عملية ليكورن (عملية يونيكورن) تجربة نووية تمت في 22 أيار/ مايو 1970. الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، اللتان أجرتا الغالبية العظمى من التجارب النووية، قامتا عام 1963 بإنهاء التجارب التي تتم على الارض في حين استمرت فرنسا حتى عام 1974.
الصورة من غاليري بيلديرويلت Bilderwelt/ صور غيتي Getty.
بين عامي 1945 و1965، دخل كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في سباق لتجربة الأسلحة النووية ، والذي لن يرغب العالم في تكراره مجدداً. إذ تم تفجير ما يزيد عن 400 قنبلة نووية على سطح الأرض، ما أدى لتدمير العديد من الجزر المرجانية وتلويث السهوب الواسعة فضلاً عن انتشار الغبار الذري في كل أنحاء العالم.
ولكن، ماذا لو كان لهذه التفجيرات بعض النفع؟
حسناً، لنتكلم بجدية. حين يتم تفجير كل هذه القنابل الهائلة، فإنها تطلق نيوترونات تؤدي لتشغيل سلسلة من التفاعلات تنتهي بتشكيل الكربون-14، وهو أيزوتوب isotope نادر جداً لعنصر الكربون.
ازدادت كمية الكربون-14 في الغلاف الجوي بشكل كبير، ثم تفاعل مع الأكسجين مشكلاً ثاني أكسيد الكربون الذي تنفسته النباتات، والتي تغذت عليها الحيوانات ومن ثم تغذى الإنسان على كليهما, يقول بروس بوتشهولز Bruce Buchholz عالم في مختبر لورنس ليفمور الوطني Lawrence Livemore National Laboratory: "كل شخص حي موسوم به، الكوكب كله موسوم."
لا يعد الكربون-14 خطيراً على البشر، بل إنه مفيد جداً، على عكس الجسيمات المشعة قصيرة الأمد التي تنبعث من التفجيرات النووية، لأن معدل هذا الأيزوتوب ينخفض تدريجياً منذ ارتفاعه الكبير في خمسينيات القرن الماضي.
يستطيع العلماء تحديد عمر عينة من الكربون-14 بدقة، خلال سنة أو سنتين فقط، عن طريق قياس كميته فيها. وتمكنهم هذه الطريقة من حساب عمر جسم مجهول من خلال مينا الأسنان، أو دراسة متى تولد وتموت الخلايا الشحمية عند الإنسان، أو الكشف عن مدى قدم العاج التجاري، إن هذه الطريقة تنجح مع أي شيء يحتوي الكربون .
يقوم العالم بوتشهولز وزملائه في مختبر لورنس ليفمور، مساء كل يوم إثنين، بتشغيل المطياف الكتلي المُعجل accelerated mass spectrometer، الجهاز الذي يقيس الكربون-14، وهم يحصلون على العينات من مئات العلماء الآخرين ومن السلطات القانونية والوكالات الحكومية، إذ يبلغ ما يتم جمعه بين 100 و150 عينة بالاسبوع. بالإضافة إلى أن الجهاز يعمل بشكل متواصل خلال يوم الخميس، إنهم في سباق لإجراء الأبحاث التي ستصبح غير ممكنة بعد فترة قريبة.
اقتراح متواضع: الجزء الأول
عودة إلى التسعينيات، لقد كان الشخص الذي ابتكر فكرة استخدام الكربون-14 لتأريخ العينات البيولوجية هو بوتشهولز نفسه، وقد التقى هذا المهندس النووي عالماً في طب الأعصاب في مؤتمر للكيمياء، ثم شكل الأثنان فريقاً رائعاً متعدد الاختصاصات لدراسة عمر صفيحات وجدت في أدمغة مرضى الزهايمر.
بدأ العمل على الكربون-14 فعلا عندما قام جوناس فرايسن Jonas Frisén وهو عالم بيولوجيا خلايا جذعية في معهد كارولينسكا Karolinska بقراءة الأوراق التي نشرها بوتشهولز. كان فرايسن يبحث إمكانية نمو خلايا دماغية جديدة عند البالغين.
اعتقد علماء الأعصاب ولفترة طويلة أن الإنسان يولد ومعه كل الخلايا العصبية التي من الممكن أن يحصل عليها، لكن الدراسات على الفئران والجرذان كانت البداية لتغيير تلك الفكرة جذرياً. عندما قرأ فرايسن أوراق بوتشهولز وجد الطريقة لقياس عمر الخلايا العصبية. إذا استطعت إيجاد خلايا عصبية عمرها 20 عاماً في دماغ عمره 70 سنة عندها سيكون لديك الدليل أن الخلايا الدماغية تولد أثناء حياة الكائن الحي.
إن بعض هذه التجارب سيكون مستحيلاً في غضون السنوات القليلة القادمة. لكن أحداً لم يدري فيما إذا كان تأريخ الكربون-14 يعمل مع النسيج الدماغي، وكانت هذه المهمة من نصيب كيرستي سبالدينغ Kirsty Spalding، وهي باحثة بمرحلة ما بعد-الدكتوراه في مختبر فرايسن، وقد كان من الصعب البدء بدماغ بشري فاستخدموا دماغ حصان عوضاً عنه. فالأحصنة تعيش لعدة عقود، مثل الإنسان.
كان على سبالدينغ أن تقود لمنطقة تبعد ساعة عن ستوكهولم للحصول على أدمغة أحصنة من مسلخ الحيوانات. تقول سبالدينغ: "لم يكن هذا مشروعي المفضل" وتكمل: "ثم إنه من الفظيع بالنسبة لنباتية خصوصاً أن تذهب إلى مسلخ للحيوانات"
ولكن الطريقة نجحت، إذ وجدوا اختلافات قياسية في كمية الكربون-14داخل دماغ حصان عمره 6 سنوات وآخر عمره 19 سنة. ومن ثم انتقل العمل للإنسان، وقد وجدت سبالدينغ منطقة في الدماغ تدعى الحُصين hippocampus مرتبطة بالذاكرة، تقوم بالفعل بتوليد خلايا دماغية جديدة في سن الرشد.
قام فرايسن بعدها بتجارب مشابهة على الخلايا القلبية، إذ اعتقد أنها تتجدد أيضاً، ولو كان ذلك نادراً. تملك سبالدينغ الآن مختبرها الخاص الذي تدرس فيه الخلايا الشحمية. يعد تأريخ الكربون-14 الآن من الطرق الأساسية لفهم كيفية تولُّد وتجدُّد النسج في الجسم.
ولكن مستوى الكربون-14 في الغلاف الجوي ما يزال يتناقص، وهو يسجل الآن بين 4 أو 5 % فقط فوق المستوى الذري. وفي غضون سنوات قليلة، سيكون بعض هذه التجارب مستحيلاً. يقول فرايسن: "هذا شيء نشدد عليه في طلبات المنح" ويضيف: "نحتاج المال الآن"
اقتراح متواضع، الجزء الثاني
إذن ماذا لو أن أحدهم قام بتفجير قنبلة نووية أخرى؟ في سبيل العلم، (والعلم لا غير)؟ يقول فرايسن ممازحاً: "نحن نتحدث مع الكوريين الشماليين حول ما يستطيعون فعله" ثم يضيف بجديّة: "نحن نحتاج إلى العشرات من هذه التفجيرات، وهذا شيء لا نعوًل عليه". إن العشرات، إن لم تكن المئات من هذه القنابل ضرورية لإحداث ارتفاع كاف لجعل الكربون-14 مفيداً للتأريخ، ويجب أن تكون قنابل قوية أيضاً! فتلك التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي صغيرة جداً. حوادث التسرب العرضية مثل تسرب تشيرنوبيل أو فوكوشيما لا تشكل فرقاً، إذ أن ما يهم من أجل تشكل الكربون-14 هو الانفجار.
ولكن ماذا لو أنك فجرت العشرات من القنابل النووية؟ هل من الممكن فعل ذلك في مكان بعيد بشكل آمن؟ حسناً، هذا غير محتمل. التجربة التي قامت بها الولايات المتحدة على الغلاف الجوي في صحراء نيفادا ساهمت بزيادة 10% في نسبة سرطان الغدة الدرقية عند الأشخاص الذين تعرضوا لها. و في جزر المارشال، زادت التجربة 1% في نسبة السرطان. يقول ستيف سايمون Steve Simon عالم أوبئة إشعاعية في المعهد الوطني للسرطان والذي قاد الحملة الوطنية لدراسة الإشعاعات في جزر المارشال: "التلوث سيصل للناس مهما كانوا بعيدين"
إن تفجير قنبلة نووية عالياً في الغلاف الجوي، في الفضاء على وجه الخصوص، سيقلل من الغبار المشع والتلوث. وقد قامت الولايات المتحدة بالفعل بعدة اختبارات-على ارتفاع عالٍ سابقاً في الخمسينيات والستينيات. ولكن ماذا لو تفجرت قنابل نووية في الفضاء؟ ماذا عن الأقمار الاصطناعية؟ لقد دمّر التفجير Starfish Prime عدداً من الأقمار الصناعية في العام 1962، وهذا شيء لا يمكن تكراره مجدداً (عن عمد). إذن فإن النافذة على الكربون-14 تغلق رويداً رويداً، إلا أن فتحها منذ البداية كان نتيجة عرضية للعصر الذري.