يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
أداة تشخيصية جديدة بفضل 1800 سجين سيكوباثي

توصل باحثون إلى منهج جديد لتقييم السيكوباثية (الاعتلال النفسي).

المصدر: جامعة هدرسفيلد University of Huddersfield


بعد الانتهاء من مشروع بحثي ضخم تضمن سجناء في سجون ذات حراسة مشددة، توصل عالم نفس في جامعة هدرسفيلد إلى أداة قياس جديدة لتقييم السيكوباثية (الاعتلال النفسي).

 

كان هدف الدكتور دانييل بودوشيك Daniel Boduszek الخروج بمقياس يُمكّن من الوقوف على حقيقة السيكوباثية بمعزل عن تأثير أي سمات ذات علاقة بخلفية أفراد العينة، كتاريخهم الإجرامي مثلاً. ولأن السيكوباثيين، والذين يتصفون بالمخادعة والأنانية، يوجدون ويظهرون في الكثير من مرافق الحياة عامة وبيئة العمل خاصة، ظهرت الحاجة لما يصفه الدكتور بودوشيك في مقاله الجديد بـ "مقياس شخصية واضح يستخدم لقياس السيكوباثية بمعزل عن أي عناصر سلوكية". ومن شأن ذلك تمكين الباحثين من تعميم النموذج على فئات أكبر من الناس، بغض النظر عن تاريخهم الإجرامي.

لذا، وعلى الرغم من أن الدكتور بودوشيك وزملاؤه الباحثين كانوا قد أجروا الدراسة على 1,794 سجيناً في عشرة سجون مختلفة، إلا أن السلوك الإجرامي والمعادي للمجتمع في المتطوعين لم يكن عاملاً أساسياً حين سُئِلوا عن مدى موافقتهم على عشرين عبارة كانت جزءاً من مقياس سمات الشخصية السيكوباثية Psychopathic Personality Traits Scale واختصاراً PPTS، والذي كان من إعداد الدكتور بودوشيك وهو قارئ في علم النفس الإجرامي في جامعة هدرسفيلد.

وأُدرجت قائمة كاملة بالعبارات الواردة في هذا المقياس والذي يعد مقياساً يعتمد على الإبلاغ الذاتي في المقال الجديد للدكتور بودوشيك والباحثين المشاركين الذي نُشر في المجلة الدورية Journal of Criminal Justice.

وفيما يلي بعض هذه العبارات الواردة في المقياس: "لا يهمني إن تسببت بمضايقة أحدهم للحصول على ما أريد، وأميل للتركيز على أفكاري الشخصية أكثر مما يفكر به الآخرون"، و"رؤية الناس يبكون لا تضايقني"، و"في العموم، أنا على استعداد لمساعدة الآخرين إن كان ذلك سيعود علي بالنفع". و"أقوم أحياناً باستفزاز الآخرين عمداً لرؤية ردود أفعالهم".

والهدف من مقياس PPTS هذا -والمُعد حديثاً- هو التركيز على عوامل رئيسة كان أول من وصفها في الأربعينيات من القرن العشرين عالم النفس الأمريكي الفذ هيرفي إم كليكلي Hervey M. Cleckley مؤلف كتاب The Mask of Sanity: An attempt to clarify some issues about the so-called psychopathic.

وخلال عملية تصميم المقياس الجديد كانت إحدى الأولويات الحرص على اختبار صفة الأنانية بدقة، وتعتبر هذه أحد أهم البنود التي وضعها كليكلي، إلا أنه وفقاً للدكتور بودوشيك، فإنها قد "تم تجاهلها بالكامل في أبحاث تقييم المرض النفسي القائمة حتى اليوم".

عمل الدكتور بودوشيك بولندي المولد كاختصاصي بعلم النفس في سجون عدة من ضمنها إصلاحيات ذات حراسة مشددة قبل تحوله للمجال الأكاديمي، لذا ساعده معارفه في تلك السجون على تنظيم عملية إجراء هذه التجربة واسعة النطاق لاختبار المقياس PPTS، حيث تم دعوة 2,000 سجين موزعين على 10 سجون ذات حراسة مشددة في بولندا للمشاركة في التجربة، إلا أن تقريباً 1,800 منهم وافقوا على المشاركة. هذا وحرص الدكتور بودوشيك على التنوع في عينة المجرمين، فتدرجت من القتلة والمغتصبين إلى أشخاص ارتكبوا جرائم غير عنيفة.

وللتحقق من صحة المقياس ونجاحه قام المشاركون بالخضوع لستة مقاييس معتمدة لتقييم الشخصية، وقد شرح الدكتور بودوشيك، في المقال الذي نشره، الوصف المفصل للمنهجية والنتائج، وقد حاجج بأن هناك أربعة عوامل تصف نموذجه، وهي: الاستجابة الوجدانية affective responsiveness، والاستجابة المعرفية cognitive responsiveness، والتحايل بين الأشخاص interpersonal manipulation، والأنانية egocentricity. كما أكّد الدكتور على أن دراسة السيكوباثية يجب ألا تتم دون مراقبةٍ وضبطٍ لمعدلات الذكاء.

 

الهدف من المقياس المستحدث هو التأكيد على العوامل الرئيسة التي وصفها لأول مرة عالم النفس الأمريكي الفذ هيرفي كليكلي Hervey M. Cleckley في الأربعينيات من هذا القرن.  حقوق الصورة: www.neuroscienceNews.com الصورة مقتبسة من النشرة الصحفية الصادرة عن جامعة هيدرسفيلد.
الهدف من المقياس المستحدث هو التأكيد على العوامل الرئيسة التي وصفها لأول مرة عالم النفس الأمريكي الفذ هيرفي كليكلي Hervey M. Cleckley في الأربعينيات من هذا القرن. حقوق الصورة: www.neuroscienceNews.com الصورة مقتبسة من النشرة الصحفية الصادرة عن جامعة هيدرسفيلد.

 

وختم الدكتور حديثه بقول "يمكن هذا القياس البسيط لسمات الاعتلال النفسي بعيداً عن السلوكيات مع المشاركين سواء كانوا ذوي خلفية إجرامية أو بغير تاريخ إجرامي. هذا وستكون هناك المزيد من التحسينات والاختبارات على المقياس PPTS، كما يأمل الدكتور بودوشيك أن تُجرى ذات التجربة في سجون كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وعلى عينات أشمل، فالهدف هو الخروج بأداة تشخيصية يمكن تطبيقها عملياً داخل السجون كوسيلةٍ للتعرف على نزلاء السجون حاملي الخصائص السيكوباثية، وذلك لاقتراح اﻹجراءات العلاجية الأنسب لمثل هؤلاء.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات