نمو عين ثالثة لخنافس معدلة جينيًا

عندما أوقف العلماء عمل الجين المسؤول عن نمو رؤوس الخنافس، أنتجت بعض الخنافس عينًا إضافية فعالة في منتصف رؤوسها. حقوق الصورة: Eduardo Zattara.

عندما أوقف العلماء عمل الجين المسؤول جزئيًا عن نمو وتشكل رؤوس خنافس الجعران scarab beetles، فقست الحشرات مع مجموعة إضافية من العيون المركبة في منتصف رؤوسها، والتي تجمعت أحيانًا مع بعضها البعض لتشكيل عينًا واحدة كبيرة. والآن، اكتشف العلماء أنّ العيون الإضافية تعمل في الواقع.

في العام الماضي، اكتشف علماء الأحياء من جامعة إنديانا كيف أن الجين الذي يُدعى أورثودنتيكل orthodenticle منع خنافس الجعران من إنماء هذه العيون الإضافية أثناء نموها. عندما عطل علماء الأحياء ذلك الجين، نمت للخنافس عينٌ إضافيةٌ (أو زوج من العيون).

إنها ممارسة شائعة في العلم: حيث يتعلم العلماء كيف تعمل الأشياء عن طريق تفكيكها وتعطيلها ومن ثم ملاحظة التغيرات الطارئة.

في تجربة جديدة نُشرت في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2017 في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، استخدم نفس الفريق المجاهر الإلكترونية للكشف عن التركيب المعقد للعيون الجديدة، بما في ذلك علاقتها بالجهاز العصبي للخنافس. لم تكن هذه العيون مجرد هياكل زخرفية أو زائدة على رأس الخنافس، بل يمكن للحشرات أن تستخدم عيونها الجديدة.

يخبر أرمين موزيك Armin Moczek عالم الأحياء في جامعة إنديانا والمؤلف الرئيسي للورقة العلمية، موقع Live Science: "بدأ هذا المشروع باكتشاف عرضي، حيث خطط الباحثون للتعرف على الطريقة التي تُحدد فيها الجينات المختلفة بنية رأس خنفساء الجعران. لكننا حصلنا على عين إضافية وهو أمرٌ لم يكن متوقعًا أبدًا".

عمل العلماء لسنوات على تعديل جينات الحيوانات لإنماء أجزاء غير عادية على أجسامها أو لإنشاء حيوانات جديدة كليًا، حيث تتراوح هذه التعديلات من إنماء أذنٍ بشرية على ظهر فئران التجارب إلى إنماء كوميرا بشريةٍ خنزيرية، ولكن هذه العيون الإضافية نمت من تلقاء نفسها، فبدلًا من إنماء العيون عمدًا، تعين على العلماء إلغاء التدابير الوقائية التي بنيت في الشفرة الوراثية للخنفساء.

يخبر إدواردو زاتارا Eduardo Zattara، وهو عالم أحياءٍ عمل في مختبر موزيك وهو المؤلف الرئيسي للبحث، والذي عاد مؤخرًا إلى الأرجنتين لمتابعة البحث البيئي، موقع Live Science: "كان هناك بُنية غريبة في منتصف رأس الخنفساء، وعندما تفحصناها عن كثب، أدركنا أنها تبدو كثيرًا مثل العيون المركبة التي عادةً ما تكون موجودةً على جانبي رؤوس الخنافس".

في حين يمكن إنماء عيونٍ إضافيةٍ على رؤوس ذبابة الفاكهة بطريقة مماثلة، فإن الآليات الوراثية الإضافية تمنع تلك العيون من الاندماج مع النظم العصبية للذباب لتوفير رؤية إضافية. حيث تكون الأعين ناميةً بشكلٍ كامل، ولكن بدون أن تكون مربوطة بالدماغ، وبالتالي لا تنقل أيّ معلوماتٍ بصرية.

ولمعرفة ما إذا كانت العيون الإضافية للخنفساء تعمل، أخذ الباحثون الحشرات في مرحلة اليرقات ودمروا الخلايا التي من شأنها أن تؤدي لإنماء عيونها النموذجية، ثم قاموا بتحفيز العيون الجديدة بالضوء، ولاحظوا أنّ الخنافس أخفضت رأسها أو حركته بعيدًا عن أشعة الضوء، تمامًا مثل الخنافس العادية، وذلك وفقًا للبحث الجديد. ولأن العيون الزائدة وفرت مدخلات حسية للخنافس، فهذا يعني أن الأعين التي شُكلت حديثًا قد اتصلت مع الجهاز العصبي المركزي للحشرة.

يقول موزيك إنّ النتائج يمكن أن تساعد في تفسير الطريقة التي تُحدد بها هذه الشيفرات الجينية طريقة تشكل الهياكل وكيفية تناسبها مع بعضها البعض.

يأمل فريقه أيضًا في أن ظهور هذه الهياكل المعقدة الناتجة عن التلاعب الجيني البسيط قد يُسلط الضوء على كيفية تطور التراكيب مثل العينين فى المقام الأول. وكما أوضح موزيك، يحتاج الأمر لشيفرةٍ جينيةٍ كاملةٍ لدى الكائن الحي لإنماء أعضاءٍ معقدة مثل العينين أو الأدمغة، لكن العين الأولى التي ظهرت في مملكة الحيوان بأكملها نشأت من إعادة تنظيم المكونات الوراثية الموجودة.

يقول زاتارا: "هناك شعورٌ عامٌ بين كثيرٍ من الناس في أنّ تطور سمةٍ معقدةٍ يتطلب تغييراتٍ معقدةٍ على المستوى الجيني. تؤكد نتائجنا على العديد من الاكتشافات الأخرى التي تفيد بأن هذا ليس هو الحال بالضرورة"، موضحًا كيف أنّ التلاعب بجينٍ واحد فقط أدى إلى ظهور تراكيب وظيفية جديدة تتعارض مع ما توقعه العديد من العلماء. ويقول موزيك: "أعتقد بأنه يُعاد تجميع قطع الليغو القديمة من جديد".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات