دور العصبونات المرآتية في سلوك الإنسان

"كما يرى القرد، يفعل القرد" (مثل أميركي ظهر في عشرينيات القرن المنصرم كتعبير عمن يتعلم شيئا دون فهم - المترجم) عبارة سمعها الكثير ولكن هل فكرنا حقًا فيما تعنيه؟ كانت بحوث علوم الأعصاب على مدى العقدين الماضيين تحاول التحقق من الأسس الواقعية لهذا المثل الشعبي في سلوك البشر.

قبل عشرين عامًا اكتشف فريق من العلماء، بقيادة غياكومو ريزولاتي(Giacomo Rizzolatti) من جامعة بارما (university of Parma)، خلايا دماغية خاصة، تدعى العصبونات المرآتية (Mirror Neurons) في القردة. ظهرَ أن هذه الخلايا تنشط سواء عندما يفعل القرد شيئا بنفسه أو ببساطة عندما يشاهد قردا آخر يفعل الشيء عينه. و منذ ذلك الحين أصبحت وظيفة العصبونات المرآتية في البشر موضوعا علميا ساخناً. حتى إنه في الإصدار الأخير من دورية (Perspectives on Psychological Science) دخل فريق من الباحثين المرموقين في جدال محتدم حول ما إذا كان الجهاز العصبي المرآتي (Mirror neuron system) له دور في العمليات المتنوعة كإدراك الكلام و إدراك معاني أفعال الآخرين وكذلك فهم تفكير الآخرين.

المرآتية. نشاط الدماغ خلال مشاهدة وجوه سعيدة. حقوق الصورة: APS.
المرآتية. نشاط الدماغ خلال مشاهدة وجوه سعيدة. حقوق الصورة: APS.

إدراك الكلام وفهمه


هناك دور يمكن أن يلعبه الجهاز العصبي المرآتي في كيفية فهمنا لكلام الآخرين، ولكن المرجح أن هذا الدور هو أصغر بكثير مما اعتُقد سابقا. في الحقيقة إن هذا الدور من الصغر بما يكفي لأن نقول أنه من غير المرجح أن تكون العصبونات المرآتية هي العامل المؤثر في قدرتنا على فهم الكلام.

العمليات المرتبطة بالعصبونات المرآتية يمكن أن تساهم قليلا في فهم ما يحاول الآخرين قوله إذا كانت الغرفة مليئة بالضوضاء أو إذا كان هناك صعوبات في ظروف إدراك الكلام الطبيعي.

إدراك الأفعال وفهمها
يُعتقد أن العصبونات المرآتية تلعب دورا مهما في كيفية أو سبب إدراكنا لأفعال الآخرين. هناك الكثير من الأفعال البدنية، كالتلويح بعصا الغولف بطريقة اللاعب تايجر وودز(Tiger Woods)، لا نستطيع فعلها بأنفسنا، ولكننا بالرغم من ذلك نفهم هذه الأفعال. مع ذلك، وعلى عكس ما يقترحه بعض مناصري العصبونات المرآتية، فإن الفعل غير مطلوب للفهم. في الواقع، معطيات التصوير الشعاعي العصبي التي تمت مراجعتها في هذه المقالة أوضحت بأن الأفعال التي نكون قد خبرناها -أي التي نمارسها ونفهمها على أفضل وجه- فعليا تُظهر أقل حد من تنشيط العصبونات المرآتية. معطيات كتلك تعزز الحاجة لإعادة تقييم دور العصبونات المرآتية في إرشادنا حول كيفية فهم الأفعال.

إدراك الأفكار والتنبؤ بها

أحد أقوى الأدوار المقترحة للجهاز العصبي المرآتي في البشر هو فهم مزاج الآخرين ونواياهم ورغباتهم، وليس أفعالهم البدنية أو كلامهم فقط.، كذلك يُعتقد بأن بعض المصابين بالتوحد(Autism) يواجهون صعوبة في فهم أمزجة أو نوايا أو رغبات الآخرين ولذلك قد يكونون مفتقرين للعصبونات المرآتية. ولكن العديد من الدراسات البحثية التي تم مراجعتها في هذه المقالة أظهرت بصورة مستمرة أن مرضى التوحد قادرون إلى حدٍ بعيد على فهم نوايا أفعال الآخرين. مما يرجح أن مفهومنا لمرض التوحد والعصبونات المرآتية يحتاج إلى مراجعةٍ عميقة.


قدمت هذه المقالة بعضا من أقسى الأسئلة حول العصبونات المرآتية حتى الآن. وأرشدت مئاتُ الدراسات البحثية أجوبةً لهذه الأسئلة، موضحةً حدود وظيفة هذه العصبونات في البشر.

تابع الفيديو التالي من أجل المزيد عن العصبونات المرآتية:


إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات