في هذه الصورة التي التقطت يوم الأربعاء 17 أكتوبر/تشرين الثاني 2018. يمكنك رؤية نسخة طبق الأصل للنموذج المبدئي للكيلوغرام في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس، في سيفر، بالقرب من باريس. والذي هو عبارةٌ عن أسطوانة معدنية بحجم كرة الغولف. لكن هذا التعريف في طريقه إلى التقاعد، حيث وافقت الحكومات في مدينة فرساي، غرب باريس، يوم الجمعة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، على خطة لاستخدام صيغة علمية لتحديد الكتلة الدقيقة للكيلوغرام. حقوق الصورة: AP Photo/Christophe Ena
في تصويتٍ تاريخي، وافقت أكثر من 50 دولةً بالإجماع على تعديل نظام القياس الدولي الذي يدعم التجارة العالمية والمساعي الإنسانية الأخرى، حيث وافقوا يوم الجمعة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 على وضع تعريفٍ جديدٍ للكيلوغرام والوحدات الأخرى بطريقة فشلوا في القيام بها في العديد من المحاولات الأخرى.
بالنسبة للعلماء، يُمثل هذا التغير عقودًا من العمل، حيث صفقوا وهتفوا حين صوت كل واحدٍ منهم تلو الآخر لصالح التغير، حيث يُعتبر هذا التغير ثورة في كيفية قياس البشرية لكمياتها والأشياء من حولها.
كان إعادة تعريف الكيلوغرام، وحدة الكتلة المعتمدة عالميًا، التغيير المرتقب بشكل كبير. فلأكثر من قرنٍ من الزمن، عُرّف الكيلوغرام على أنه كتلة أسطوانةٍ من سبيكة البلاتين والإيريديوم محفوظة في خزنة عالية الأمان في فرنسا. ومنذ عام 1889، اعتُمدت هذه الأسطوانة التي تحمل اسم "Le Grand K"، كوحدة قياس الكيلوغرام في العالم. أما الآن، وبعد التصويت، سيُعرَّف الكيلوغرام وجميع وحدات القياس الرئيسية الأخرى باستخدام قيمٍ عددية أكثر سهولة. قُرِئَت هذه الأرقام على المندوبين الوطنيين قبل التصويت. حيثُ سيأخذ التحديث مجراه في 20 مايو/أيار 2019.
كان العلماء في الاجتماع متحمسين، حتى أن بعضهم كانوا قد وضعوا وشومًا على الساعدين احتفالًا بالعلم.
ووصف ويليام فيليبس William Phillips الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء هذا التحديث بأنه: "أعظم ثورة في القياس منذ الثورة الفرنسية، التي اعتمدت النظام المتري للأمتار والكيلوغرامات".

سيُستغنى عن نموذج الـ Grand K ونسخه الست الرسمية، التي حُفظت معًا في نفس الخزنة في ضواحي باريس والمعروفة مجتمعة باسم "heir and the spares". لكنها لن تُنسى، حيث يرغب العلماء في مواصلة دراستها لمعرفة ما إذا كانت كتلتها تتغير بمرور الوقت.
لن يكون للتحديث أي تأثيرٍ واضح على معظم الناس. حيث لن تتغير كتلتك عند قياسها على ميزان الحمام، ولن يتغير الكيلوغرام والغرامات في محلات السوبر ماركت. لكن التعريف الجديد للكيلوغرام المعتمد على صيغةٍ رياضية سيكون له مزايا متعددة تفوق مزايا الكتلة المعدنية الدقيقة التي وضعت المعيار للكيلوغرام خلال الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر إلى القرن الحادي والعشرين.
على عكس الجسم المادي، لا يمكن لصيغة الكيلوغرام، التي تُعرف الآن باسم "الكيلو الكهربائي"، أن تلتقط جزيئات الغبار، أو تضمحل مع مرور الوقت أو تسقط أو تتلف، وسيكون من الأسهل مشاركتها. وقال باري إنغليس Barry Inglis، عالم من أستراليا: "إذا أبقينا على التعريف القديم، وقام شخص ما بإسقاط الكيلوغرام عن طريق الخطأ أو إذا كان هناك تلوث لا يمكننا السيطرة عليه، فإن النظام بأكمله سيفشل. وسيكون هناك فوضى. هذا الشيء الذي أثار قلقنا في الواقع، على ما أعتقد، ربما لخمس عشرة سنة أو أكثر بسبب مدى ضعف النظام، لأنه يعتمد فقط على تلك القطعة الصغيرة من البلاتين والإيريديوم".

من المتوقع أن يسمح الكيلوغرام المعاد تعريفه بإجراء قياساتٍ أكثر دقةً لكتلٍ كبيرة جدًا جدًا أو صغيرةٍ جدًا جدًا وسيساعد في نشوء الابتكارات في مجالات العلوم والصناعة والدراسة المناخية وغيرها من المجالات. في جهود البشرية لقياس وفهم العالم، التي تمتد قرونًا في الماضي في فترةٍ قاس فيها أهل بابل القديمة الكتل بالحجارة، فقد كان التصويت علامةً بارزة، وفقًا للعلماء
قال جون برات Jon Pratt، من المعهد القومي الأمريكي للمقاييس والتكنولوجيا: "هذه الوحدات، تلك الثوابت التي اختيرت الآن، تشمل كل ما نعرفه، وكل ما كنا نعرفه دائمًا، وتمثل منصة انطلاق لاكتشاف الأشياء التي لا نعرفها". كما صُدِّق على تعريفات جديدةٍ للأمبير والكلفن والمول يوم الجمعة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وكما نعلم جميعًا، تستخدم البشرية سبع وحدات قياسٍ رئيسية: المتر للطول، والكيلوغرام للكتلة، والثانية للوقت، الأمبير للتيار الكهربائي، الكلفن لدرجة الحرارة، المول لمقدار المادة، والشمعة أو القنديلة لقياس شدة الإنارة.
من بين تلك الوحدات السبع، كان الكيلوغرام هو الأخير الذي لا يزال يعتمد على مرجعٍ مادي، ألا وهو Le Grand K. مع مرور الوقت، بينما يصبح العلم وراء تعريف الكيلوغرام الجديد أكثر سهولةً وأقل تكلفةً، فإنّ التحديث الجديد يعني أيضًا أنّ البلدان لن تضطر لإرسال الكيلوغرامات الخاصة بها إلى فرنسا من حينٍ لآخر لمقارنتها مع Le Grand K، لمعرفة ما إذا كانت كتلتهم لا تزال دقيقة.

قال مارتن ميلتون Martin Milton مدير المكتب الدولي للأوزان والمقاييس: "لقد قمنا بتحصين النظام للمستقبل".
يُعتبر المكتب الدولي للأوزان والمقاييس الوصي على النظام، فضلًا عن Le Grand K ونسخها، المُخزَّنة في قبوٍ يتطلب ثلاثة مفاتيح لفتحه، يحتفظ بها ثلاثة أشخاص مختلفين. ونادرًا جدًا ما رأت هذه النسخ ضوء النهار. قال ميلتون: "لقد وضعنا نظامًا لا يعتمد على شيءٍ عمره 140 عام".