دراسة تتنبأ بالعاصفة الغبارية الكبيرة القادمة على المريخ

قد تصبح العواصف الغبارية الضخمة على المريخ قريباً أكثر قابلية للتنبؤ بها -ما سيكون نعمة لرواد الفضاء المستقبليين الذاهبين إلى هناك- هذا إن سارت العاصفة القادمة على نموذج العواصف التي سبقتها بالماضي. أشار تنبؤ منشور اعتمد على هذا النموذج أن المريخ سيشهد عاصفة غبارية ضخمة في الأشهر القليلة القادمة.


يقول جيمس شيرلي James Shirely عالم الكواكب في مختبر ناسا للدفع النفاث في باسادينا-كاليفورنيا: "سيصل المريخ إلى منتصف فصل العواصف الغبارية الحالي في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول لهذا العام، ونعتقد بناء على النموذج التاريخي الذي وجدناه بأنه من المحتمل جداً أن عاصفة غبارية ضخمة ستبدأ في غضون أسابيع قليلة أو أشهر من تاريخه".

 

تظهر هاتان الصورتان اللتان تعودان إلى العام 2001 تغييراً جذرياً في مظهر الكوكب عندما انتشر السديم الناتج عن نشاط العاصفة الغبارية التي أثيرت في الجهة الجنوبية على كامل الكوكب. أخذت الصور بفارق شهر تقريباً، و التقطتها كاميرا مركبة ماسح المريخ الشامل Mars Global Surveyor  حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/MSSS
تظهر هاتان الصورتان اللتان تعودان إلى العام 2001 تغييراً جذرياً في مظهر الكوكب عندما انتشر السديم الناتج عن نشاط العاصفة الغبارية التي أثيرت في الجهة الجنوبية على كامل الكوكب. أخذت الصور بفارق شهر تقريباً، و التقطتها كاميرا مركبة ماسح المريخ الشامل Mars Global Surveyor حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/MSSS


حيث تحصل العواصف الغبارية المحلية بشكل متكرر على المريخ، وهذه العواصف المحلية أحياناً تنمو وتندمج لتشكل منظومات إقليمية، وخصوصاً أثناء الربيع الجنوبي والصيف عندما يكون المريخ في وضعه الأقرب إلى الشمس، وفي أحيان نادرة تنتج العواصف المحلية سديماً غبارياً يحيط بالكوكب ويخفي معالم السطح من تحته.


وقد تصبح بعض هذه الأحداث عواصف ضخمة فعلاً، كالعاصفة التي واجهت مركبة ناسا الفضائية الأولى إلى مدار المريخ Mariner ‎9 عام 1971‎، ولا تزال الحاجة إلى نموذج قابل للتنبؤ بالعواصف المحيطة بالكوكب أو الضخمة خلال السنة المريخية تمثل تحدياً.

أما العاصفة الغبارية المريخية الأحدث فقد حدثت عام 2007، وأدت إلى انخفاض الطاقة الشمسية المتوفرة لمركبتين من مركبات ناسا بشكل كبير -وهما سبيريت Spirit و أوبرتيونيتي Opportunity- اللتان كانتا تكتشفان الكوكب ويفصلهما مسافة تبلغ المسار عن بعضهما.

يقول جون كالاس John Callas مدير مشروع سبيريت وأوبرتيونيتي من مختبر ناسا للدفع النفاث: "كانت العاصفة الغبارية الضخمة عام 2007 أول تهديد خطير للمركبتين الجوالتين منذ أن هبطتا على المريخ''، ويكمل قائلا: "كان علينا أن نأخذ إجراءات خاصة لإبقائهما تعملان لعدة أسابيع بوجود القليل من أشعة الشمس اللازمة لتزويدهما بالطاقة، حيث كنا نشغل كلاً منهما لعدة دقائق في كل يوم بما يكفي لإحمائهما، ومن ثم نطفئهما إلى اليوم التالي دون أي تواصل مع الأرض، واستمرينا بذلك لعدة أيام خلال أسوأ فترة من العاصفة كانت المركبتان فيها بمفردهما".


يشير هذا الرسم إلى تشابه بين عامي 2016 (الخط الأزرق الداكن) والخمسة سنوات التي سبقته أثناء حدوث العواصف الغبارية في المريخ (خطوط برتقالية)، بالمقارنة مع عدة سنوات لم تحصل فيها أي عاصفة غبارية (خطوط خضراء مزرقة). المقياس الأفقي يمثل الوقت من السنة الأرضية على سطح المريخ.  حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
يشير هذا الرسم إلى تشابه بين عامي 2016 (الخط الأزرق الداكن) والخمسة سنوات التي سبقته أثناء حدوث العواصف الغبارية في المريخ (خطوط برتقالية)، بالمقارنة مع عدة سنوات لم تحصل فيها أي عاصفة غبارية (خطوط خضراء مزرقة). المقياس الأفقي يمثل الوقت من السنة الأرضية على سطح المريخ. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


ستفرض العواصف الغبارية أيضاً تحديات كبيرة أمام رواد الفضاء على الكوكب الأحمر، وعلى الرغم من أن الرياح على المريخ ليست بالقوة التي صورتها المشاهد الأولى من فيلم "المريخي" The Martian، فإن الغبار المرتفع عالياً أثناء العواصف قد يؤثر على الأجهزة الإلكترونية والصحة، بالإضافة لتأثيره على توفر الطاقة الشمسية (لحجبه ضوء الشمس).

ومن الجدير بالذكر أن الكوكب الأحمر قد رصد ملفوفاً بالغبار بشكل كامل تسعة مرات منذ عام 1924، من بينها العواصف الخمس الأحدث التي رصدت في الأعوام 1977، 1982، 1994، 2001، 2007.


ولا شك أن عدد أحداث كهذه أعلى بكثير، ففي بعض السنوات التي لم يكن فيها أي مركبة جوالة لترصد المريخ، كان تموضع المريخ غير جيد بالنسبة لمحطات تلسكوبية أرضية ترصد العواصف الغبارية خلال الفصل المريخي الذي تكون فيه العواصف الغبارية الضخمة أكثر احتمالاً.

أشار شيرلي في ورقته البحثية التي نشرها عام 2015 في مجلة Icarus إلى إيجاده نمطاً لحدوث العواصف الغبارية الضخمة عندما حلل العوامل الموجودة في متغير يرتبط بالحركة المدارية للمريخ. فبعض الكواكب الأخرى لها تأثير على كمية حركة المريخ أثناء دورانه حول مركز جاذبية المنظومة الشمسية، ويتنوع التأثير على عزم دوران المريخ ضمن دورة تقارب مدتها 2.2 سنة، وهي أطول من المدة التي يحتاجها المريخ ليكمل دورة واحدة، والتي تقارب 1.9 سنة، والعلاقة بين هاتين الدورتين تتغير باستمرار.


وقد وجد شيرلي بأن العواصف الغبارية الضخمة تميل للحدوث عندما تكون كمية الحركة في ازدياد خلال الجزء الأول من فصل العواصف الغبارية. حيث لم تحصل أي من العواصف الغبارية الموجودة في السجلات التاريخية في سنوات كان العزم الحركي فيها في حالة انخفاض في الجزء الأول من شهر العواصف الغبارية.


كما أشارت الورقة البحثية أيضاً إلى أن الظروف الحالية لفصل العواصف الغبارية المريخية، مشابهة جداً لعدة ظروف من السنوات التي حصل فيها عواصف غبارية ضخمة في الماضي؛ وستختبر عمليات الرصد لجو المريخ خلال الشهور القليلة القادمة صحة هذه التوقعات.

هذا وينشر الباحثون من "أنظمة مالين لعلوم الفضاء" Malin Space Sciences Systems وهي شركة مقرها في سان ديغو، تقارير عن طقس المريخ كل أسبوع، بناء على عمليات الرصد باستخدام كاميرا "جهاز التصوير الملون للمريخ" Mars Color Imager على مركبة استكشاف المريخ الجوالة لناسا.


وقد تنامت سلسلة من العواصف الغبارية المحلية في نصف المريخ الجنوبي في آواخر أغسطس/ آب، لتشكل عاصفة غبارية كبيرة على منطقة إقليمية أكبر في أوائل سبتمبر/ أيلول، لكنها انحسرت أواسط أيلول قبل أن تتحول إلى عاصفة ضخمة، وسيراقب الباحثون عن كثب لرؤية ما سيحدث في العاصفة الإقليمية القادمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات