البشر والماشية معًا يشكلان الكتلة الحيوية الأكبر على الكوكب!

مصدر الصورة: قسم الاقتصاد والعلاقات العامة في الأمم المتحدة، منظمة الغذاء والزراعة في الأمم المتحدة، ومراكز السيطرة على الأمراض والحد منها وموقع Producer.com ومجلة بيف Beef Magazine

حاولت ولسنوات عديدة أن أتخيّل كيف يمكن أن تبدو الأرض من خلال مسبار مميزٍ ودقيقٍ وشاملٍ أرسلته المخلوقات الفضائية العاقلة. وأعتقد أن المسبار سيستنتج مباشرةً، وبعد حساباتٍ لكافة الكائنات العضويّة، أن أغلبية الأشخاص والأفراد هي إما كائنات مجهريّة (بكتيريا، فطريّات، طحالب وأشنيّات) أو حشرات متناهية الصّغر، ولكنها تسيطر بوزنها الكلّي على الكتلة الحيويّة الكوكبيّة (على مستوى الكوكب).

ولن يكون ذلك مدهشًا لأن هذه المخلوقات الدقيقة على الرغم من صغر حجمها فإن عددها الكبير جدًّا يعوض عن حجمها. إذ تحتلّ الميكروبات كلَّ حيّزٍ مُدركٍ في المحيط الحيوي، متضمنًا العديد من البيئات المتطرفة أو النائية. أما البكتيريا فهي تمثل نحو 90% من الخلايا الحية في جسم الإنسان، وما يقارب 3% من وزنه الكلي. ومع ذلك فإن الدهشة تكمن في الصورة التي سيطبعها المسبار لأشكال لحياة الحيوانية الكبيرة المرئية بالعين المجردة، والتي يسيطر عليها نوعان فقط من الفقاريّات وهما: الماشية أو القطيع (الثيران) والإنسان (النوع البشري الحالي) بالترتيب نفسه. 

 
وعلى عكس العلماء الفضائيين، فنحن لا نحصل على تحليلٍ فوريٍّ، ورغم ذلك، نستطيع إحصاء الكتلة الحيوانية للماشية والكتلة الحيوية للبشر بقدرٍ عادلٍ وعالٍ من الدقة. حيث أن أعداد المجترّات المدجّنة الكبيرة في البلاد ذات الدخل العالي أضحت معروفةً، ويمكن تقديرها إلى حدٍّ معقولٍ لكلّ البلاد منخفضة الدخل وحتى المجتمعات الرّعويّة. فقد حدّدت منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة أن عدد القطيع العالمي يبلغ حوالي 1.5 مليار رأسٍ عام 2015.
 
ويتطلّب تحويل هذه الأرقام إلى كتلةٍ حيوانيةٍ حقيقيةٍ من المجترّات الحيّة إجراءَ تعديلاتٍ وضبوطاتٍ في توزع كلٍّ من العمر والجنس. ومن أمثلة ذلك ما يلي: الثيران الكبيرة التي تزن أكثر من 1000 كيلوغرام (أي ما يعادل 2200 رطلًا)، والعجول الأمريكية تُذبح عندما يقارب وزنها 600 كيلوغرام. بينما بالنسبة للماشية البرازيليّة التي تُؤخذ إلى الأسواق فغالبًا ما يقل وزنها عن 230 كغ. والماشية الهندية من نوع Gir الشهيرة بحليبها تزن أقل من 350 كغ عندما تصبح ناضجةً.
 
إذاً فالمقاربة المثلى والجيدة لمتوسط الجنس والوزن بالنسبة للعمر هي اعتبار الوزن (400 كغ)؛ وبالتالي سيدل ذلك على أن النسبة الكلية للتجمع الحيواني للماشية الحيّة قد تصل إلى 600 مليون طن متري.
 
وفي المقابل (بنفس الطريقة)، في حال حساب التجمع الكلي للبشرية من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار العمر والوزن الجسدي للسكان. فإن نسبة عدد الأطفال في البلاد منخفضة الدخل أعلى منها في الشعوب الغنيّة. (سجلت هذه الأرقام نسبة 40% في أفريقيا بالمقارنة مع 15% في أوروبا لعام 2015). وفي الوقت نفسه، تتراوح معدّلات الأشخاص البدناء وذوي الوزن الزائد بين الضئيل جدًّا (في أفريقيا) و70% للسكان الرّاشدين (في الولايات المتحدة).
 
ولهذه الأسباب أنا أستخدم وسائل محددةً وخاصةً للقارّاتٍ المختلفة ومستمدّةً من البنى الجنسية والعمرية المتاحة للسكان، ومن الدراسات الأنثروبولوجيّة المتعلقة بعلم الإنسان وأيضًا من منحنيات النمو في البلاد المُعتمدة. وستنتج هذه القياسات والتعديلات معدلًا يقارب 50 كغ لكلّ رأسٍ، (آخذين بعين الاعتبار أن تعداد الأرض كاملًا هو 7.4 مليار بشري) فإن هذا يعني كتلةً بشريةً عالميةً تقارب 370 مليون طن متري لعام 2015.
 
نستوضح مما سبق أن التجمع الحيواني للماشية الآن أكبر بنسبة 60% على الأقل من التجمع البشري، وأن الوزن الحي لكلا النوعين مع بعضهما البعض يصل حوالي مليار طن متري. وحتى أن أكبر الثّديّات البريّة تشكل جزءًا صغيرًا من هذه الجموع فقط، ففيلة السافانا في أفريقيا مثلًا والتي يبلغ عددها 350000 كغ، ومتوسط وزن جسمها يصل إلى 2800 كغ، يبلغ مجموع تواجدها في التجمع الحيواني أقل من مليون طن متري، أي أقل من 0.2% من الكتلة الحيوانية للقطيع.
 
وخلاصة القول: أن المجموع الكلي لجموع الماشية والإنسان مع بعضهما البعض أكبر وبشكلٍ ساحقٍ من المجموع الكلي لكلّ الفقاريّات البريّة، ومن الواضح أنه يترك حيّزًا قليلًا جدًّا لجموع الأنواع الأخرى. حيث تحتلّ الأبقار والبشر أكبر نطاقٍ أرضيٍّ متاح، وتستهلك أغلبية الإنتاج اليخضوري (الناتج عن التركيب الضوئي) وتولد كمًّا متزايدًا من غازات الاحتباس الحراري.
 
لا عجب في أننا في منتصف سلّم انقراض أنواعٍ متعددةٍ. ولا توجد لدينا أيّ رؤىً جاهزةٍ ومقبولةٍ ومؤثرةٍ على أرض الواقع. ومن المتوقّع أنه في عام 2050 سيكون هناك 9 مليار بشريٍّ، وما يقارب 2 مليار من الماشية، وازدياد عددهم مع بعض سيفرضون حتمًا هيمنتهم وسيطرتهم على الأرض.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات