وسائط تخزين رقمية قابلة للطي باستخدام الذاكرة الإرذاذية

طور باحثون في جامعة دوك تقنيةً جديدة ونوعاً جديداً من الذاكرة الرقمية في هيئة رذاذ يمكن استخدامها لبناء أجهزة الكترونية قابلة للبرمجة على مواد مرنة مثل الورق والبلاستيك والأقمشة. لتوضيح تطبيق بسيط عن هذا الجهاز، استخدموا تلك الذاكرة لبرمجة أنماط مختلفة من مصابيح LED الموجودة في دارة كهربائية بسيطة.


حقوق الصورة Matthew Catenacci


تعَد وسائط التخزين الوميضية USB flash drives شائعة الاستخدام في المكاتب والجامعات، ولكن بفضل التطور في الالكترونيات المطبوعة، فإن أجهزة التخزين الرقمية هذه ستكون متوفرة قريباً في كل مكان، على السلع وعلب الأدوية وحتى الملابس!

قرَّبَنا باحثون من جامعة دوك Duke University إلى مستقبل الالكترونيات المرنة منخفضة التكلفة من خلال صنع ذاكرة رقمية يمكن رشّها فقط باستخدام طابعة لها فوهة بخاخ نفاذ وجزيئات حبر دقيقة.

هذا الجهاز الشبيه بوسائط التخزين الوميضية 4-بت، هو أول ذاكرة رقمية مطبوعة بشكل تام، وهي مناسبة للاستخدام العملي في الالكترونيات البسيطة مثل أجهزة الاستشعار البيئي أو وسوم تحديد الهوية بالموجات الراديوية RFID tags. ولأن هذا النوع من الذاكرة يُطبع بالنفث في درجات حرارة منخفضة، فإنه من الممكن استخدامها لبناء أجهزة الكترونية قابلة للبرمجة، موضوعة على مواد قابلة للطي كالورق والبلاستيك والقماش.

يقول ماثيو كاتيناتشي Matthew Catenacci خريج جامعة دوك واصفاً الجهاز في بحث نُشر في 27 آذار/مارس في مجلة Journal of Electronic Materials: "لدينا جميع المعامِلات parameters التي ستسمح بتحقيق التطبيق العملي، وقد قمنا بتوضيح ذلك بشكل بسيط باستخدام مصابيح LED". يوجد في نواة الجهاز الجديد الذي يبلغ حجمه حجم طابع البريد، مواد نحاسية من رتبة النانومتر قابلة للطباعة، وهي قادرة على تخزين المعلومات الرقمية.

ويضيف كاتب البحث والأستاذ المساعد في قسم الكيمياء في جامعة دوك بينجامين وايلي Benjamin Wiley: "الذاكرة هي شيء تجريدي، ولكنها في الواقع سلسلة من الواحدات والأصفار التي يمكنك استخدامها لترميز المعلومات".


ويضيف وايلي: "تقوم معظم وسائط التخزين الوميضية بترميز المعلومات من خلال سلسلة من المفاتيح الالكترونية (ترانزستورات) المصنوعة من السليكون، والتي تكون مشحونة في حالة الواحد وغير مشحونة عند الصفر".

هذه المادة الجديدة المصنوعة من أسلاك النحاس، المغلفة بمادة السيليكا والمغطاة أيضاً بمصفوفة من مادة البوليمرات، تقوم بترميز المعلومات، لكن ليس في حالات الشحن، وإنما في حالات المقاومة. يمكن لهذه المادة عند تطبيق جهد كهربائي صغير الانتقال والتحول من حالة المقاومة العالية التي توقف التيار الكهربائي إلى حالة المقاومة المنخفضة والتي تسمح بمرور التيار.

وعلى النقيض من مادة السليكون، تستطيع الأسلاك الدقيقة والبوليمرات الانحلال في الميثانول مكونةً سائلاً يمكن رشُّه من خلال فوهة الطابعة. ويضيف وايلي: "لقد طورنا طريقة لجعل الجهاز قابلاً للطباعة بشكل كامل بدءاً من المحلول، وذلك في حال أردت تطبيقه واستخدامه على الأنسجة ووسوم RFID والركائز المرنة والمنحنية، وكذلك الركائز التي لا تستطيع تحمل الحرارة العالية أيضاً".

ولإنشاء هذا الجهاز استخدم كاتيناتشي في البداية حبر جزيئات الذهب الدقيقة -المتوفر تجارياً- لطباعة مجموعة من الأقطاب الذهبية على شريحة زجاجية، ثم قام بطباعة ذواكر أسلاك النحاس الدقيقة على الأقطاب الذهبية، وأخيراً قام بطباعة سلسلة ثانية من الأقطاب باستخدام النحاس.


ولتوضيح هذا التطبيق البسيط، قام بتوصيل الجهاز إلى دارة كهربائية تحتوي على أربعة مصابيح LED. ويقول: "بما أنه لدينا 4 بتات في هذه الدارة، فباستطاعتنا برمجة ست عشرة حالة مختلفة"، تتوافق كل حالة مع نمط معين من الضوء. ولتطبيق ذلك في الواقع، يمكن برمجة كل حالة لتتوافق مع عدد أو حرف أو رمز معين.

وعلى الرغم من قيام مجموعات بحث أخرى في السنوات الأخيرة بصنع جهاز ذاكرة مشابه قابل للطباعة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يُجمع فيها بين الخصائص الرئيسية المهمة من أجل التطبيق العملي. تبلغ سرعة الكتابة أو الوقت المستغرق للتبديل بين الحالات حوالي 3 مايكرو ثانية، وبذلك فهي تنافس سرعة الذاكرة الوميضية.

تشير اختبارات الباحثين إلى إمكانية الاحتفاظ بالمعلومات المكتوبة في الأجهزة الرقمية إلى مدة قد تصل إلى عشر سنوات. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة كتابة المادة مراتٍ عدة دون حدوث أي خلل بها.


وبسبب صِغر سعة ذاكرة هذه الأجهزة، فهي غير قادرة على تخزين الصور الرقمية والموسيقى في القريب العاجل، إلا أنه ووفقاً للباحثين، يمكن استخدامها في التطبيقات التي تتطلب كلفة قليلة ومرونة عالية.

يقول وايلي: "تُرمِّز وسوم RFID في الوقت الراهن رقم منتج معين، وتُستخدم عادةً لتسجيل السلع، إلا أن الناس يرغبون بشكل أكبرَ بتسجيل بيئة المنتج، كدرجات الحرارة التي وُضع فيها على سبيل المثال. إن الطريقة الوحيدة لاستخدامها هو جعل وسوم RFID أكثرَ ذكاءً، وذلك بتمكينها من استشعار بيئتها وتسجيل حالتها على مر الزمن".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات