ثورة السوبرسونيك - الجزء الخامس: كويست للطيران الهادئ الأسرع من الصوت

هذا المقال هو الجزء الخامس والأخير من سلسلة ثورة السوبرسونيك.. لقراءة باقي السلسلة، تابعوا الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث، الجزء الرابع

فكر في الأمر، الرحلة التجارية في طائرة أسرع من الصوت تعني وقت طيرانٍ أقل، أي وقتًا أقل في مقعد ضيق وربما بجوار رفيق سفرٍ غير مرغوبٍ به.

هل يمكن للكونكورد Concorde فعل ذلك؟ كلا، فالكونكورد التي حلقت للمرة الأخيرة في عام 2003 واستُخدمت في الخمسينيات للسفر جوًا فوق المحيطات، كانت تصدر ضجيجًا هائلًا فوق التجمعات السكنية لقوة الانفجار الناجم عن اختراقها لحاجز الصوت. كما كانت تستهلك الكثير من الوقود بالإضافة إلى تكلفة تذكرتها المرتفعة التي وصلت قيمتها إلى ما يساوي 15000 دولار حاليًا للمقعد الواحد ذهابًا وإيابًا، ويعتبر هذا هدرًا للأموال إن صح التعبير.

حسنًا، الأمر أعقد من مجرد بناء طائرة كونكورد جديدة وتزويدها بتقنياتٍ حديثةٍ لتوفير الوقود. فقد حظرت الولايات المتحدة الأمريكية الطيران الأسرع من الصوت فوق سطح الأرض بسبب دوي الانفجار الصوتي الذي يسببه اختراق الطائرة لحاجز الصوت، لهذا على الطائرة التجارية الجديدة الأسرع من الصوت التغلب على المشاكل التي يسببها الانفجار، وأن تكون اقتصاديّةً في الوقت نفسه.

طائرة كويست الاختبارية في نفق الرياح 2.5 × 1.5 × 7 متر. الحقوق: NASA
طائرة كويست الاختبارية في نفق الرياح 2.5 × 1.5 × 7 متر. الحقوق: NASA
هذا بالتحديد ما يحاول فعله مشروع ناسا لتقنيات الطائرات التجارية الأسرع من الصوت Commercial Supersonic technology Project، فبعد سنوات من العمل، أصبح من الممكن إضافة شيء جديد لإنتاج تقنياتٍ تمكننا من التحليق بسرعةٍ أكبر من سرعة الصوت مع إصدار كميةٍ مقبولةٍ من الضجيج.

بدأت ناسا من هنا بالتعاون مع شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin على تطوير مفهوم طائرة كويست الاختبارية الهادئة والأسرع من الصوت (Quiet Supersonic Technology (QuiSST أو ما يسمى طائرة إكس X-Plane.

أساسيات المشروع


الهدف العام من هذا المشروع هو تحسين معيشة الأشخاص على الأرض والمسافرين جوًا أيضًا، وتكمن أهمية الخطوة الكبيرة قريبة المدى في التغلب على دوي الانفجار الصوتي. ولتحقيق ذلك، صُمّمت طائرة إكس X-Plane فريدة من نوعها، تتمتع بأنف الطويل وأجنحة ذات ارتداد خلفي والعديد من المواصفات الفريدة الأخرى. وستعمل هذه الطائرة على إثبات امكانية كتم الانفجار الصوتي وبالتالي دفع الجهات المعنية إلى إعادة النظر في مسألة حظر الطيران الأسرع من الصوت فوق اليابسة.

يقول بيتر كوين Peter Coen مدير مشروع تقنية الطيران التجاري الأسرع من الصوت من داخل مركز أبحاث لانغلي التابع لوكالة ناسا Langley Research Center: "الفكرة هي تصميم الطائرة بحيث تُرتَّب موجات الصدمة المسجلة في الرحلة بطريقةٍ تمنع حدوث الانفجار الصوتي، ونحصل بالمقابل على ارتفاع ضغطٍ تدريجيّ عادي، والذي ينتج بدوره صوتًا هادئًا".

ما هو كويست؟ 


كويست هي مرحلة التصميم الأولي لطائرة ناسا التجريبية ذات الانفجار المصغّر (Low Boom Flight Demonstration (LBFD. وهي ليست طائرة عادية، بل يعتمد أغلب تصميمها نماذج حاسوبية تضمن تجميع كل القطع في طائرةٍ مستقبليّة حقيقية. بنى فريق ناسا ولوكهيد مارتن المشترك نموذجًا مصغرًا من كويست لتجربته في نفق الرياح وذلك للتحقق من الأداء الديناميكي الهوائي لجسم الطائرة وأسطح التحكم ومداخل المحرك. واختير نفق الرياح الموجود في مركز غلين للأبحاث والتابع لناسا Glenn Research Center بسبب حجمه 2.5×1.5×7 متر وقدرته الفريدة على إجراء اختباراتٍ في مجالٍ واسعٍ من السرعات.

يقول كوين: "إن المرحلة القادمة هي اختبار التقنيات أثناء الطيران. الفكرة هي إثبات قوة التقنية في مجموعة متنوعة من الظروف الجويّة، ولكن في نهاية المطاف يجب إثبات أن الصوت الناجم سيكون مقبولًا للناس على سطح الأرض".

وقال ديفيد ريتشواين David Richwine مدير جهود التصميم الأولي في إطار مشروع كويست التابع لوكالة ناسا: "إدارة مشروعٍ كهذا بمثابة تحقيق إنجازٍ تلو الآخر. لقد ساعدتنا شراكتنا القوية مع شركة لوكهيد مارتن في الوصول إلى هذه المرحلة، ونحن الآن على وشك بناء طائرة إكس فعليًا". وبالنسبة للمرحلة التالية من الاختبار، سوف يحلق الطيارون بطائرة إكس فوق المجمّعات السكنية لجمع البيانات، من بينها تفاصيل حول الغلاف الجوي بحيث يمكن للمهندسين فهم تأثير الغلاف الجوي على الانفجار الصوتي بشكل أكبر. والأهم من ذلك، سيجري الباحثون قياسات وإحصائياتٍ للسكان لفهم أفضل لمستوى الإزعاج الذي يسببه الانفجار الصوتي، هذه القياسات ضرورية للمنظمين من أجل السماح بالطيران الأسرع من الصوت فوق سطح الأرض في الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى في العالم.

إذًا ما التالي؟


ستراجع ناسا بيانات الاختبار وتستكمل مراجعة التصميم الأولي. وسيمنح عقدٌ لتصميم وتصنيع واختبار طائرةٍ تجريبيّةٍ بمقعدٍ واحد في حال كانت بيانات الاختبارات إيجابية. ويمكن أن يبدأ اختبار الطيران في بدايات عام 2021. يقول مسؤولون بالوكالة في بيان لهم أن الحصول على عقد الطائرة تلك سيخلق تنافسًا وانفتاحًا في الأسواق العالمية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات