بيتر دوكريل Peter Dockrill في 12 يناير/كانون الثاني 2016
شكّلت مصابيح الإنارة المتوهجة التقليدية نعمة عظيمة للبشرية جمعاء بعد أن تم تطويرها في القرن التاسع عشر ، إلى أن تخلت عن مكانها لبدائل صديقة للبيئة تتفوَّق على كفاءتها الطاقية المنخفضة جداً.
هذه المصابيح التي تخلينا عنها اليوم، قد نتعامل معها مجدداً في المستقبل، وذلك بفضل جيل جديد من المصابيح المتوهجة طوَّرهُ خبراء من الولايات المتحدة، و يعتمد على الحرارة الضائعة الصادرة عن المصباح التقليدي كمصدر لإعادة إنتاج الضوء عبر عَملية عالية الكفاءة.
ستسهم هذه التقنية الجديدة إذا ما بَلغت كامل إمكاناتها في توفير كبير في الطاقة الكهربائية يتجاوز بكثير ما توفره المصابيح التقليدية المدخرة للطاقة والمنتشرة في أيامنا هذه، كمصابيح الفلور المدمجة (compact fluorescent bulbs CFLs)، والصمامات الثنائية الباعثة للضوء (light-emitting diode bulbs LEDs).
تعتمد المصابيح المتوهجة التقليدية في عملها على تمرير تيار كهربائيٍّ في سلك معدني رفيع من التنغستن، يؤدي إلى تسخين السلك إلى درجة حرارة عالية تقارب 2700 درجة مئوية، والتي تُسبِّب إصدار السلك للضوء المرئي. لكن ليس هذا كل شيء! فالسلك يُنتج أيضاً كمياتٍ كبيرةٍ من الإشعاعات الفائضة والتي لا يمكننا رؤيتها، بما فيها الأشعة تحت الحمراء. وهو ما يعني في النهاية أن المصباح المتوهج يهدُر أكثر من 95% من الطاقة الكهربائية التي تدخُله على شكل حرارة في أغلب الأحيان، وهذا ما أدى لانتشار البدائل الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة الكهربائية وحلولها محل هذا النوع من المصابيح.
لكن ماذا لو وُجدت طريقة لاستغلال واستخدام الحرارة والطاقة الضائعتين؟
هذا ما عمل عليه الباحثون وبيّنوه في دورية Nature Nanotechnology، حيث تمكنوا على مرحلتين من تطوير تقنية تعيد تصنيع الضوء في المصابيح المتوهجة.
فقد أنتج الباحثون في المرحلة الأولى من العمل، مصباحاً متوهجاً عادياً بسلك معدني تقليدي يعمل بالتسخين، ثم أنتجوا في المرحلة الثانية هيكلاً مصنوعاً من أحد أنواع البلورات الضوئية يحيط بالسلك المعدني، ويلتقط الإشعاعات الإضافية التي يصدرها السلك ليعكسها من جديد باتجاهه، ويقوم السلك عندئذ بامتصاص هذه الأشعة وإعادة إصدارها على شكل ضوءٍ مرئي.
ذلك كان التحدي الأبرز الذي واجهه الباحثون خلال عملهم على إيجاد مادة قادرة على عكس الأشعة تحت الحمراء، في حين تسمح للضوء المرئي بالسطوع من خلالِها.
قال أوجنين ايليتش ، Ognjen Ilic: " تكمن القفزة النوعية هنا في تصميم هيكل ضوئي يسمح بنفاذ الضوء المرئي، بينما يعكس الأشعة تحت الحمراء تجاه نطاق واسع من الزوايا ، فيما يتميز عن المرشحات الضوئية التقليدية والتي لها زاوية انتشار وحيدة، كان التحدي أمامنا هو تعزيز المزايا البصرية المطلوبة بجميع الاتجاهات " .
يمنح نظام التداخل النانو ضوئي الذي طوّره الباحثون، كفاءة في استخدام الطاقة للمصابيح المتوهجة الأولية ويمنحها تحسُّناً في فعالية الطاقة أكثر من االمصابيح التقليدية وبنسبة تقارب 6.6 % لتعادل تقريباً ثلاثة أضعاف مثيلاتها في المصابيح المتوهجة التقليدية والتي تحقق 2 ـــ 3 % فقط.
ورغم أن هذه المصابيح ليست بكفاءة مصابيح (CFLs % 7-13) أو مصابيح (LEDs % 5-13 )بعد، إلا أنهم يثقُون في قدرة هذه التقنية على بلوغ كفاءاتٍ أعلى في المستقبل تصل لـ 40%، والذي يعني أننا سنشهد ثانيةً عودة المصابيح المتوهجة الى رفوف المحلات التجارية.
وحتی ذلك اليوم، يرى الباحثون أن المصابيح الحالية الموفِّرة للطاقة هي الأفضل، فيما يضيف مارين سولجاثيك Marin Soljačić : " يعد طراز LED من أفضل المصابيح ، كما ينبغي على الناس اقتناؤها. لكن فهم الخصائص الأساسية للضوء والحرارة هو أمر هام لمجموعة واسعة من الأمور ".