و12.5 دورة لكل سنة كما ورد في التقرير السابق عن التذبذب السنوي. حللوا أيضا بيانات خمس سنوات من القياس من مرصد سوبر كاميوكاندي ووجدوا تذبذبات مماثلة في تدفق النيوترينو السنوي. 

تذبذبات مماثلة


في بيانات مرصد سوبر كاميوكاندي، والتي تم جمعها بين عامي 1996 و2001، وجدوا أن التذبذبات تنحصر بين 12.5 و9.5 دورة لكل سنة. وقال الباحثون أن التذبذبات عند 12.5 قد تكون عائدة إلى دوران المنطقة الشمسية ذات النشاط الإشعاعي العالي، بينما التذبذب عند 9.5 ربما يعود لدوران نواة الشمس.


التذبذبات في معدلات التفكك وتدفق النيوترينو الذي يحصل عند 12.5 دورة لكل سنة يتطابقان مع بعضهما البعض. على كل حال التذبذبات عند دورات 9.5 (تدفق النيوترينو) و11(معدل التفكك) سنوياً من الصعب مطابقتها. وقال الباحثون أن تذبذبات 11 دورة لكل سنة قد يعود منشأها للمنطقة بين نواة الشمس والمنطقة النشطة إشعاعياً.


وقال ستورك لمجلة Physics World بأن فريقه كان الأول في "إظهار أنماط مماثلة في كل من بيانات التفكك وبيانات النيوترينو. أرى دليلاً على دوران الشمس الداخلي في كل من بيانات في مختبر بروكهافن الوطني ومرصد سوبر كاميوكاندي". ويضيف: "تُظهر المقارنة الطيفية لبيانات مختبر بروكهافين الوطني ومرصد سوبر كاميوكاندي تشابهاً ملحوظاً لبعضهما ولما نعرفه (من علم الزلازل الشمسية helioseismology) عن معدل دوران منطقة النشاط الإشعاعي الشمسي".

آلية غير معروفة


يقول ستورك أن الآلية وراء تأثير النيوترينوهات على معدلات تفكك بيتا غير معروفة. ويقول: "افترض أن النيوترينوهات تتفاعل مع بوزون W والذي يُعتقد أنه يتوسط في عملية تفكك بيتا". وفسر قائلاً: "لكن آمل أن بعض الفيزيائيين النظريين سيتولون أمر هذه المشكلة".


على أي حال هناك آخرون ما زالوا غير مقتنعين. يقول كارستن كوسيرت Karsten Kossert وهو فيزيائي في معهد PTB بأن بحثه الخاص مع آخرين على معدلات التفكك أظهر وجود "بعض التغيرات في بعض قراءات الأداة". وأضاف: "على أي حال حيث أن قياسات مختلفة و/أو تقنيات قياس تُظهر تغيرات مختلفة، فبإمكاننا استبعاد النيوترينوهات الشمسية كسبب رئيسي لهذه التغيرات". وأضاف: "في بعض الحالات أظهرنا علاقة واضحة بين العوامل البيئية – مثل الحرارة، والرطوبة، والضغط الجوي- وقراءات الأداة".


شارك كوسيرت مؤخراً في تأليف دراسة تبحث في بيانات معدلات التفكك من 14 مختبراً من جميع أنحاء العالم. وخلص التقرير إلى أن: "التغيرات الموسمية المرصودة يمكن أن تُعزى إلى عدم استقرار الأدوات" وأن "لا يوجد أيضا وجود للتغيرات خلال فترات أسابيع أو أشهر".


غير مقتنع


إن الدليل على أن نيوترينوهات تؤثر على معدلات تفكك بيتا "ليست مقنعة" وفقا لـ هاميش روبرتسون Hamish Robertson مدير مركز الفيزياء التجريبية النووية والفيزياء الفلكية في جامعة واشنطن، في سياتل. ويقول: "قدٍّمت الأدلة التي تدعم الفرضية، في حين أن غيرها من الأدلة التي لا تناسب الفرضية (على سبيل المثال: الدراسات طويلة الأمد لتفكك بيتا من التريتيوم) تم تجاهلها". وأضاف: "مطابقة التغيرات لواحدة من الظواهر الطبيعية تلو الأخرى سيقودك في نهاية المطاف لاستنتاج مذهل".


باتريك هابر Patrick Huber من جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، يردد هذا، قائلا أن: "الترابط لا يعني السببية". "وحتى لو افترضنا وجود هذا الاختلاف (في معدلات التفكك) فأنا لا أجد أي شيء في البيانات تشير إلى أن النيوترينوهات لها أي علاقة معها".


يضيف هابر إذا كانت التذبذبات حقيقية و "ليست بسبب الحقيقة الجميلة التجريبية"، فإن هذا يتطلب"فيزياء جديدة غير عادية وبالتالي سيحتاج إلى دليل غير عادي- حيث أن العمل الحالي لا يلبي ذلك". "وبشكل خاص لا يقدم أي اقتراحات لاختبار الفرضيات المطروحة أو إلى أين تذهب بعد ذلك لدراسة هذه المسألة". 


وصفت الدراسة في مجلة الفيزياء الشمسية Solar Physics.

عن المؤلف


مايكل ألين Michael Allen كاتب علوم، ومقره في بريستول، المملكة المتحدة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات