العلاقات الاجتماعية هي سبب كبر حجم الدماغ في الإنسان

يقترح الباحثون أن اتخاذ الإنسان لقراراتٍ معقدةٍ تتعلق فيما إذا كان سيساعد شخصًا ما أو لا، قد تكون السبب وراء الحجم الكبير نسبيًا لحجم دماغ الإنسان.

 

يقترح بعض الباحثين أن البشر طوروا على مر الزمان دماغًا كبيرًا نسبيًا، نتيجةً للعلاقات الاجتماعية التي يساعد فيها بعضنا بعضًا في المجموعات الاجتماعية الكبيرة.

يقترح فريقٌ يقوده علماء حاسوب في جامعة كارديف، أن التحدي القائم على الحكم بموقف الشخص الآخر وتقرير التعاون معه أو لا، كان هو السبب في تحفيز التوسع السريع لحجم دماغ الإنسان على مدى المليوني سنة الماضية.

في دراسةٍ نشرت في دورية Scientific Reports في 12 آب/أغسطس 2016، وجد الفريق (والذي يضم أيضًا البروفيسور روبين دونبار Robin Dunbar وهو اختصاصي بعلم النفس التطوري من جامعة أكسفورد) بشكلٍ خاصٍّ أن التطور يؤثر على أولئك الذي يفضلون مساعدة الآخرين الذين يكونون بنفس مستوى النجاح على الأقل.

قال المؤلف الأول للدراسة البروفيسور روجر ويتاكر Roger Whitaker من كلية علوم الحاسب والمعلوميات في جامعة كارديف: "تشير نتائجنا إلى أن تطور التعاون، والذي يعتبر ميزةً أساسيةً لازدهار المجتمعات، يرتبط بشكلٍ جوهريٍّ بفكرة المقارنة الاجتماعية، وهو ما أدى لأن يتسبب البشر أنفسهم في زيادة حجم أدمغة بعضهم بعضًا، وذلك بأن يقرروا ما إذا كانوا سيساعدون الآخرين أم لا".

"أثبتنا سابقًا أن التطور، وبمرور الزمن، يفضل الاستراتيجيات التي تؤدي إلى مساعدة أولئك الذين يكونون بنفس مستوى نجاح الفرد على الأقل".

استخدم الفريق في الدراسة التي نشرها "النمذجة الحاسوبية computer modeling" من أجل تشغيل مئات الآلاف من المحاكيات simulations، أو بعبارةٍ أخرى "ألعاب التبرع"، من أجل كشف التعقيدات التي تتسم بها استراتيجيات اتخاذ القرار على بشرٍ بسطاء (في النموذج)، وكذلك لمعرفة لماذا تتقوى بعض أنواع السلوك بين الأفراد بمرور الزمن.

في كل جولة من لعبة التبرع، اختير لاعبان من مجموع اللاعبين في النموذج، ثم يقرر اللاعب الأول ما إذا كان يريد التبرع للاعب الآخر، وذلك بناءً على كيفية حكم اللاعب الأول على سمعة الثاني، إذا اختار اللاعب أن يتبرع، فإن ذلك يكلفه مالًا ويعود بالنفع على الآخر. وبعد ذلك تُحَدَّثُ سمعة كل لاعبٍ بحسب أفعالهم (فكل لاعب يتبرع، تتحسن سمعته)، ومن ثم تبدأ لعبةٌ أخرى.

بالمقارنة مع الأنواع الحية الأخرى، ومن ضمنهم حيوانات الشمبانزي، فإن الدماغ يمتلك وزنًا كبيرًا في البشر، كما أن البشر يمتلكون قشرةً دماغيةً تعتبر الأكبر من بين كل الثدييات، مقارنةً بحجم الدماغ، أما الدماغ فيتكون من نصفي كرة مخِّيَّين مسؤولين عن الوظائف العليا، كالذاكرة والتواصل والتفكير.

يقترح فريق البحث أن القيام بالأحكام النسبية عن طريق مساعدة الآخرين كانت ولا تزال ذات أثرٍ كبيرٍ على بقاء الإنسان، وأن التعقيدات التي تصاحب تقدير الإنسان للأشخاص من حوله لطالما كانت مهمةً صعبةً بشكلٍ كافٍ بحيث تحفز توسع الدماغ على مر الأجيال.

قال البروفيسور روبن دونبار، والذي سبق وأن اقترح نظرية الدماغ الاجتماعي social brain hypothesis: "بحسب نظرية الدماغ الاجتماعي، فإن الحجم الكبير نسبيًا للدماغ في البشر سببه تطور البشر في مجموعاتٍ اجتماعيةٍ كبيرةٍ ومعقدة".

صورة توضيحية. حقوق الصورة: NeuroscienceNews.com
صورة توضيحية. حقوق الصورة: NeuroscienceNews.com


"يدعم بحثنا الجديد هذه النظرية، ويوفر دلائل على الطريقة التي يكون بها للتعاون والثواب دورٌ فعالٌ في تطور الدماغ، ما قد يشير إلى أن التحدي القائم على تقييم الآخرين قد يكون متعلقًا بسبب كِبَر حجم الدماغ في الإنسان".

بحسب فريق البحث، قد يكون لهذا البحث تضميناتٌ أخرى في المستقبل في مجال الهندسة، وبالتحديد عند الآلات الذكية والمستقلة، والتي سيكون عليها أن تقرر كم من الكرم عليها أن تبدي تجاه بعضها البعض خلال تعاملها فيما بينها، ولو لمرةٍ واحدة.

وبحسب البروفيسور ويتاكر: "يمكن تنفيذ النماذج التي نستخدمها على شكل خوارزمياتٍ قصيرةٍ تدعى الخوارزميات التجريبية heuristics، ما يتيح للأجهزة أن تتخذ قراراتٍ سريعةً حول تصرفاتها التعاونية".


"سيكون على التقنيات المستقلة الجديدة، كالشبكات اللاسلكية المنتشرة أو السيارات التي تسير بدون سائق، أن تدير تصرفاتها بنفسها، ولكن في نفس الوقت، عليها أن تتعاون مع الآخرين ضمن البيئة التي تكون موجودةً فيها".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

اترك تعليقاً () تعليقات