اكتشاف خاصية جديدة في المواد الخارقة!

هذه البنية النانوية الخارقة المصنوعة من الذهب هي نسخة نانويّة للبنية التي وصفها الباحثون في جامعة ساوثامبتون في دورية Applied Physics Letters، التي تُظهر نشاطًا بصريًا هائلًا للإنارة الحاصلة من الضوء (بدلاً من النشاط البصري المرآتي للأمواج الميكروية).


حقوق الصورة: Eric Plum, Vassili A. Fedotov, and Nikolay I. Zheludev
 

من المعروف جيدًا أنّ النشاط البصري (optical activity) -دوران استقطاب الضوء- يحدث داخل المواد التي تختلف عن صورتها في المرآة. لكن ماذا سيحصل إذا تحطّم هذا التناظر نتيجة لاتجاه الإضاءة بدلًا من المادة نفسها؟ 

قاد الفضول المحيط بهذا السؤال إلى اكتشاف نوعٍ جديدٍ من النشاط البصري؛ وقد ذكر باحثون من جامعة ساوثامبتون في مقال نُشر في دورية Applied Physics Letters أن التناظر المُحطِّم للمواد الخارقة (metamaterials) جرّاء الضوء المنعكس سيُمكننا من الحصول على تطبيقات جديدة لأنه يتسبب في حصول مقدار غير مسبوق من النشاط البصري، فقيمته تفوق تلك التي يتمتع بها النشاط البصري المُركّز أو "شبيه المرآة".

يتمحور عمل مجموعة الباحثين حول المواد الخارقة، وهي مواد يتم بناؤها وفقًا لأشكال فريدة وتناظرات تولّد خواصًا لا يمكنها التواجد في نظيراتها الطبيعية من المواد.

ويفسر إريك بلوم Eric Plum، المحاضر في أبحاث المواد الخارقة الضوئية (Photonic Metamaterials) من مركز أبحاث الإلكترونيات البصرية في جامعة ساوثامبتون: "تحصل المواد الطبيعية على خواصها من الذرات، أو الأيونات، أو الجزيئات التي تُكونها. وبشكل مشابه لذلك، فإن المبدأ الأساسي الكامن وراء المواد الخارقة (ما فوق الطبيعية) يعتمد على تجميع المواد الصّناعية باستخدام جزيئات خارقة (metamolecules) وهي لبِناتُ البناء الأساسية التي صنعها الإنسان".

ويُشير بولم إلى أنّ: "هذا الأمر يُقدم فرصة تقنية عملاقة. فبدلاً من البقاء مقيدين بما هو متاح من المواد الطبيعية، يُمكننا تصميم مواد بالخواص التي نُريدها. وقد قاد هذا في الواقع إلى الحصول على خواص ووظائف للمواد، جديدة ومُعزّزة".

تبدو المواد الخارقة متجانسة بالنسبة للأمواج الكهرومغناطيسية لأنّ بنيتها الصناعية تتمتع بطول من رتبة الطول الموجي الفرعي (subwavelength)، فالمواد الخارقة الضوئية لها تركيبة نانوية الحجم، في حين يتمتع الميكرويُّ منها ببنية مليمترية أو سنتيمترية الحجم. 

مجموعة البحث مهتمّة بالبُنى الملتوية، أو اللامتماثلة مرآتيًا (chiral structures)، المُكتشفة داخل العديد من المواد الاصطناعية والطبيعية؛ والسبب في ذلك هو سعيهم للسماح بدوران الحالة المستقطبة (polarization state) للضوء العابر -خاصيةٌ تُعرف بالنشاط البصري. وتُعتبر هذه الخاصية أساسًا للعديد من التطبيقات انطلاقًا من أجهزة العرض LCD، مروراً بالقياسات الطيفية (spectroscopy)، وانتهاءً بكشف الحياة في مهماتِ الفضاء.

 

 
وفي الوقت الذي يُعتبر فيه النشاط البصري مهملاً في المواد الطبيعية، وجد الباحثون أنّ الأمر ليس كذلك بالنسبة لكل المواد الخارقة.

ويقول بلوم: "تُعاني مادّتنا الخارقة من نشاطٍ بصريّ ضخم بالنسبة للأمواج الكهرومغناطيسية المنعكسة. وهذا يتمتع بأهمية خاصة عند 
الأخذ في الحسبان بأنّ بنيتنا الاصطناعية رقيقة جدًا -هي أقلّ سماكة بثلاثين مرة من طول موجة الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي تُعدّله".

وبشكلٍ قد يظهر مفاجئًا، نجد أنّ المواد النشطة بصريًا المدروسة ليست "لا متماثلة مرآتيًا". ووفقًا لبلوم: "عوضًا عن ذلك، يظهر النشاط البصري من ترتيبات تجريبية لا متماثلة ومترافقة مع التحاذي المُتبادل لاتجاه الإضاءة، إضافة إلى بنية المادة الخارقة، التي تفتقد إلى وجود تناظر دورانيّ بمحور ثنائي (two-fold rotational symmetry)". 

ويتابع بلوم: "إنّ اكتشاف الفريق يمهد الطريق أمام الحصول على صنفٍ جديدٍ كليًا من الأجهزة الضوئية فائقة الرقة للتحكم باستقطاب الضوء واكتشافه، ويشمل ذلك الدوران المستقطب، ومقسّمات الأشعة المستقطبة دائريًا، والمرايا، إضافة إلى العوازل البصرية للضوء المستقطب دائريًا".

وعند الحديث بشكلٍ عملي أكثر، فإنّ التأثير الذي رصده الفريق يُحاكي تأثر كير الطولي المغناطيسي-البصري (longitudinal magneto-optical Kerr effect)، ووفقًا لهذا التأثير فإنّ الضوء المنعكس عن السطوح الممغنطة يُمكن أن يتغيّر من شدة الأشعة المنعكسِة، أو استقطابها دون وجود وسط ممغنط.

ويُضيف بلوم: "لهذا الأمر عواقب مهمّة في مجال الاستعمالات المجهرية لتأثير كير لأنه قد يُعتقد أن ما نراه هي مغنطة".

بلوم وزملاؤه مشغولون الآن في تطوير حلولٍ عمليةٍ لتمكين عملية التحكّم الديناميكي بالنشاط البصري المُركّز من أجل تطبيقات مثل تعديل الاستقطاب النشط؛ وفي هذا الإطار يقول بلوم: "سيكون من المهم أيضًا دراسة التأثير في المواد العادية، واستكشاف آثار الأنواع المشابهة من (كسر التناظرات) في الأنظمة الفيزيائية الأخرى".


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المواد الخارقة (Metamaterials): أو المواد ما فوق الطبيعية، وهي مواد صناعية ومُهندسة بطريقة تجعلها تمتلك خواصاً غير موجودة في الطبيعة.
  • التحليل الطيفي (Spectroscopy): التحليل الطيفي ببساطة هو علم قياس شدة الضوء عند الأطوال الموجية المختلفة. وتُسمى المخططات البيانية الممثلة لهذه القياسات بالأطياف (spectra)، وهي المفتاح الرئيسي لكشف تركيب الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات