تلقائية تكاثف بوز-أينشتاين لحالات الإلكترون والثقب

حالة الإلكترون والثقب Excitons هي أزواجٌ من الإلكترونات والثقوب في المادة الصلبة تتصرف مع بعضها كما لو كانت جسيمًا واحدًا.
 

لطالما ظن العلماء أنه عند وجود عدّة حالات إلكترون وثقب في القطعة نفسها من المادة الواحدة فإنها تستطيع تشكيل حالةٍ كموميةٍ تُدعى حالة تكاثف بوز-أينشتاين Bose-Einstein Condensate، وهي العملية ذاتها المسؤولة عن خسارة المعدن لكلّ مقاومته الكهربائية عندما يصبح موصلًا جيدًا للكهرباء على سبيل المثال. ولكن في الحقيقة كان إثبات ظهور تكاثف بوز-أينشتاين لحالة الإلكترون والثقب في مادةٍ حقيقيةٍ يمثل تحديًا للفيزيائيين لعدّة عقودٍ.
 

وقد أُجريت تجربةٌ في جامعة إلينوي University of Illinois في إربانا- شامبين Urbana-Champaign بالتعاون مع الباحث جاسبر فان فيزل Jasper van Wezel من معهد يو في إي للفيزياء UvA-Institute of Physics، اكتُشفت فيها دلائلُ على أنّ هذه الحالة المحيرة في المادة موجودةٌ حقًا، وقد نُشرت نتائجهم في مجلة ساينس (العلوم) Science.
 

واكتشف الفيزيائيون في بداية القرن العشرين أنّ العالم المحيط بنا مكون من نوعين من الجسيمات: البوزونات Bosons والفيرميونات Fermions، والفرق الأساسي بين هذين النوعين من الجسيمات هو كيفية سلوكها حين نحاول وضعها في الحالة الفيزيائية نفسها، بالموضع والسرعة ذاتهما، وهكذا. وبينما من المستحيل لفيرميونين (مثل الإلكترونات Electrons) أساسًا أن يكونا في الحالة ذاتها في الوقت نفسه، فإنه يمكن لبوزونين أو أكثر (مثل الفوتونات Photons وجسيمات الضوء Particles of Light) أن يكونا في الحالة نفسها والوقت ذاته دون أيّ مشكلةٍ.
 

وفي الحقيقة فإنه في حرارةٍ منخفضةٍ بما يكفي ستفضّل مجموعةٌ من الفيرميونات حالةً كهذه: لدى الجسيمات الميل لشغل الحالة ذاتها في عمليةٍ تُدعى تكاثف بوز-أينشتاين.
 

حالات الإلكترون والثقب


تحدث حالة تكاثف بوز-أينشتاين في معظم أنواع البوزونات في درجات حرارةٍ منخفضةٍ جدًّا، عند درجة الحرارة المطلقة وبحدٍّ أدنى 273° تحت الصفر على مقياس سيليسيوس، وقد يكون سلوك حالة الإلكترون والثقب في البلورة استثناءً لهذه القاعدة. فحالات الإلكترون والثقب هي مجموعاتٌ من الإلكترونات المشحونة سلبًا، وما يُسمى بالثقوب فهي عبارة عن غياب الإلكترون في مكانٍ ما في البلورة مما يؤدي إلى فائضٍ محليٍّ في الشحنات الموجبة. ويمكن لزوج الإلكترون والثقب أن يرتبطا معًا ويسلكا سلوك بوزون مفرد، وهي حالة الإلكترون والثقب.

لقد توقع العلماء في ستينيات القرن الماضي بأن حالة الإلكترون والثقب هي مثل البوزون من حيث كونها تستطيع تشكيل تكاثف بوز-أينشتاين، وبالإضافة لذلك يجب أن تحدث في درجات حرارةٍ أعلى بكثيرٍ من الحرارة اللازمة لأغلب الجسيمات الأخرى، نظريًا قد تحدث في درجة حرارة الغرفة، وبما أن الوصول إلى درجات الحرارة المرتفعة أسهل في بيئة المختبر، فيمكن لحالة الإلكترون والثقب أن تؤمّن بيئةً يمكن الوصول إليها في كلّ من الخصيصتين الكميّتين لتكاثف بوز-أينشتاين، كما يمكن أن نستقصي عن الخصائص المادية الفريدة التي تمنحها لبلوراتها المضيفة.

حالة M-EELS


بالرغم من نسبية درجة الحرارة التي ظهرت كما وُصف التأثير في مقالة مجلة Science (100° فقط أو قريبًا من ذلك تحت درجة حرارة الغرفة) بالإضافة إلى الشك بوجود حالة الإلكترون والثقب لسنواتٍ عديدةٍ، فقد تبين أنّ إثبات حدوث تكاثف بوز-أينشتاين صعبٌ بشكلٍ مذهل. والسبب الرئيسي هو وجود ظاهرةٍ فيزيائيةٍ مختلفةٍ يصعب تمييزها عن تكاثف بوز-أينشتاين لحالة الإلكترون والثقب، تشكيل الحالة المدعوّة بحالة بيرلز Peierls State حيث تنتظم الإلكترونات في بنية البلورة بشكلٍ عفويٍّ بسلوكٍ شبيهٍ بالموجة، بذرىً وقيعانٍ متبدلةٍ ارتفاعًا وهبوطًا لكثافة الإلكترون. وموجةٌ مثل هذه الموجة لديها الكثير من الخصائص الفيزيائية ذاتها المتوقعة لحالة تكاثف بوز-أينشتاين في حالة الإلكترون والثقب.
 

وقد أجريت تجربةٌ جديدةٌ في جامعة إلينوي في إربانا-شامبين بالتعاون مع باحثين من جامعة أوكسفورد University of Oxford وجامعة أمستردام University of Amsterdam، أظهرت أنّ التقنية التجريبية المطورة حديثًا لطيفية فقد طاقة إلكترون عزم القوة الدافعة Momentum-resolved Electron Energy-loss Spectroscopy واختصارها M-EELS تسمح لهم بتمييز أدلة تكاثف حالات الإلكترون والثقب في مادةٍ تُدعى ثنائي سيلينيد التيتانيوم Titanium Diselenide.
 

ولقد طُوِّرت هذه التقنية في جامعة إلينوي في إربانا-شامبين، وسمحت للمرة الأولى للباحثين بأن يقيسوا جسيماتٍ بوزونيةٍ منخفضة الطاقة مصنوعةٍ من الإلكترونات والثقوب، وذلك بغضّ النظر عن قوتها الدافعة. وبهذه القدرة الفريدة أصبح الباحثون قادرين على إثبات أنّ حالات الإلكترون والثقب في ثنائي سيلينيد التيتانيوم تتكتل تلقائيًا إلى حالة تكاثف بوز-أينشتاين عندما تتبرد المادة إلى أقل من 100° مئويةٍ تحت حرارة الغرفة. وتُظهر هذه القياسات للمرة الأولى أدلةً دامغةً لحقيقة أنّ حالة الإلكترون والثقب يمكن أن تشكّل حالة تكاثف بوز-أينشتاين في درجات حرارةٍ يسهلٌ الوصول إليها وعاليةٍ نسبيًا.

علاوةً على ذلك فإنها تظهر أنّ M-EELS هي تقنيةٌ قويةٌ ومتنوعةٌ بعديدٍ من التطبيقات المستقبلية المحتملة، وقد نُشرت النتائج في مجلة Science.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التحليل الطيفي (Spectroscopy): التحليل الطيفي ببساطة هو علم قياس شدة الضوء عند الأطوال الموجية المختلفة. وتُسمى المخططات البيانية الممثلة لهذه القياسات بالأطياف (spectra)، وهي المفتاح الرئيسي لكشف تركيب الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية. المصدر: ناسا
  • الالكترون (Electron): جسيم مشحون سلبياً، ويُوجد بشكلٍ عام ضمن الطبقات الخارجية للذرات. تبلغ كتلة الالكترون نسبة تصل إلى حوالي 0.0005 من كتلة البروتون.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

اترك تعليقاً () تعليقات