المصابيح المتوهّجة القديمة تدخر الطاقة في طرازها الجديد

نوع جديد من المصابيح المتوهجة يعيد تدوير فوتونات الأشعة تحت الحمراء لتحويلها إلى ضوء مرئي.


حقوق الصورة : O. Ilic et al./MIT


سيكون توماس اديسون سعيدًا فقد توصل الباحثون إلى وسيلة لتحسين كفاءة أختراعه الذي يحمل توقيعه بشكل كبير ألا وهو (المصابيح المتوهجة) . يستخدم النهج الجديد المرايا المعدلة بالهندسة النانوية لإعادة تدوير الكثير من الحرارة التي ينتجها السلك الحراري وتحويلها إلى ضوء مرئي إضافي. لا يزال الجيل الجديد من هذه المصابيح بعيداً عن كونه منتجاً تجارياً، ولكن كفاءتهم هي بالفعل قريبة من مصابيح ليد LED التجارية، في حين لا تزال تحافظ على طراز قديم من التوهج الدافئ .


يقول شون يو لين Shawn-Yu Lin، مهندس كهربائي وخبير بصريات في معهد رينسيلار للفنون التطبيقية في تروي\ نيويورك: "هذا عملٌ جميل". ويلاحظ هو وآخرون أن هناك مجالاً واسعاً لمواصلة تحسين المرايا، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى رفع كفاءة المصابيح إلى ما هو أبعد مما هو ممكن مع تقنيات الإضاءة الحالية.

 

ولأن الإضاءة تستهلك 11٪ من الكهرباء في الولايات المتحدة، فإن أي تحسن في هذا القبيل يمكن أن يقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة، وبالتالي، انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تسهم في تغير المناخ.


وقد تغيرت إضاءة هذه المصابيح قليلا منذ قيام أديسون بأول محاولة لجعلهم بغاية الإتقان . تعمل المصابيح عن طريق إرسال الكهرباء من خلال سلك تنغستن مُلتوٍ. وكلما زاد المسار الملتوي طولاً كلما زادت المقاومة الكهربائية التي تواجهها الإلكترونات المنتقلة، وبالتالي ترتفع حرارة السلك إلى حوالي 3000 كيلفن. و عند درجة الحرارة هذه، يشع السلك بالضوء الأبيض المائل للاصفرار الذي نتوقعه من مصابيح الإضاءة.


ومع ذلك، لا ينبعث سوى حوالي 2٪ من الطاقة التي تُغذى إلى المصابيح المتوهجة كأطوال موجية مرئية. يكون معظم إنتاج هذه المصابيح على شكل أشعة تحت الحمراء بأطوال موجية أطول تُهدر كحرارة. تعمل التكنولوجيات الأخرى بشكل أفضل إلى حد ما. فالمصابيح الفلورية المدمجة عادة تصل كفاءتها إلى ما بين 7٪ و 13٪. أما في مصابيح ليد فتكون بين 5٪ و 15٪. ولكن حتى الآن، هذه الأنواع من المصابيح واجهت صعوبة في إنتاج الضوء الأبيض الدافئ الذي يفضله معظم المستهلكين.


وقد حاول الباحثون تعزيز كفاءة بعض بواعث الضوء عن طريق نحت سطح المواد التي ينبعث منها بتصاميم هياكل نانوية لإطلاق المزيد من الطاقة كضوء مرئي. ولكن مع المصابيح المتوهجة، تُسبب درجة الحرارة الحارقة لأسلاك التنغستن، إلى انهيار هياكل النانو بسرعة.


وبدلا من ذلك، قام باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT في كامبريدج، بقيادة الفيزيائيين أوغنين إيليك Ognjen Ilic ومارين سولجاسيتش Marin Soljačić وجون جوانوبولوس John Joannopoulos، برفع كفاءة المصابيح المتوهجة بمساعدة مادة مُهيكَلة بشكلٍ معقدّ، تسمى البلورة الضوئية photonic crystal التي تتموضع بعيداً عن الأسلاك وتبقى أكثر استقراراً.

 

البلورات الضوئية يمكن أن تكون بمثابة مُرشحات ومرايا على حد سواء، مما يسمح لبعض موجات الضوء بالمرور من خلالها في حين تعكس أُخرى. لذا قام فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بإنشاء بلورات ضوئية تسمح للضوء المرئي بالمرور في حين يعكس فوتونات الأشعة تحت الحمراء. كان الأمل من ذلك أن الأسلاك ستعيد امتصاص فوتونات الأشعة تحت الحمراء، والتي من شأنها أن تعيد إشعاع بعض من هذه الطاقة كضوء مرئي.


ولإنشاء بلوراتهم الضوئية، بدأ الباحثون بألواح زجاجية ملليمترية، وضعوا خلالها 90 طبقة متناوبة من أكسيد التنتالوم وثاني أكسيد السيليكون. اختير هذا المزيج لأنه يعكس ضوء الأشعة تحت الحمراء ويُبقي الفوتونات المرئية. اعتمد الفريق على نمذجة واسعة النطاق باستخدام الكمبيوتر لتحديد المقدار المطلوب لسُمك الطبقات.


كما اضطروا إلى إعادة تصميم إسلاك التنغستن . بدلا من سلك ملتف، قام الباحثون بطوي شريط تنغستن رقيق ذهابا وإيابا، مكونين ما يشبه صحيفة تنغستن رقيقة. بهذه الطريقة لا تزال تتبع الإلكترونات مساراً دائرياً طويلا، ضامنة أنها تواجه مقاومة كهربائية عالية، وبالتالي تسخين المعدن وتوهجه. وكلما كانت مساحة ورقة التنغستن أكبر سيكون من الأسهل على المعدن استيعاب المزيد من فوتونات الأشعة تحت الحمراء التي تعكسها البلورات الضوئية المذكورة.

قام الفريق بإحاطة باعث التنغستن (صفيحي الشكل) بطبقتين من البلورات الضوئية المطلية بالزجاج وتم تشغيل الطاقة. كما ذكر الباحثون في مجلة طبيعة تقنية النانو Nature Nanotechnology ، سمحت البلورات تقريباً لكل الضوء المرئي بالمرور من خلالها ولكنها عكست غالبية فوتونات الأشعة تحت الحمراء للعودة إلى الباعث، حيث تم إعادة امتصاصها. وقد أدت إعادة تدوير الطاقة في النهاية إلى تحسين كفاءة المصباح إلى 6.6٪، أي ثلاثة أضعافها في المصابيح التقليدية..

 

لا يزال هذا في الحد الأدنى من نطاق الكفاءة لمصابيح الفلورسنت المدمجة ومصابيح ليد. ومع ذلك، يقول أليخاندرو رودريغيز Alejandro Rodriguez، وهو مهندس كهربائي وخبير في مجال البلورات الضوئية في جامعة برينستون: "أعتقد أن بإمكانهم أن يفعلوا أفضل من ذلك". ويلاحظ أيضاً رودريجيز أن مرايا الكريستال الضوئية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من المرجح أن تكون أكثر كفاءة في عكس ضوء الأشعة تحت الحمراء إذا شملت أنواعاً إضافية من المواد والهياكل الأكثر تعقيداً.ومع ذلك، يقول: "هذه خطوة أولى لطيفة"


يقول العالمان إليك و سولجاسيتش أن مع مزيد من الهندسة قد يكون من الممكن حتى الوصول إلى كفاءة مقدرة بحوالي 40٪، وهو ما يتجاوز ما تحققه مصابيح ليد المتاحة تجاريا. إنهم يبحثون في استخدام نهج مماثل لتحسين كفاءة تحويل الطاقة الكهربائية من الأجهزة المسماة ثيرموفوتوفولتايكس thermophotovoltaics، والتي تستخدم أشعة الشمس لتسخين التنغستن بحيث ينبعث الضوء في الطول الموجي الذي يتم تحويله بكفاءة إلى طاقة كهربائية عن طريق الخلايا الشمسية.

 

ولكي يتمكن أي من التطبيقين من النجاح، يجب على الباحثين أن يظهروا أنهم قادرون على صنع وإعادة تدوير الفوتونات بتكلفة زهيدة بما يكفي لجعل العملية مُجدية. إذا أوفى النهج الجديد بوعده، فإن الضوئيات المتطورة يمكن أن تعطي أسلاك إديسون المتوهجة دوراً جديداً في الحياة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات