هل توصلنا إلى معرفة سبب الصداع النصفي؟


تقترح دراسة جديدة أن الصداع النصفي غالبًا ما تسبِّبه مشاكل في جهاز الدوران، وقد تساعد الاكتشافات الأبحاث المستقبلية بتوفير علاجاتٍ لهذا الاضطراب.

قد يساعد البحث المنشور بواسطة الاتحاد العالمي لوراثيات الصداع The International Headache Genetics Consortium (IHGC)، على الإجابة عن سؤالٍ طالما أرّق الأطباء، هل أساس الصداع النصفي مشكلة وعائية (متعلقة بإمداد الدم)، أم مشكلة عصبية (متعلقة بالجهاز العصبي)؟

قام الـ IHGC بجمع بياناتٍ من 22 دراسةً ترابطيةً مختلفةً [1] أُجريت على كامل الجينوم، مُغطيةً ما مجموعه 60,000 حالة صداع نصفي تقريبًا، وبمساعدة مجموعاتٍ من 12 دولةً مختلفة. 


وفي نهاية الدراسة، كانت النتيجة هي وجود ارتباطٍ بين 38 منطقةً جينوميةً وبين الصداع النصفي، منها 28 منطقةً حديثة الاكتشاف، و10 كانت معروفةً مسبقًا.

صحيح أن هذه الجينات رُبطت حديثًا بالصداع النصفي، إلا أن العلماء كانوا يعلمون مسبقًا أنها مرتبطةٌ أيضًا بأمراض الأوعية وانقباض العضلات الملساء وتنظيم توتر العضلات الموجودة في جدران الأوعية وعمل الشرايين. يشير هذا الاكتشاف إلى أن المشاكل الوعائية والعضلية تلعب دورًا كبيرًا في الصداع النصفي.

يقول قائد الـ IHGC، آرنو بالوتي Aarno Palotie: "اكتُشفت عشرات العوامل الوراثية الجديدة في هذه الدراسة الحديثة واسعة النطاق، ولأن كلًا من هذه المتغيرات يغيِّر من خطر الإصابة بالمرض قليلًا فقط، لذا فقد يكون الأثر ملحوظًا فقط عندما صارت هذه الكمية الضخمة من العينات متاحة".

أضاف أحد أعضاء الفريق جون أنكر زفارت John-Anker Zwart من مستشفى جامعة أوسلو the Oslo University Hospital في النرويج: "هذه الاكتشافات الجينية هي الخطوة الحقيقية الأولى لتطوير علاجاتٍ شخصيةٍ مبنيةٍ على الأدلة لهذا المرض شديد التعقيد، عرفنا نحن الأطباء منذ وقتٍ طويلٍ أن مرضى الصداع النصفي يختلفون فيما بينهم، وأن العقاقير التي تعالج بعض المرضى تكون غير فعالةٍ أبدًا عند المرضى الآخرين".

مع أن هناك دراساتٌ سابقةٌ اكتشفت وجود روابط مهمة بين جينات النسيج الدماغي وبين الصداع النصفي، إلا أن هذا البحث لم يجد هذا الترابط بين جينات النسيج الدماغي وبين الصداع النصفي، يُسلّم الفريق بأن ذلك قد يعود لعدم وجود عيناتٍ كافيةٍ من النسيج في البحث الجديد.

كشف العلماء أيضًا عن بعض الأدلة التي تشير إلى إمكانية ارتباط الصداع النصفي بالقنوات الأيونية للجهاز العصبي، التي تساعد في نقل الإشارات العصبية، وهذا مجالٌ محتملٌ لدراساتٍ مستقبلية.

شارك الفريق بياناته بين العديد من قواعد البيانات الدولية البيولوجية للمساعدة في التعرف على روابط بين الصداع النصفي وجينات محددة، وكان الباحثون حريصين على إبراز فوائد العمل الجماعي.

قال بالوتي، وهو أيضًا مديرٌ بحثيٌّ في جامعة هلسنكي the University of Helsinki: "عند دراسة وراثيات الأمراض الشائعة والمعقدة، فإن التعاون الدولي يصير ذا أهميةٍ بالغة".

في النهاية، الأمل هو أن البحث واستمرار الدراسات المبنية عليه ستؤدي إلى معالجاتٍ أكثر تأثيرًا، بحيث تصبح مناسبةً أكثر لكل مصابٍ على حدة. 
أما العلاجات المبنية على هذه الدراسة، فلن تأتي قريبًا بشكلٍ كافٍ، خصوصًا إذا أخذنا بالاعتبار حقيقة أن الصداع النصفي يصيب ما يصل إلى 1 من كل 7 أشخاص على مستوى العالم.


الملاحظات:



[1] الدراسات الترابطية association studies: هي نوع من الدراسات تفحص الترابط بين وجود أحد أنواع الجينات وبين مرض معين أو صفة ظاهرية معينة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات