الجواب في مهب الرياح بين المجرّية

قدّم فلكيون من جامعة تورنتو و جامعة اريزونا أول الأدلة المباشرة على "رياح" بين-مجرية تقوم بتجريد المجرات من غازات التشكل النجمي أثناء هبوبها داخل العناقيد المجرية، و تساعد المراقبات على شرح السبب الكامن وراء كميات الغاز القليلة نسبياً في المجرات الموجودة في العناقيد، و سبب كون عمليات التشكل النجمي في تلك المجرات أقل مقارنةً مع المجرات غير العنقودية أو "الحقلية".

 

لطالما اعتقد الفلكيون بأن المجرّة الحقلية، التي تسقط داخل عنقود من المجرات، تواجه سحابة من الغاز الساخن في مركز العنقود، و مع تحرك المجرة عبر الوسط الداخلي للعنقود بسرعة تصل إلى آلاف الكيلومترات في الثانية، فإن السحابة تلعب دور الرياح و تقوم بتجريد المجرة من الغاز دون التأثير على توزع النجوم داخلها و تعرف هذه العملية بضغط التجريد (ram-pressure stripping).

 

سابقاً، شاهد الفلكيون طبقات رقيقة من غاز الهيدروجين الذري المحيط بمجرة أثناء تجريده منها، لكنهم اعتقدوا أن سحب الهيدروجين الجزيئي الأكثر كثافة و الموجودة في مناطق تشكل النجوم ستقاوم تلك الرياح.

 

يقول سوريش سوفانندام (Suresh Sivanandam) من معهد دونلاب في جامعة تورونتو: "على أية حال، وجدنا أنه يتم تجريد المجرات من غاز الهيدروجين الجزيئي أيضاً أثناء سقوط تلك المجرات داخل عناقيد نجمية. الأمر مشابه كثيراً للدخان الصادر عن شمعة أثناء التجول بها داخل غرفة".

 

وضّحت المراقبات السابقة أدلةً غير مباشرة على عملية التجريد بالضغط لغاز التشكل النجمي، و رصد الفلكيون نجوماً شابة فائضة عن حاجة المجرة، و لابد أن تلك النجوم تشكّلت من الغاز المجرد حديثاً من المجرة، و أيضاً تمت ملاحظة بعض المجرات التي يوجد حولها كميات قليلة جداً من الغاز، لكن المراقبات الأخيرة الخاصة بالهيدروجين الجزيئي المجرد من المجرّة، توضّح أن الغاز يقوم بالحركة باتجاه معاكس لاتجاه حركة المجرة.

 

يقول جورج ريك (George Rieke) من جامعة اريزونا: "على مدار أكثر من 40 عام، كنا نحاول فهم السبب الكامن وراء امتلاك المجرات الموجودة في العناقيد المجرية لعدد قليل من النجوم الشابة مقارنةً مع النجوم الموجودة في مجرة درب التبانة، لكننا نعرف الآن أن عملية التشكل النجمي تلك تبرد في تلك المجرات، و التخلص من الغاز الذي يُشكّل النجوم، هو الخطوة الأكثر أهمية في تطور المجرات خلال المراحل المبكرة من عمر الكون".

 

نُشرت النتائج في عدد 10 نوفمبر/تشرين ثاني من مجلة الفيزياء الفلكية، و تعتمد هذه النتائج على المراقبات الخاصة بأربع مجرات، أسس سيفانندام و ريك و مارسيا ريك (Marcia Rieke من جامعة اريزونا ايضاً) المراقبات الخاصة لواحدة من المجرات الأربعة التي تمَّ تجريدها من الغاز بوساطة تلك الرياح، لكن بالاعتماد على المراقبات الخاصة بالمجرات الأربعة، تمكّنوا من البرهان على أن ذلك التأثير أمر شائع.

 

أجرى الفريق تحليله بالاعتماد على البيانات البصرية و تحت الحمراء و بيانات إصدار الهيدروجين القادمة من تلسكوبي سبيتزر و هابل الفضائيان، بالإضافة إلى البيانات الأرشيفية القادمة من التلسكوبات الأرضية، و استخدم الفريق المحلل الطيفي العامل في المجال التحت الأحمر و الموجود على متن تلسكوب سبيتزر، لأن المراقبة المباشرة للهيدروجين الجزيئي تتطلب مراقبات في الجزء المتوسط من المجال تحت الأحمر من الطيف، و هو أمر من المستحيل القيام به من الأرض.

 

تقول مارسيا ريك: "رؤية هذا الغاز الجزيئي المجرّد مشابهة لرؤية نظرية تُعرض في السماء. لطالما افترض الفلكيون أن شيئاً ما يقوم بإيقاف عملية التشكل النجمي في تلك المجرات، لكن من المرضي جداً رؤية السبب الفعلي الموجود وراء ذلك الأمر".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات