عُلماء فيزياء الجسيمات يسعون للبحث عن

بعد خمس سنوات من العمل، اتّخذ الفيزيائيون في مختبر EPFL بالتعاون مع 800 باحثٍ دولي مشاركٍ في مشروع LHCb، خطوة هامة عن طريق بناء كاشفٍ جديد - مُتعقّب الألياف الضوئيةSciFi ، وذلك لجمع المزيد من البيانات من المصادم.

 

يتألف كاشف للجسيمات قيد الإنشاء من 10 آلاف كيلومتر من الألياف الضوئية وسيُضاف إلى مسرّع الجسيمات في سيرن.

ينتج مصادم الهادرون الكبيرLHC في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN مئات الملايين من اصطدامات البروتونات في الثانية الواحدة، ولكن يمكن للباحثين الذين يعملون في تجربة مصادم الهادرون الكبير بيوتي LHCb التي تضم علماء الفيزياء من مختبر EPFL، أن يسجلوا فقط 2000 من تلك الاصطدامات، وذلك باستخدام واحد من أجهزة الكشف المثبتة على المسرّع، ولذلك تَترِك هذه الأعجوبة التكنولوجية الفيزيائيين بحاجة إلى المزيد، وهم مقتنعون بأن الحجم الهائل من البيانات غير المرصودة قد تحمل إجابات على عدة أسئلة لم يتم الإجابة عليها حتى الآن.


لقد تم اختبار وتجربة النموذج القياسي (Standard Model) في فيزياء الجسيمات الأولي الذي يصف أفضل الظواهر في هذا المجال، ومع ذلك يعرف الباحثون أنّ اللغز لم يكتمل، وهذا هو السبب وراء دراستهم لظواهر ليست مأخوذةً بعين الاعتبار من قبل النموذج القياسي، إذ يسعى هذا البحث عن "فيزياء جديدة" لشرح اختفاء المادة المضادة (Antimatter) بعد الانفجار العظيم وطبيعة المادة المظلمة (Dark Matter) التي على الرغم من أنها تمثل نحو 30% من الكون إلّا أنه لا يمكن الكشف عنها في هذه المرحلة إلّا من خلال القياسات الفلكية.


يقول أوريليو باي Aurelio Bay من مختبر EPFL لفيزياء الطاقة العالية: " نحتاج إلى تقنيات جديدة لكاشف LHCb لاستخراج المزيد من المعلومات من بيانات LHC"، وقد تعاون مختبر EPFL مع العديد من معاهد الأبحاث لتطوير المعدات الجديدة التي من شأنها تطوير التجربة في عام 2020.

الكشف عن الجسيمات باستخدام الألياف الضوئية 


بعد خمس سنوات من العمل، اتّخذ الفيزيائيون في مختبر EPFL بالتعاون مع 800 باحثٍ دولي مشاركٍ في مشروع LHCb خطوة أولية هامة نحو تعزيز معداتهم التجريبية بشكل كبير، فقرروا بناء كاشف جديد مُتعقّب الألياف الضوئية SciFi.

وقد بدأ بالفعل بناء المتعقب الذي يجمع 10 آلاف كيلومتر من الألياف الضوئية ويبلغ قطر كل منها 0.25 ملليمتر، وعند انتقال الجسيمات من خلالها، فإن الألياف تعطي إشارات ضوئية تلتقطها صمامات ثنائية مُضخّمة للضوء، وسيتم ترتيب الألياف الوماضة في ثلاث لوحات ذات قياس خمسة في ستة أمتار، وسيتم تركيبها خلف المغناطيس، حيث تخرج الجسيمات من نقطة تصادم مسرّع LHC، ستمر الجسيمات من خلال العديد من هذه الشبكات المصنوعة من الألياف مطلقةً جزءاً من طاقتها على طول الطريق، مُنتِجة بعض الفوتونات الضوئية التي ستتحول بعد ذلك إلى إشارة كهربائية.

وستكون البيانات عن كيفية اجتياز الجسيمات للألياف كافية لإعادة بناء مسارها، ثم سيستخدم الفيزيائيون هذه المعلومات لاسترجاع حالتها المادية الأولية، يقول باي: "ما سوف نقوم به بالأساس هو تتبع رحلة عودة هذه الجسيمات إلى نقطة بدايتها، وينبغي أن يعطينا هذا نظرةً عما حدث قبل 14 مليار سنة، قبل اختفاء المادة المضادة، التي تركت لنا المادة الموجودة لدينا اليوم". 

تدفق ضخم للبيانات 


ويشتمل مُتعقّب SciFi على مرشحات مصممة للحفاظ على البيانات المفيدة فقط، مما يجعله عنصراً أساسياً للحصول على البيانات بأعلى سرعةٍ ممكنة، حيث سيقوم الفيزيائيون بتجميع وتحليل جميع البيانات دون الحاجة إلى استخدام الكثير من المرشحات، ولكن ينطوي ذلك على كمية هائلة من البيانات.

ويضيف باي: "قد نكون بلغنا الحد بالفعل لأنّه علينا تخزين البيانات في مكان ما بالطبع، حيث نستخدم أولاً التخزين المغناطيسي ومن ثم نقوم بتوزيع البيانات على شبكة LHC التي تشمل آلات في إيطاليا، وهولندا، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، حيث تشارك العديد من البلدان، ويجري إجراء دراسات عديدة حول هذه البيانات في نفس الوقت."

ويشير باي إلى شاشة الكمبيوتر الخاص به قائلاً: "يشير اللون الأحمر إلى البرامج التي لا تعمل بشكلٍ جيد أو تلك التي كانت تحاول لعدة أيام وذلك ليتم وضعها ضمن الأولويات".

ويضيف باي: "إذا لم يكن لدى LHC ما يكفي من القوة للكشف عن فيزياء جديدة، فسينتهي كل شيءٍ بالنسبة إلى جيلين من الفيزيائيين! سيتحتم علينا التوصل إلى جهاز جديد، للجيل القادم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.
  • المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات