غاز الأكسجين لرسم التطور المجري

صورة فنية لتشكل نجمة في الكون البدائي.

 

حقوق الصورة: Adolf Schaller/STScI.


مَكّنت دراسة جديدة قادها فلكيون من جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد من تسليط الضوء على كيفية قيام النجوم الفتية الحارة بتأيين الأكسجين في الكون البدائي وتأثيره على تطور المجرات عبر الزمن.

تُمثل الدراسة أولى القياسات حول القوى المتغيرة لخطوط انبعاث الأكسجين من يومنا الحاضر رجوعاً إلى الوراء 12.5 مليار سنة. وتخبرنا الاستنتاجات الأساسية أن قوة الأكسجين مضاعَف التأيّن تزداد كلما عدنا بالزمن إلى الوراء، بينما تزداد قوة الأكسجين مفرد التأين بالرجوع إلى 11 مليار سنة وبعد ذلك الوقت يتناقص الأكسجين للمليار أو المليارين سنة المتبقية من عمر الكون.

سبب هذين النمطين المختلفين من التطور يرجع إلى تغير الظروف الفيزيائية داخل مجرات تشكل النجوم. كما أنّ كمية الطاقة التي شَكلت الغاز بفعل النجوم حديثة النّشأة أكبر بكثير في الكون البدائي.

ساعدت الأبحاث الحديثة التي نُشرت في الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية في وضع إطار لاستطلاعات مستقبلية باستخدام تلسكوبات الأجيال الصاعدة، مثل تلسكوب الفضاء جيمس ويب James Webb قيد الانجاز الذي سيسمح للباحثين بدراسة الظروف داخل مجرات تشكّل النجوم حتى عصر المجرات الأولى.

يمكننا اعتبار المجرة مصنعاً ينتج نجوماً من الغاز البارد، مع كون بعض المجرات أكثر إنتاجية من الأخرى. وبذلك، يكون ما يُعرِّف معاملات التطور عند المجرات هو: معدل تشكل النجوم والكتلة النجمية ومكونات الغاز.

إنّ المعدّل الذي تتشكل عنده النجوم داخل المجرات لم يكن دائماً نفسه. فقد ارتفع معدل تشكل النجوم المثالي في المجرات لأول ملياري إلى ثلاثة مليار سنة بعد الانفجار العظيم وقد تراجع بشكل منتظم خلال الـ 10 أو 11 مليار سنة الماضية.

بمعنى آخر، يمرّ الكونُ بأزمة إنتاجية بما أن المجرات أصبحت أقل نشاطاً في عملية تكوين النجوم. ذلك لأن الغاز البارد هو وقود العملية، ومن الضروري أن نفهم كيفية تغير الظروف الفيزيائية للغاز عبر التاريخ الكوني. 

يذكر علي أحمد خوستوفان Ali Ahmad Khostovan، المؤلف الرئيسي للورقة العلمية وطالب دراسات عليا في قسم الفيزياء والفلك في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد: "هناك طريقة واحدة لدراسة ظروف الغاز في مناطق تشكّل النجوم داخل المجرات وهي بمراقبة خطوط الانبعاث في الطيف. تنتج هذه الخطوط عندما يتفاعل ضوء النجوم اللامعة، الثقيلة، قصيرةُ العمر مع الوسط المحيط مما ينتج مناطق تتأين فيها الذرات أو تتحطم."

تكون خطوط الانبعاث مرئية فقط عندما تشع النجوم الأثقل، وبالتالي فإن الفترات الزمنية التي ترسمها هذه الخطوط ترتبط بعمر هذه النجوم (ما بين 10 إلى 50 مليون سنة). ويمكننا بذلك استعمال خطوط الانبعاث لمراقبة النشاط اللحظي والظروف في مناطق تكوّن النجوم في المجرات. 

استخدم الباحثون في هذه الدراسة عيّنة من خط انبعاثات المجرات المختارة من "ماسح خطوط الانبعاث عالية الانزياح" (HiZELS) لتتبع تطور القوة في خطوط الانبعاثات المرتبطة بالأكسجين مضاعف أو مفرد التأين.

تكمن أهمية هذه الخطوط في كونها توفر معلومات حول حالة الإثارة الطاقية (التأين) للغاز، لأن الاختلاف الأساسي بين الخطين هو الطاقة اللازمة للانتقال من الأكسجين مفرد التأين إلى الأكسجين مضاعف التأين.

تمّ ذلك بفضل التصميم الفريد لماسح خطوط الانبعاث عالية الانزياح HiZELS، الذي يستخدم أربعة مرشحات ضيقة المجال، أحدها مثبت على تلسكوب سوبارو Subaru في هاواي والثلاثة الأخرى على تلسكوب المملكة المتحدة للأشعة تحت الحمراء، في هاواي أيضاً. هذه المرشحات ضيقة لدرجة أن ضوء خط الانبعاث يطغى على كاشف التلسكوب. وبما أن خطوط الانبعاث ضيقة ومزاحة نحو الأحمر، فهي بمثابة شاهد على أربعة شرائح زمنية مختلفة (واحد لكل مرشح) من تاريخ الكون.

يستخدم المؤلفون كذلك ثروة من البيانات من تلسكوبات أرضية متعددة مثل التلسكوب الفضائي الكندي الفرنسي في هاواي بالإضافة إلى التلسكوبات الفضائية كتلسكوب الفضاء سبيتزر. كما تشتمل عيناتهم على التتبع الطيفي باستخدام مقياسَي الطيف DEIMOS و MOSFIRE في مرصد كيك W. M. Keck Observatory وعلى التحليل الطيفي من أبحاث أخرى. حيث تشتمل الدراسة على حوالي 7000 مجرة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات