يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ًحسابات جديدة تُظهر أن البروتون أخف وزنا مما كنا نظن سابقا، والسبب مجهول حقا!

إن كنت تشعر أنّك فقدت قليلاً من الوزن في الآونة الأخيرة، فاللوم يقع على الفيزيائيين؛ حيث تفيد حساباتهم الأخيرة بأنّ كتلة البروتون أخفّ وزناً من ذي قبل بمقدار ثلاثين على مليار بالمئة.


حسناً، هذا لا يعني تغيُّر حجم هذا الجسيم دون الذري، لكنّ التجارب الجديدة شجّعت على إعادة التفكير في الوزن المحتمل للبروتون. والغريب في الأمر أنّ الرقم الجديد أدقّ بثلاث مراتٍ من الرقم السابق، ومع ذلك فلا أحد متأكد من سبب هذا الاختلاف.


استخدَمت التجارب التي أجراها معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية Max Planck Institute for Nuclear Physics في ألمانيا الحقول المغناطيسية لحبس البروتون داخل فراغ مبرَّد إلى ما يقارب درجة الصفر المطلق، حيث رُصد وهو يتحرك ضمن هذا المجال.


وبواسطة تحديد سرعة الجسيم أصبح بالإمكان حساب كتلته بالمقارنة مع نواة الكربون 12 وجسيم الهيدروجين عند تواتر محدد. ولمن يهمّهم الأمر فإنّ كتلة البروتون الآن تساوي 1.007276466583 وحدة ذرية، وهي مختلفة قليلاً عن الكتلة التي تساوي 1.007276466879 وحدة ذرية المُسجَلة حاليًا لدى لجنة البيانات للعلوم والتكنولوجيا (كوداتا) Committee on Data for Science and Technology  او اختصارا ً (CODATA).


قد لا يبدو الفرق كبيراً، لكن لا يوجد سبب واضح لوجوده. يقول عضو كوداتا بيتر موهر Peter Mohr لصوفيا تشين Sophia Chen من مجلة العالم الجديد نيو ساينتست New Scientist: "بالطبع ثمّة احتمال بنسبة 99 بالمئة أنها مسألة تجريبية".


وقد أُدرج البحث في موقع المراجعة المسبقة arXiv.org، حيث يمكن للمجتمع الفيزيائي إلقاء نظرة عن كثب على تلك الأرقام. وبدقّة تصل إلى اثنين وثلاثين جزءاً من التريليون، يُعدُّ هذا التعديل تحسّناً عن الرقم الأخير بعامل مقداره ثلاثة، ويخطط الباحثون الآن لإجراء بعض التغييرات على التجارب في محاولة لتحسين دقتها. 


ودون الحاجة للعبث في مقياس الوزن الخاص بك، فإنّ كوداتا ستكون مطلوبة كحَكمٍ لاتخاذ ما يلزم في ضوء التغييرات المحتملة على القيم الموصى بها. وعلى غرار ثابت بلانك Planck constant -الذي تغيّر مؤخراً أيضاً- وسرعة الضوء، فإن كتلة البروتون تشكّل وحدة أساسية في الفيزياء.


وتُستخدم لتحديد قيمة حديّة في علم الأطياف تسمى ثابت ريدبرج Rydberg constant. ويمكنها أيضًا مساعدة الفيزيائيين في الإجابة عن سؤال تافه إلى حد ما: "لمَ الأشياء موجودة وليست معدومة؟". من الواضح أنّ الأشياء موجودة، لكن بما أنّ للمادة والمادة المضادة سلوك مزعج في إلغاء بعضهما البعض عبر دفقٍ من الإشعاع، فلا بدّ من وجود اختلاف جوهري في مدى قِدم تشكّل المادة والمادة المضادة أثناء تشكيل الكون للجسيمات التي تكوّن الأبقار والمذنبات وتجعلها موجودةً بالأساس.


إنّ لأشياء مثل الشحنة، والتكافؤ (الفضاء)، والزمن، تناظرٌ جوهري يُلخَّص بما يسمى بنظرية CPT. وبأسلوبٍ بسيطٍ، إن أمكننا العثور على مشكلة في هذه النظرية، وحتماً فإنّ العثور على فرق بين كُتل البروتونات وجسيماتها المضادة يعدّ مشكلة كبيرة، عندها سيكون بمقدورنا التعمّق قليلاً في سبب هيمنة أحد أشكال المادة على الآخر.


ويتطلب ذلك القيام بتجربة مماثلة عالية الدقّة مع البروتونات المضادة، مع استثناء أيّة فروقات في البيانات التجريبية.  في العام الماضي، أتت CERN برقم جديد لكتل البروتونات المضادة يتوافق بشكلٍ كبيرٍ مع قياسات الكتل السابقة للبروتونات، بما لا يدع مجالًا لوجود اختلاف حسب نظرية CPT.


توجد فرصة صغيرة في احتمال قيام التجارب المستقبلية باكتشاف فرق ضئيل، لكن من غير المرجَّح أن يكون هذا التغيير في كتلة البروتون بداية اكتشاف مذهل. يقول موهر: "في الغالب لن نخرج بمبادئ جديدة".


ووفقًا لهاميش جونستون Hamish Johnston الذي يعمل لدى physicsworld.com، فإنّ قياس كتلة البروتون بدقّة أكبر يمكن أن يساهم في تفسير سبب ظهور ذراع الجسيم في التجارب أصغر بنسبة أربعة في المئة من توقعات النظرية. في الوقت الحاضر نتوقع أن يكون التوجه كبيراً نحو حمية البروتون، حيث يمكنك أن تخسر ثلاثين على مليار بالمئة من وزنك حتى دون أن تحاول، فقط انظر إلى هذا الفضاء!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات