يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
أين تذهب طاقة الليزر بعد إطلاقها داخل البلازما؟

لطالما كان التساؤل حول مصير طاقة الليزر بعد إطلاق هذه الحزم داخل البلازما لغزا قائما منذ زمن بعيد، وقد حُل هذا اللغز في بحث نُشر حديثا في جامعة ستراثكليد University of Strathclyde.

وقد كشفت الدراسة أن القوى نفسها التي تنتج فقاعة في البلازما العائدة لمسرعات الحقول الذيلية الليزرية laser-plasma wakefield accelerator (الموجودة في حالة البلازما). هي التي تنتج اثنتين من حزم الإلكترونات الإضافية عالية الشحنة ومنخفضة الطاقة بالتزامن مع حزم طاقية عالية الطاقة منخفضة الشحنة أيضًا، ويمكن لهذه الحزم عالية الشحنة أن تكون مشحونة أكثر بآلاف المرات من الحزم عالية الطاقة.

يمكن للبلازما، وهي الحالة السائدة في معظم أرجاء الكون، أن تدعم الحقول الكهربائية الأعلى بمقدار يتراوح من 1000 وحتى 10000 من تلك الموجودة في المسرعات التقليدية، وذلك ببساطة من خلال فصل الجسيمات المشحونة بشحنة موجبة عن تلك المشحونة بشحنة سالبة التي تؤلف بمجملها وسط البلازما، هذا الوسط شبه محايد quasi-neutral.


محاكاة لإلكترونات منطلقة من مسرع حقل ذيلي ليزري Credit: Dr Enrico Brunetti, produced with software by OSIRIS)
محاكاة لإلكترونات منطلقة من مسرع حقل ذيلي ليزري Credit: Dr Enrico Brunetti, produced with software by OSIRIS)


ويمكن تحقيق ذلك بسهولةٍ باستخدام نبضة ليزرية قوية، وهي الضغط الضوئي الذي يزيح الإلكترونات عن طريقه، مخلفا وراءه أثقل الأيونات ions التي تبقى مكانها وتؤثر بقوى جذب على الإلكترونات المُزاحة. وفيما بعد، تهتز الإلكترونات المزاحة حول الأيونات الثابتة لتخلق ذيلا خلف نبضة الليزر، بشكل مشابه للأثر الذي يخلفه قارب.

ولأن نبضة الليزر تنتقل بسرعة قريبة من سرعة الضوء في الخلاء، فيمكن لهذا الذيل أن يشكّل أثرا للجسيمات المشحونة ويسرعها لتصل إلى طاقات عالية جدًا، وذلك في حيز من الأطوال القصيرة للغاية.

وقد نُشرت ورقة البحث تحت عنوان حزم إلكترونية ثلاث من مسرع حقل ذيلي ليزري ومسألة تقسيم الطاقة (Three electron beams from a laser-plasma wake?eld accelerator and the energy apportioning question) في Scientific Reports. 

وقد قاد الدراسة البروفيسور دينو جاروزينسكي Dino Jaroszynski من دائرة الفيزياء في جامعة ستراثكليد. ويقول: "نتج عن نبضة الليزر الشديدة التي استخدمناها، وعن تسريع الذيل الناتج عنها، مسرع حقل ذيلي مضغوط بشكل كبير، طوله عدة ميلليمترات، وذلك عوضا عن عشرات الأمتار، بالنسبة لمسرع تقليدي مكافئ. ويتشكل ذيل البلازما في شكل يشبه الفقاعة، ويدعى مسرع فان دو غراف Van de Graaf المصغر العامل بالليزر، ويتحرك هذا الذيل بسرعة قريبة من سرعة الضوء". 

ويتحول قسم من طاقة الليزر إلى طاقة كهربائية ساكنة لفقاعة البلازما، التي يُقدر قطرها ببضعة ميكرونات. وتخزن المسرعات التقليدية طاقة أمواجها الميكروية في النحاس أو تجاويف مصنعة من نواقل فائقة superconducting cavities، تكون قدرتها على استيعاب الطاقة محدودة.

اللغز الذي لم يؤخذ بعين الاعتبار قبل ذلك: أين تذهب طاقة البلازما بعد إطلاقها في البلازما؟ ونعلم أين يذهب بعضٌ من هذه الطاقة بسبب وجود الإلكترونات عالية الطاقة التي تصدر عن الحزمة الضيقة والموجهة للأمام.

ويصدر بعض هذه الحزم عبر فعل إطلاق سريع داخل مخروط واسع موجه للأمام، بطاقات تبلغ عدة ميغا إلكترون فولت MeV وشحنات من مستوى النانو كولوم nanocoulomb. وعلى النقيض من ذلك، تصدر حزمة أخرى في الاتجاه الخلفي، تكون لها شحنة مماثلة ولكن طاقتها تبلغ 200 كيلو إلكترون فولت keV. تنتزع هذه الحزم كمية كبيرة من طاقة فقاعة البلازما.

ومن المهم جدا أن نشاهد أن عملية إيجاد إجابة لسؤال أساسي -أين تذهب طاقة البلازما؟- تنتج إجابات مفاجئة ومتناقضة. لتقدم لنا تقنية جديدة، كمسرعات الحقول الذيلية الليزرية، الأمر الذي من شأنه أن يغير الطريقة التي نفكر بها بالمسرعات. والنتيجة هي مصدر جديد كليًا لحزم متعددة من الجسيمات المشحونة التي تصدر متزامنة مع بعضها البعض.


ويختتم البروفيسور دينو قائلًا: "لقد بيّن فريقي البحثي أن مسرعات الحقول الذيلية تنتج ثلاثة حزم، اثنتين منها منخفضة الطاقة وعالية الشحنة، أما الثالثة فهي مرتفعة الطاقة ومنخفضة الشحنة".

ويقول البروفيسور إنريكو برونيتي Enrico Brunetti وهو زميل في البحث في دائر الفيزياء في جامعة ستراثكليد والعضو في فريق البحث: "يمكن لهذه الحزم أن تزودنا بتدفقٍ عالٍ من الإلكترونات أو الفوتونات الإنكباحية bremsstrahlung في حيز كبير، والتي يمكن أن تُستخدم في تطبيقات مذهلة، أو لتحري الأضرار الإشعاعية في المواد. وإن لم تُلتقط على النحو المناسب، فمن الممكن أن تسبب آثار جانبية غير مرغوبة، كأن تسبب إضرارًا بالمعدات الموجودة بالقرب من المسرع".

هذا مهم جدًا بالنسبة للمسرعات الأطول، التي غالبًا ما تستخدم موجهات أمواج البلازما المرتكزة على الأنابيب الشعرية لتوجيه حزمة البلازما لمسافات طويلة. كما تحمل هذه الحزم مرتفعة الشحنة وعالية الطاقة كمية كبيرة من الطاقة بعيدًا عن البلازما، لتضع بذلك حدًا لكفاءة مسرعات الحقول الذيلية الليزرية.

وهذه إحدى القضايا التي ينبغي أخذها بالحسبان في التصاميم المستقبلية وبناء مسرعات الحقول الذيلية الليزرية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • إشعاع الكبح (Bremsstrahlung): "إشعاع الكبح"؛ هو الطريقة الرئيسية التي تقوم من خلالها الجسيمات المشحونة والمتحركة بسرعة كبيرة جداً بفقدان طاقتها خلال مرورها عبر المادة، ويصدر الإشعاع عندما يتم تسريع الجسيمات المشحونة. وفي هذه الحالة، ينتج التسارع عن الحقول الكهرومغناطيسية للنوى الذرية للوسط.
  • الالكترون (Electron): جسيم مشحون سلبياً، ويُوجد بشكلٍ عام ضمن الطبقات الخارجية للذرات. تبلغ كتلة الالكترون نسبة تصل إلى حوالي 0.0005 من كتلة البروتون.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

اترك تعليقاً () تعليقات