إنّ الثقوب السوداء من أغرب الأجسام في الكون، و تتخذ إحدى الحجمين إجمالاً :"صغيرة" و هي أكبر من الشمس بعشرات المرات، و أخرى "ثقوب سوداء هائلة "و هي أضخم بمليارات المرات من أقرب نجم لنا.
و لكن لم يرى الفلكيون أيّ دليل جيّد حتى الآن على وجود أي شيء بين الاثنين.
يقدم الاكتشاف الجديد لثقب أسود متوسط الكتلة في مجرة قريبة (Messier 82 (M82 أفضل دليل حتى الآن لوجود تلك الفئة من الثقوب السوداء متوسطة الحجم. يقول باحثون أنّ هذا الاكتشاف قد يوفّر روابط مفقودة قد تفسر كيف تكونت الثقوب السوداء العملاقة -و التي توجد في مركز معظم إن لم يكن كل المجرات- .
يقول ديراج باسهام (Dheeraj Pasham) خريج علم الفلك في جامعة ماريلاند ، كوليج بارك : "نعلم أن الثقوب السوداء الهائلة موجودة في مراكز كل المجرات الهائلة تقريبا، و لكن لا نعرف كيف تكونت".
- العمالقة النهمين
الثقب الأسود هو منطقة من الفضاء حيث مجال الجاذبيّة قوي جداً لدرجة أن الكتلة و الضوء لا يستطيعان الهرب. على الرغم من أنها لا تُرَى بشكل مباشر، يستطيع الفلكيون الاستدلال على وجود الثقوب السوداء من خلال طريقة شد جاذبيتها للكتل القريبة و من الإشعاع الصادر خارجها خلال ابتلاعها لأجزاء المادة المحيطة بها، حيث تحتك هذه الاجزاء بقوة مع بعضها البعض، منتجةً احتكاك.
اكتشف الفلكيون ثقوب سوداء نجمية، بكتلة 10 أو 100 ضعف من كتلة الشمس، و ثقوب سوداء هائلة أكبر بمئات آلاف المليارات من كتلة الشمس. ولكن أثبت أن المجموعة المتنوعة من الثقوب السوداء المتوسّطة الكتلة صعبة الاكتشاف، مسبّبة الشك في وجودها. يمتلك النموذج المتوسط الحجم والمكتشف حديثاً كتلة أكبر بـ 400 مرة من كتلة الشمس (زائد أو ناقص 100) و فقا لدراسة نشرت يوم الأحد (7 اب/أغسطس) في مجلة Nature.
افترض العلماء وجود مثل هذه الثقوب السوداء المتوسطة، و لكن هذه أول مرة يُقاس أحدها بدقة، يقول الباحثون. يعرف العلماء كيف تشكلت الثقوب السوداء النجمية: ينهار نجم هائل بتأثير جاذبيّتِه، و لكن هذه العملية ستبدو غير قادرة على تفسير كيف تنشأ الثقوب السوداء الضخمة، لأنها تستطيع ابتلاع المادة بنسبة تعرف بـ "حد إيدينغتون" Eddington limit، يقول كول ميلير (Cole Miller)، فلكي في جامعة ميريلاند : "الكون ليس عجوزا بما فيه الكفاية ليتحول من كتلة نجمية إلى كتلة فائقة" .
"لو قمت بتغذية ثقب أسود بالمادة بسرعة، ستنتِج إشعاعاً بشدة قادرة على دفع المادة التي تحاول تكديسها" هذا ما قاله ميلر ل Live Science.
- بناء ثقب أسود
إذاً كيف يمكن تشكُّل ثقب أسود هائل ؟ تقترح بعض النظريات أنَّ هذه العملاق الغريب ينمو من ثقوب سوداء متوسطة الكتلة -والتي تعمل كـ"بذور" -و التي تكونت في المراحل الأولى من الكون من انهيار سحابات عملاقة من الغاز.
يقول آخرون أن هذه العمالقة بدأت كثقوب سوداء نجمية و التي التهمت بطريقة ما المادة بمعدل أسرع من الحد الاعتيادي. افترض ميلر أنه ربما اندمج عنقود كثيف من النجوم في الكون الأولي، و"تصادمت مع بعضها، و التصقت كالطين الرطب" منتجة ثقب أسود قام بجمع الكتلة بمعدل أسرع من الحدّ الطبيعي .
"إذا كنت تستطيع تفادي هذا الحد، قد تستطيع بناء ثقوب سوداء أكبر"، أضاف ميلر.
طورت حديثاً عالمة الفيزياء النظرية بريامفادا ناتاراجين (Priyamvada Natarajan) في جامعة Yale، في نيوهيفن، كونيتيكت، و زملاؤها مصطلح نظريّ جديد يقترح أنه يمكن إنماء ثقوب سوداء من بذور نجمية أسرع من حد إيدينغتون، لو عُلِّقَت البذرة في عنقود نجمي و تغذت على الغاز المتدفق البارد .
اكتشاف ثقب أسود متوسط الكتلة في مجرة قريبة هو أمر مفرح لأنه يوفر "قطع مفقودة" بين الثقوب السوداء النجمية الكتلة و الثقوب السوداء الهائلة ، قالت ناتاراجين ل Live Science. تقول ناتاراجين ل Live Science : "يوجد ثقوب سوداء شابة جدا كأنها في مرحلة الرضاعة، و أخرى عجوز" . وتقول أن الثقوب السوداء المتوسطة الكتلة كالمراهقين.
و الآن و قد أظهر فريق باسهام وجود واحد على الأقل من هذه الثقوب السوداء، سيبحث الفلكيون عن المزيد دون شك. تقول ناتاراجين: "هناك علم مثير جدا للاهتمام هنا" ، "فضاء الاكتشاف مفتوح".