هل يعيق المجال المغناطيسي لكابلات الطّاقة تحت الماء الحياة البحريّة؟

أظهرت ثلاث دراسات أنَّ الحيوانات البحريَّة تعبر وتستوطن كابلات الجهد العالي 

 تنقل كابلات الطّاقة الكهرباء عبر الماء إلى الجزر، وتنقلها من محطّات الطّاقة على الشَّواطئ كمزرعة الرّياح هذه قبالة سواحل الدنمارك، وقد أشارت دراسات جديدة إلى أنّ تلك الكابلات لا تزعج الحياة البحريّة حولها.
حقوق الصّورة: (CGP GREY/FLICKR.COM CC BY 2.0)


أشارت ثلاث دراسات حديثة في نيو أورليانز إلى أنَّ كهرباء الجهد العالي المَّارة عبر كابلات الطّاقة تحت الماء لا تُقلق الحياة البحرية حولها. وهوّن هذا العمل المخاوف حول إمكانية تكدير محطّات إنتاج الطّاقة البحريّة ومن خلال عنفات الرّياح ومولّدات الطّاقة بواسطة حركة المد والجزر للمجتمعات البحريّة.

بتتبع حركة الأسماك وسرطانات البحر حول الكابلات الكهربائية تحت الماء، أظهرت الدّراسات أن الكائنات البحريّة لا تنفر من المجالات المغناطيسيّة المنبعثة من هذه الكابلات، بل إن إحدى الدّراسات وجدت أن الكابلات الغليظة قد يتم استغلالها كمَواطن اصطناعية تؤوي المجتمعات البحريَّة.

وقالت آن بول Ann Bull، عالمة الأحياء البحريّة في مكتب إدارة طاقة المحيطات بمدينة كاماريلو Camarillo في كاليفورنيا: "هناك القليل من المخاوف الآن"، حيث قامت بول بتقديم دراستين من هذه الدّراسات في السّادس والعشرين من شباط/فبراير 2016.خلال اجتماع علوم المحيطات في الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي.

بدأت القصّة في ثمانينات القرن الماضي حين ظهر أوّل صدام بين كابلات الاتّصالات تحت الماء والحياة البحريّة: فقد خدع المجال الكهربائي المنبعث من الكابلات أسماكَ القرش مما دفعها لقضم هذه الكابلات تاركة خلفها بعضاً من أسنانها في أغلب الأحيان. وبتغليف الكابلات بالمواد العازلة، تمّ التخلّص من المجالات الكهربائيّة وبالتّالي توقَّف هجوم أسماك القرش، إلا أنَ المجالات المغناطيسيّة التي تولّدها الكابلات ما زالت موجودة. وقد أظهرت التّجارب المخبريّة أنّ العديد من الكائنات البحريّة يمكنها استشعار المجالات المغناطيسيّة حتّى الضّعيفة منها نسبيًّا ممّا أثار المخاوف من أنَّ الكابلات قد تكون بمثابة "أسوار كهربائيّة" تُخل بالحياة البحريّة.

وقد شعر الصيّادون التجاريون على وجه الخصوص بالقلق من أن سرطانات البحر قد لا تتمكّن من اجتياز الكابلات البحريّة لتصل إلى المصائد في بحثها عن الطّعام. ولاختبار ذلك بَنَت بول وزملاؤها أقفاصاً بمصيدتين، يتطلّب الوصول إلى إحداها عبور السّرطانات لخط كهربائي فعّال، لم تجد سرطانات دنغنس Dungeness (اسمها العلمي 
ميتا كارسِنس ماجِستر Metacarcinus magister) والسرطانات الصّخريّة (روماليون أنتِناريوم Romaleon antennarium) أيّ مشكلة في عبور الخط، وأظهرت التّجربة بعد مئات المحاولات أن السّرطانات اختارت كلا المصيدتين بنسبٍ متساوية تقريباً.

اختبر الباحثون تأثير كابلات الطّاقة تحت سطح البحر على حركة السرطانات، ببناء قفص طوله 5 أمتار، يحوي مصيدتين على طرفيه، يتطلّب الوصول إلى إحداهما عبور كابل طاقـة نشِط. حقوق الصّورة: مكتب إدارة طاقة المحيط BUREAU OF OCEAN ENERGY MANAGEMENT
اختبر الباحثون تأثير كابلات الطّاقة تحت سطح البحر على حركة السرطانات، ببناء قفص طوله 5 أمتار، يحوي مصيدتين على طرفيه، يتطلّب الوصول إلى إحداهما عبور كابل طاقـة نشِط. حقوق الصّورة: مكتب إدارة طاقة المحيط BUREAU OF OCEAN ENERGY MANAGEMENT


وجد الباحثون أنَّ سرطانات البحر قصدت المصيدتين بالنّسبة نفسها. حقوق الصّورة: مكتب إدارة طاقة المحيط BUREAU OF OCEAN ENERGY MANAGEMENT
وجد الباحثون أنَّ سرطانات البحر قصدت المصيدتين بالنّسبة نفسها. حقوق الصّورة: مكتب إدارة طاقة المحيط BUREAU OF OCEAN ENERGY MANAGEMENT


وفي دراسةٍ أخرى راقبت بول وزملاؤها الحياةَ البحريّة في ثلاث مناطق من قاع البحر لمدّة ثلاث سنوات. في المنطقة الأولى كابلٌ تمر به الكهرباء، وفي الثّانية كابل غير عامل، والثّالثة لا يوجد بها أي كابل. جذبت المنطقتان اللتان تمر بهما كابلات الأنواعَ والأعدادَ نفسها من حيوانات شقائق النّعمان وغيرها من الأحياء البحريّة. في الواقع، إنّ أعداد الأسماك في المنطقة الأولى أو الثَّانية زاد عن ضعف عددها في الثّالثة، وكذلك بالنّسبة لعدد اللافقاريّات التي زادت عن أربعة أضعاف عددها في المنطقة الخالية من الكابلات.

وبقياس المجال المغناطيسي النّاتج عن الكابلات العاملة، وجدت بول وزملاؤها أنّ قوّة هذا المجال تضعف بسرعة كلّما ابتعدنا عن الكابل، وقالت بول إنّ المجال المغناطيسي على بعد متر من الكابل يتضائل بحيث يصعب تمييزه عن الموجات المتداخلة في المنطقة المحيطة. وحتّى فوق سطح الكابل مباشرةً حيث المجال المغناطيسي الأقوى، لا تبدو الكائنات البحريّة منزعجة.

وفي الدّراسة الثّالثة التي قُدّمت أيضاً في السّادس والعشرين من شهر فبراير/شباط 2016. قامت عالمة سلوك الحيوان في جامعة كاليفورنيا بمدينة ديفيس ميجان وايمان Megan Wyman، وزملاؤها بمراقبة كابل الطّاقة البالغ طوله 85 كيلومترًا والذي يشق خليج سان فرانسيسكو، واستخدم الفريق أجهزة الاستشعار الصّوتي لمراقبة تأثير تشغيل الكابل عام 2010 على هجرة أسماك السّلمون، حيث وجد الباحثون أنّ الكابل لا يعيق هجرة أسماك سلمون شينوك الفتيّة (أونكورينكس تشا تشا Oncorhynchus tshawytscha) عبر الخليج من الأنهار الدّاخليّة.

تقول جينيفر هاركر- كليمش Genevra Harker-Klimes العالمة البحريّة في المختبر الوطني شمال غرب المحيط الهادي في مدينة سكوِم Sequim في واشنطن: " من الجيّد معرفة أنّهم لم يجدوا أي تأثير، هناك القليل من الأمور المُغفَلة التي تحتاج لمزيدٍ من البحث، ولكن بصورة عامّة هذه أخبار جيّدة بالنسبة لإنتاج الطّاقة عبر البحار".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات