للموصلية الفائقة التي تتمتع بها بعض المواد أهمية كبرى في الكثير من المجالات، لكنها تخضع من ناحية أخرى إلى الكثير من الاعتبارات والقيود، ومنها درجة الحرارة. تحصل هذه الظاهرة عند درجات حرارة منخفضة في العادة، ويسعى العلماء دوماً إلى الحصول على الموصلية الفائقة عند درجات حرارة أكثر ارتفاعاً؛ ويُمثل هذا البحث الجديد قفزة عملاقة في هذا المجال.
قد يُفسر الاقتران الحاصل بين الالكترونات والاهتزازات الشبكية غير التوافقية (Anharmonic crystal vibrations) الموصلية الفائق عند درجات الحرارة المرتفعة في كبريتيد الهيدروجين المضغوط.
يدعي تقرير حالي أنه برهن على أنّ H2S المضغوطة هي نواقل فائقة عند درجة الحرارة 190 كلفن. وإذا ما تم تأكيد ذلك، فإنَّ هذه الاكتشافات ستدفع بمادة الـ cuprate من موقعها الحالي كمادة فائقة الموصلية عند درجة حرارة 164 كلفن إلى مكانٍ آخر، وستُمثل خطوة أخرى نحو الحصول على النواقل الفائقة عند درجة حرارة الغرفة (superconductor).
يُعتقد أن درجات الحرارة الحرجة مترافقة مع الموصلية الفائقة غير التقليدية، والتي لا تزال آلياتها الفيزيائية مجهولة. لكن برهن الآن ايون ايرا Ion Errea من مركز الفيزياء الدولي في دونوستيا باسبانيا وزملاؤه على أن هذا الافتراض غير صحيح بالنسبة لـ H2S عند الضغوط المرتفعة. وتقترح حساباتهم النظرية أن H2S يسلك سلوكاً مشابهاً كثيراً للنواقل الفائقة التقليدية، التي تُعتبر فيها آلية الاقتران بوساطة الفونونات هي المسؤولة عنها.
درس الباحثون مسارات تفكك H2S عندما يتم ضغطه وصولاً إلى 200 غيغا باسكال. ووجدوا أن H2S يستطيع تشكيل بنيتين معدنيتين مستقرتين، وهما: H3S أو HS2. تتنبأ النظرية بأن البنيتان تتمتعان بسلوك فائق الناقلية، لكنَّ HS2 يُوقف موصليته الفائقة عند درجة حرارة تساوي 30 كلفن تقريباً، وبالتالي لا يُمكنه تفسير التجارب الحالية.
وبالتركيز على H3S، درس الباحثون التفاعلات الحاصلة بين الالكترونات وأنماط الاهتزاز (الفونونات)، التي تُعتبر مهمة جداً بالنسبة للموصلية الفائقة (Superconductivity) التقليدية. اكتشف الفريق أن تفاعلات الالكترون-الفونون بإمكانها شرح الموصلية الفائقة لـ H3S عند درجات الحرارة المرتفعة إذا ما أخذوا بعين الاعتبار الحركة الاهتزازية غير التوافقية للذرات.
وعلى الرغم من أنَّ الانضغاط العالي لـ H3S يجب أن يحد من مجال الانزياح الذري (Atomic displacement) بالنسبة لذرات الهيدروجين بسبب صغر كتلتها، إلا أنها انزاحت بشكلٍ معتبر عن موقع توازنها.
يُزيح هذا الأمر ترددات الاهتزازات التوافقية عبر تهدئة روابط محددة، أو تصليب أخرى. استنتج المؤلفون أنه بإمكانهم الوصول إلى النتائج التجريبية الحالية مرةً جديدة فقط عندما يأخذون بعين الاعتبار هذه اللاتوافقية (Anharmonicity).