هل نعيش في وسطٍ ثنائي الأبعاد؟
تجارب جديدة لـمختبر فيرمي (Fermilab) ستقوم باختبار طبيعة الكون.
يعمل علماء Fermilab على الحُزم الضوئيّة كأساسٍ لاختبار الهولومتر (Holometer). سيستخدم الهولومتر مقياسيّ تداخل لاختبار فيما إذا كان الكون طيفاً ثنائيّ الأبعاد.
تجربة فريدة من نوعها أجريت في مختبر فيرمي الوطني للمسرعّات Fermilab بقسم الولايات المتحدة الأميركية، قالت بأن الهولومتر بدأ بجمع المعلومات التي ستجيب عن أسئلة محيّرة فيما يتعلّق بكونِنا –متضمّنة ما إذا كُنّا نعيش في هولوغرام.
بشكلٍ مشابه كثيراً لعدم معرفة الشخصيّات، التي تظهر على شاشة التلفاز، بأنّ عالمهم ثلاثيّ الأبعاد لا يوجد إلّا على شاشة ثنائية الأبعاد، سنكون جاهلين إذا ظننّا أن الفضاء الثلاثيّ الأبعاد مجرد وهم. الحقيقة أن المعلومات عن كل شيء في كونِنا يمكن أن تكون موضوعةً في صناديق صغيرة تمتلك بعدين.
اقترب بشكل كافٍ من شاشة تلفازك وسترى عندها البيكسلات pixels، وهي نقاط صغيرة من المعلومات تكوّن صورةً تشاهدها إذا ابتعدت عن التلفاز. يعتقد العلماء أن معلومات الكون قد تكون مجمّعة بالطريقة ذاتها وأن الحجم الطبيعي للبيكسل الموجود في الفضاء تقريباً هو أصغر بـ 10 تريليون تريليون مرّة من الذرّة، وهي مسافة يشار إليها في الفيزياء بطول بلانك (Planck scale).
"نريد أن نعرف فيما إذا كان للزمان والمكان نظاماً كموميّاً كما هي الحال مع المادة"، حسبما قال كريغ هوغان (Craig Hogan)، مدير مركز Fermilab لجسيمات الفيزياء الفلكيّة( Fermilab’s center for Particle Astophysyics ) ومطوّر نظرية الضجيج الهولوغرافي(The holograph noise theory)، ويضيف: "إذا رأينا شيئاً، سوف يغير هذا تماماً الأفكار عن الفضاء الذي استخدمناه لآلاف السنين".
تقترح النظرية الكمومية أنه من الممكن معرفة كلٍ من المكان المحدّد والسرعة المحدّدة للجسيمات دون الذريّة. إذا كان الفضاء يأتي في قطع ثنائية الأبعاد مع معلومات محدودة عن الموقع المحدد للأشياء، سيكون عندها الفضاء بحد ذاته خاضعاً للنظرية ذاتها من الشكّ. بنفس الطريقة التي تستمر بها المادة بالاهتزاز (كموجات كمومية) حتّى عندما تبرّد لتصل إلى درجة الصفر المطلق، هذا الفضاء المتحوّل لابد أن يخلق اهتزازات حتّى في أقلّ أوضاعه الطاقيّة.
بشكل أساسي، تحصي هذه التجربة الأبعاد الحقيقية لمقدرة الكون على جلب المعلومات. إذا كان هناك رقم محدّدٌ من القطع التي تدلك على مكان وجود شيء ما، تصبح بالنهاية قادرة على إيجاد معلومات أكثر تحديداً عن الموقع – حتى في القاعدة. الأداة التي تختبر الأبعاد الثلاث هي هولومتر مختبر فيرمي Fermilab’s holometer، أو ما يسمّى بمقياس التداخل الهولوغرافي، وهي الأداة الأكثر حساسيّة التي تمّ صنعها لقياس الاهتزاز الكمومي للفضاء نفسه.
للعمل الحاليّ بالطاقة الكاملة، يستخدم الهولومتر زوجاً من المقاييس التي توضع واحداً إلى جانب الآخر. كل منها ترسل حزمة ليزر بحجم واحد كيلو وات (مساوية ل200.000 إشارة ضوئيّة) على مقسّم ضوئيّ تحت خطين عاموديين بطول أربعين ذراعاً. يرتدّ الضوء بعد ذلك عودةً إلى المقسّم الضوئي حيث تتوحّد الحزمتان ثانيةً، مشكلةً بذلك تذبذباً في السطوع إذا كان هناك حركة. حلل العلماء هذه التذبذبات في الضوء الراجع ليروا إذا كان المقسم الضوئي يتحرّك في الوقت ذاته – بحيث يكون محمولاً باهتزازٍ كموميّ للفضاء ذاته.
يُتوقّع من الضجيج الهولوغرافي أن يكون موجوداً عند كل التردّدات، لكن تحدّي العلماء هو ألّا يتمّ خداعهم بمصادر الاهتزازات. يقوم الهولومتر باختبار التردد بفعالية عالية – ملايين الدورات خلال الثانية- حركات المحتوى العادي لا تسبّب المشاكل. بالأحرى، خلفية الضجيج المسيطرة هي غالباً ناتجة عن موجات الراديو المنبعثة من الالكترونيات المجاورة. اختبار الهولومتر مصمم لاكتشاف و إزالة الضجيج من مصادر مشابهة.
قال عالم مختبر فيرمي وقائد البحث ورئيس مشروع الهولومتر الفيزيائيّ آرون شو (Aaron Chou):"إذا وجدنا ضجيجاً لن نستطيع التخلص منه، ربما نقوم باكتشاف شيء أساسي حول الطبيعة – ضجيج مرتبط بالزمكان، إنها لحظة مهمّة للفيزيائيّين. نتيجة إيجابيّة ستفتح طريقاً جديداً من الأسئلة عن آلية عمل الفضاء"
تمّ تمويل اختبار الهولومتر من قبل مكتب الطاقة للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية The US department of Energy Office of Science ومصادر أخرى.