روزيتا تشعل النقاش حول محيطات الأرض

السؤال عن أصل المحيطات على الأرض هو أحد أهم الأسئلة التي تتعلق بتشكيل كوكبنا و أصل الحياة.

إن النظرية الأكثر شعبية هي أن الماء جيء به عن طريق تأثيرات الكويكبات والمذنبات، حيث أن البيانات القادمة من مطياف مركبة روزيتا المداري للتحليل الأيوني و المحايد"ROZINA" وهي أداة على متن سفينة الفضاء روزيتا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية تشير إلى أن المياه الأرضية لم تأتي من المذنبات مثل p/Churyumov-Gerasimenko 67، هذا الاكتشاف نشر منذ أيام في مجلة العلوم.


اتفق الباحثون على أن الماء قد وصل إلى الأرض عن طريق جسيمات صغيرة في مرحلة لاحقة من تطور الكوكب، لكن مع ذلك ليس واضحا أي مجموعة من هذه الأجسام الصغيرة هي المسؤولة عن ذلك. هناك ثلاثة احتمالات: كويكبات نجمية الشكل من حقل أو محيط المشتري، أو المذنبات التي تشكل سحابة أورت داخل مدار نبتون، أو مذنبات حزام كايبر التي تشكلت خارج مدار نيبتون .

الطريقة الرئيسية لتحديد مصدر تلك المياه هي "نكهة" النظائر، وذلك بقياس مستوى الديوتيريوم – عنصر أثقل من الهيدروجين- في أجسام مختلفة، عن طريق مقارنة نسبة الهيدروجين مع الديوتيريوم (D\H) في أجسام مختلفة، يمكن أن يحدد العلماء المكان في النظام الشمسي الذي نشأ فيه هذا الجسم، وأيضاً بمقارنة نسبة D\H في محيطات الأرض مع النسبة ذاتها في الأجسام الأخرى، يمكن أن يهدف العلماء إلى تحديد منشأ مياهنا.

ووجدت الآلة روزينا الموجودة على متن روزيتا أن تركيب بخار الماء على المذنب 67P/Churyumov-Gerasimenko يختلف كثيراً عن ذاك الموجود على الأرض. حيث إن قيمة D\H على المذنب أعلى بثلاثة أضعاف من قيمتها الأرضية، وهذا ضمن القيم الأعلى التي تم قياسها على الإطلاق في النظام الشمسي. مما يعني أنه من غير المرجح أن المذنبات أمثال جيراسيمنكو هي المسؤولة عن المياه الأرضية.

نسبة الـ D\H هي نسبة نظير الهيدروجين الأثقل ضمن نظائر الهيدروجين الأكثر شيوعاً ويدعى الديوتيريوم. ويمكن أن توفر دليلاً للمقارنة عبر مراحل مختلفة من تاريخ الكوكب، " إننا نعلم أن تحليل روزيتا الموضعي للمذنب سيلقي لنا بالمفاجآت دائمًا"، على حد قول مات تايلور (Matt Taylor) ، عالم مشروع روزيتا من مركز التكنولوجيا وبحوث الفضاء الأوروبية في نوردورك-هولندا ، ويضيف:" إن الصورة الأكبر لعلوم النظام الشمسي وهذه الملاحظات الرائعة، هي حتمًا الحافز وراء النقاش الدائر حول المصدر الذي حصلت منه الأرض على مياهها" .

حدد منظار الطيف الكلي على متن بعثة جيوتو الأوروبي لمذنب هالي منذ مايقارب 30 عام ، ولأول مرة نسبة D\H في المذنب. وقد اتضح أنها ضعف النسبة الأرضية، وكان الاستنتاج في ذلك الوقت أن سحابة المذنبات أورت - والذي يعد مذنب هالي واحدًا منها - لايمكن أن تكون المسؤولة عن خزان المياه لدينا. تم فحص عدة سحب لمذنبات أخرى في السنوات الـ20 التالية وكلها تظهر قيم D\H مشابهة مقارنة بهالي، وفي وقت لاحق أصبحت النماذج التي اِعْتُمدت فيها المذنبات كأصل لمياه الأرض أقل شعبية.

وقد تغير ذلك عندما تم تحديد نسبة D\H في المذنب هارتلي 2 والذي يُعنقد أنه مذنب من حزام كابير، وذلك بفضل سفينة الفضاء "هيرشيل" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، حيث نسبة D\H على المذنب قريبة جداً من قيمتها على الأرض - وهذا ماكان غير متوقع حقاً.

تُظهر معظم النماذج على النظام الشمسي الأولي أنه ينبغي أن تكون نسبة D\H في مذنبات حزام كابير أعلى منها في سحابة مذنبات أورت لأن أجسام حزام كابير تشكلت في منطقة أبرد من مذنبات سحابة أورت.


النتائج الجديدة لبعثة روزيتا تعزز الإحتمال بأن الأرض حصلت على مياهها من أجسام على هيئة كويكبات أقرب للمدار لدينا و أن الأرض يمكن أن تحافظ -على الأقل- على بعض من مياهها الأصلية في المعادن وعند القطبين.

قالت كاثرين ألتويغ (Kathrin Altwegg) الباحثة الرئيسية في روزيتا من جامعة بيرن في سويسرا والمحررة الرئيسية لمجلة العلوم :" إن اكتشافنا قد قلل من أهلية الفكرة القائلة أن مذنبات عائلة جوبيتير تتضمن فقط مياه مشابهة لمياه المحيط الموجودة على الأرض"، وأضافت: "وهو يدعم النماذج التي تشمل الكويكبات كآلية توصيل رئيسية لمحيطات الأرض ".

المذنبات هي كبسولة الزمن التي تحتوي على مواد بدائية خلفتها الحقبة التي تشكلت خلالها الشمس والكواكب، حصل مسبار روزيتا على الصور الأولى الملتقطة من السطح الخارجي للمذنب والذي سوف يوفر تحليل التكوين الأساسي المحتمل للمذنب، ستكون روزيتا هي المركبة الأولى التي تشهد على مقربة كيف يتغير مذنب عند تعرضه لإشعاعات الشمس المتزايدة.

وستساعد عمليات الرصد العلماء على معرفة المزيد عن أصل وتطور النظام الشمسي، ودور المذنبات التي يُحتمل أن تكون قد لعبته بوضع بذرة المياه على الأرض "تزويدها بالماء للمرة الأولى" وربما الحياة .

روزيتا هي مهمة تابعة لـ ESA مع مساهمات من الدول الأعضاء في وكالة ناسا، مختبر الدفع النفاث (JPL) في باسادينا-ولاية كاليفورنيا هو فرع من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، ويدير مساهمة الولايات المتحدة في بعثة روزيتا لمديرية المهام العلمية التابعة لناسا في واشنطن. وقد بنا JPL آلة " miro" واستضاف أيضاً الباحث الرئيسي صموئيل غلكيس (Samuel Gulkis). طور معهد أبحاث الجنوب الغربي (سان انطونيو ويولدر) أدوات مسبار روزيتا كما أنه يستضيف الباحثَين الرئيسيَين جيمس بوريش(James Burch) وآلان ستيرن (Alan Stern).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات