طريقة واعدة لهزم البعوض

وجد باحثو جامعة كاليفورنيا ريفرسايد (UC Riverside) ضعفًا في جينات البعوض يمكن استخدامه للقضاء على الحشرات. حقوق الصورة: جيمس غاثاني، سي دي سي (James Gathany, CDC).

 
البعوض رائع في أمرين: جلب البؤس للبشر، وإحباط كافة محاولاتهم في القضاء على هذه الحشرات. ولكن وجد الباحثون في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد نقطة ضعف في الجينات التي تجعل البعوض جيدة جدًا في التكيف مع المبيدات الحشرية التي يستخدمها البشر عليهم للقضاء عليهم.
 
يقول كولينس كامدم Colince Kamdem، باحث ما بعد الدكتوراه في علم الحشرات من جامعة كاليفورنيا، إن القدرة على التكيف هي أداة حيوية للبقاء بالنسبة لمعظم الأنواع. حيث قال: "أحد المزايا الرئيسية للبعوض هو أنها متعددة الأشكال للغاية، مما يعني أن لديهم كمية عالية من التنوع الطبيعي، ميزة رائعة وتساعد في التكيف مع الظروف المختلفة".
 
درس كامدم وزملاؤه بتعمق كروموسومات أنواع متعددة من البعوض المعروف والذي يدعى أنوفيليس فونيستوس Anopheles funestus على أمل فهم أفضل لقدرات التكيف السريع. وقد اختاروا هذا النوع بسبب تأثيره الكبير في نشر طفيليات الملاريا الأكثر فتكًا في قسم كبير من أفريقيا جنوبالصحراء الكبرى.
 
وقد اكتشف الباحثون أن التنوع الوراثي الذي يجعل البعوض قابل للتكيّف في المقام الأول موجود على ذراع صبغي واحد فقط من أصل خمسة أذرع صبغية في بعوض الفونيستوس. وقال كامدم إن الأذرع الأربعة الأخرى من الكروموسوم مستقرة نسبيًا ولا تتغير، مما يعني أنها يمكن أن تكون مرشحة ممتازة للهندسة الجينية.
 
وقد أظهرت أنظمة القيادة الجينية Gene drive systems نتائج واعدة لإضافة الجينات المفيدة أو المدمرة إلى مجموعة قابلة للتوريث، وهذا يعني استمرار التغييرات مع ذرية جديدة. في حالة فونيستوس، سيكون الهدف هو إبادة هذا النوع من البعوض عن طريق التلاعب بجيناته.
 
يكمن جمال أنظمة القيادة الجينية في أن التغيرات ستبقى ضمن الأنواع المستهدفة، تاركة أنواع أخرى من البعوض سليمة، دون استخدام مبيدات حشرية، والتي يبدو أن البعوض يتكيف معها بسرعة خلال بضع سنوات فقط.
 
لكن هناك مشكلة، فقد وجد الباحثون أن المسارات الجينية الجديدة يمكن أن تنهار إذا حدثت طفرات في الجين المستهدف. وهذا يعني أنه يجب أن تُدمج الجينات الجديدة مع مقادير من الجينوم والقليل جدًا من الاختلافات الجينية الدائمة، مما يؤدي إلى منح مستويات متدنية من إعادة التركيب أو تعدد الأشكال. هذا هو السبب في أن كامدم وفريقه متحمسون جدًا لاكتشافاتهم.
 
يقول كامدم: "نحن نبحث عن نقاط ضعف في التعداد الطبيعي للبعوض الذي يجعلها مناسبة لتقنيات محددة، مثل التلاعب الجيني. نحن واثقون جدًا من أننا عثرنا على الوسيلة المناسبة لإيجاد نقاط الضعف".
 
موقع تربية نموذجية من يرقات أنوفيليس فونيستوس في أفريقيا. حقوق الصورة: جامعة كاليفورنيا - ريفرسايد UC Riverside.
موقع تربية نموذجية من يرقات أنوفيليس فونيستوس في أفريقيا. حقوق الصورة: جامعة كاليفورنيا - ريفرسايد UC Riverside.
 
الأذرع الصبغية الأربعة الموجودة في فونيستوس مستقرة نسبيًا، مع مستويات منخفضة جدًا من إعادة التركيب وتعدد الأشكال "(هذا) ما يجعل النوع مناسب بشكل خاص لعمل القيادة الجينية"، حسب قول كامدم.
 
ولدى كامدم، وهو مواطن من دولة الكاميرون الأفريقية، تجربة شخصية مع مرض الملاريا المدمر، وهو مرض تسببه طفيليات بلاسموديوم Plasmodium ينتقل إلى الناس من خلال لدغة أنثى بعوض الأنوفيل Anopheles المصابة.
 
في عام 2015، كان هناك 212 مليون حالة إصابة بمرض الملاريا في جميع أنحاء العالم، ونحو 429,000 حالة وفاة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية WHO. وأوردت المنظمة أن ما مجموعه 91 بلدًا، أي ما يقرب من نصف سكان العالم، معرضون لخطر الإصابة بالملاريا، بما في ذلك السكان في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية، ولكن أفريقيا، وخاصة أفريقيا جنوب الصحراء، كانت موطنًا لنسبة 90% من حالات الملاريا، و92% من الوفيات الناجمة عن الملاريا في عام 2015.
 
التقى كامدم أثناء إجراء الأبحاث في الكاميرون زميلَه الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا كارولين فويت Caroline Fouet، وعالم الحشرات البروفيسور برادلي ج. وايت Bradley J. White، الذي يعمل الآن مع مشروع غوغل فيريلي ليف سينسس Google's Verily Life Sciences للقضاء على البعوض.
 
وقد عمل الثلاثة معًا على هذا البحث، وعلى الرغم من أن النتائج واعدة، لكن هناك الكثير من العمل يجب القيام به قبل أن يبدأ علماء الجينات في التلاعب بجينوم البعوض، كما يقول كامدم. المرحلة التالية من أبحاثهم تنطوي على دراسة معمقة للجينات في تلك الأذرع الصبغية المستقرة لتوفير خريطة تفصيلية لعلماء القيادة الجينية.
 
يقول كامدم: "مع التقنيات التي نطبقها حاليًا، سيكون الحل أكثر فعاليةً مما توصلنا إليه حتى الآن. يمكن لمستوى التفاصيل أن يحدد مواقع الجينات المختلفة، لذلك سنكون قادرين على توفير مستوى استثنائي من التفاصيل حول بروتوكول الجينات".
 
يحذر كامدم من أن التلاعب الجيني لديه أيضًا بعض العقبات التي يجب التغلب عليها قبل أن يكون خيارًا قابلًا للتطبيق في الحرب ضد الأمراض التي تنتقل عن طريق الحشرات، يأمل كامدم بعد سنوات بمشاهدة جينومات البعوض تتكيف بسرعة مع مجموعة متنوعة من المبيدات الحشرية الجديدة، في إمكانية استخدام الجينات وأنظمة القيادة الجينية للتغلب على قدرة الفونيستوس الفطرية في التكيف والبقاء على قيد الحياة.
 
نُشرت النتائج التي توصلوا إليها "الأنماط متعددة الأشكال في ذراع الصبغي مترابطة مع الانقلابات الصبغية في ناقلات الملاريا الأفريقية الرئيسية، أنوفيلس فونستوس"، نُشرت في مجلة علم البيئة الجزيئية يوم 21 آب/أغسطس.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات