نظرًا لتحسّن البرمجيات مؤخرًا، اكتشف تلسكوب المنطقة الكبيرة Large Area Telescope واختصارًا LAT، الموجود على متن تلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة غاما، خمس نجومٍ متوهّجةٍ زائفةٍ blazars بأشعة غاما بانزياحٍ كبيرٍ نحو الأحمر فاتحًا نافذةً على بداية الكون.
الكوازارات، أو القلوب النشطة لبعض المجرات البعيدة، تتوهج بشدةٍ عبر الطيف الكهرومغناطيسي. هذه الأجسام المضيئة تغذّيها المواد المتراكمة على ثقبٍ أسود هائلٍ، وتسبب الطاقة المتحررة في هذا التراكم إطلاق نفثاتٍ قويةٍ، وفي حالة نوعٍ من الكوازارت يُسمّى النجم المتوهج الزائف أو بلازار Blazar، يتجه نحو خط رؤيتنا، مما يتسبّب في جعلهم أقوى نسبيًّا وأكثر اشراقًا، ويهيمن الإشعاع النفّاث على نطاقٍ عريضٍ من طيف انبعاث النجم المتوهج الزائف Blazar، وخاصةً في الأطوال الموجية لأشعة غاما.
وقد اكتشف تلسكوب فيرميLAT آلاف النجوم الزائفة المتوهجة بأشعة غاما. في الواقع، وجد العلماء أن هذه النجوم هي مصدر أغلب أشعة غاما في سمائنا. على الرغم من هذا، لم يجد تلسكوب فيرمي أيّة أشعة غاما بانحرافٍ نحو الأحمر أكبر من قيمة z = -3.1 لأنه على الأرجح في هذه المسافة، ينتقل إشعاع تلك النجوم إلى تردداتٍ أقل والتي يكون تلسكوب LAT أقل حساسيةً لها.
ومع ذلك فإن مجموعةً مذهلةً من التحسينات الحديثة لتحليل بيانات فيرمي، والمعروفة باسم باس 8- Pass 8، قد عزّزت إلى حدٍّ كبيرٍ حساسية LAT لأشعة غاما عبر الطيف الكهرومغناطيسي، مع تحسّنٍ خاصٍّ في الترددات المنخفضة. بدافعٍ من هذه الحساسية المتزايدة، استخدم فريقٌ من علماء فيرمي البيانات من باس 8 للبحث بشكلٍ خاصٍّ عن نجومٍ زائفة متوهجة بأشعة غاما البعيدة.
نافذة على بداية الكون
بدأ فريق فيرمي باختيار نجومٍ تشع موجات راديو شديدةً وبانحرافٍ كبيرٍ نحو الأحمر من كتالوج معروفٍ يحوي أكثر من مليون كوازار quasars، ثم بحث عن هؤلاء الـ 1100 مصدر خلال الـ 92 شهرًا من بيانات LAT التي تنتجها باس 8.
وأدّى هذا البحث المنهجي إلى الكشف عن خمسة مصادرٍ جديدةٍ لأشعة غاما تتوافق مع مواقع النجوم بانحرافٍ نحو الأحمر أكبر من z=-3.1، بما في ذلك NVSS J151002+570243، والتي تُعدّ الآن أبعد نجوم أشعة غاما المعروفة بانحرافٍ نحو الأحمر قيمته z=4.31.
يؤكّد تحليل توزيع الطاقة الموجية للمصادر أن لديهم جميعًا الخصائص المتوقعة من النجوم القوية بشكلٍ مميّزٍ، ممّا يؤكد هويتهم. وتشير نماذج أطيافها إلى أنها تحمل ثقوبًا سوداء ضخمةً في حدود مئات الملايين إلى عشرات المليارات من الكتل الشمسية، تسمح خصائص هذه المصادر للباحثين بتقدير الكثافة الفضائية للثقوب السوداء الضخمة التي تستضيفها الأنظمة النفّاثة بنحو سبعين لكلّ غيغا فرسخ فلكي gigaparsec.
على الرغم من احتمالية كون هذه النجوم المتوهجة الزائفة لأشعة غاما تشكّل عينةً صغيرةً، إلا أنها توفّر المعلومات التي يمكن استخدامها للبدء في وضع نماذجنا عن كيفيّة تشكّل الثقوب السوداء فائقة الكتلة supermassive black holes في بداية الكون، إنها أيضًا مثالٌ واضحٌ على الفائدة المميزة الممكنة بتحسيناتٍ برمجيةٍ ذكيةٍ!