لِم نحلم أثناء النوم؟ وهل للأحلام والكوابيس فوائد على الدماغ والجسد بشكل عام؟

نتساءلُ كثيرًا عن الأحلام، وماهيتها، وكيف تتشكل تلك الصور التي قد تبدو مترابطة وعقلانية أحياناً، أو قد تكون أقرب إلى الخيال وغير مترابطة أو مفهومة أحيانًا أخرى، كما أنّ الأحلام تؤثر على مشاعرنا فنستيقظ شاعرين بالسعادة، أو الحزن، أو الخوف، وهذا يتوقف على طبيعة الحلم الذي رأيناه.


حاول الكثير من الباحثين والعلماء دراسة ماهية الأحلام، وتفسير دورها في حياتنا، لكنهم لم يتوصلوا إلى نتائج، أو تعاريف واضحة للأحلام، وعرّفوا الأحلام على أنها هلوسات تحدث أثناء النوم خلال حركة العين السريعة.

يحتاج الجسم إلى النوم للقيام بوظائفه الحيوية وتنظيم عمله أثناء النوم، ولكن ما دور الأحلام أثناء النوم؟

تعددت النظريات عن دور الأحلام في حياتنا، وعلى الرغم من اختلاف العلماء في الرأي عن سبب الأحلام وكيفية تكونها، فإنهم وضعوا نظريات تبين دور الأحلام في حياتنا، فمنهم من فسّر أن الأحلام قد تكون طريقًا لمواجهة الواقع الذي نعيشه أثناء اليقظة، وتحقيق الأمور التي من المستحيل تحقيقها في الواقع كالطيران مثلًا، وهناك ارتباط وثيق بين المشاعر التي نعيشها أثناء اليقظة، والأحلام التي ترتبط بها.

ذهب البعض الآخر من العلماء عند الدراسة الوظيفية للدماغ إلى أن اللوزة، أو ما يعرف بالغدة الصنوبرية، هي أكثر مناطق الدماغ نشاطًا أثناء الحلم، وهي جزءٌ من الدماغ مرتبطٌ بغريزة البقاء والاستجابة للقتال أو الهروب، لذلك أثناء الحلم يرسل جذع الدماغ إشارات عصبية تعمل على إرخاء عضلاتك، وبهذه الطريقة لا تستطيع الركض أو الضرب أثناء نومك، ولكن يمكنك فعل ذلك في الحلم، فهي ترسل إشارات تستطيع التمييز بين الحقيقة والحلم.

قال علماء أخرون إن الأحلام هي مصدر الإلهام فهي تحفز ميولنا الإبداعية، وتغذي أفكارنا كما استمد الفنانون وبعض من العلماء السابقين معظم أفكارهم المبدعة من أحلامهم، وأفضت نظريات أخرى إلى أن الأحلام تقوي الذاكرة، وتساعد على تخزين الذكريات والأشياء المهمة التي تعلمتها، والتخلص من الذكريات غير المهمة، وفرز الأفكار والمشاعر المعقدة، وأثبتت الأبحاث الجديدة أن النوم يساعد في تخزين الذكريات، فإذا تعلمت معلومات جديدة وذهبت للنوم ستتمكن من تذكرها بشكل أفضل مما لو طُلب منك تذكر تلك المعلومات دون النوم.

لم تُفهَم آلية تأثير الأحلام على تخزين الذاكرة واسترجاعها بشكل واضح حتى الآن، لكن الأحلام قد تساعد الدماغ على تخزين المعلومات المهمة بكفاءةٍ أكبر، بينما تحجب المحفزات التي قد تتداخل مع الذاكرة والتعلم، وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع، فإن الأحلام عادةً ما تكون أفكارًا تتعلق بالسيرة الذاتية بناءً على أنشطتك الأخيرة أو محادثاتك أو مشكلات أخرى في حياتك، ومع ذلك، هناك بعض النظريات الشائعة حول دور الأحلام.

أما عن الوقت الذي تبدأ به الأحلام فهو غير محدد، وقد نحلم في أي وقت أثناء نومنا، ولكن استطاع العلماء تحديد بعض أنواع الأحلام والإشارات المرتبطة بها إذ تكون الأحلام الأكثر وضوحًا خلال مرحلة تُسمّى حركة العين السريعة REM إذ يكون عندها الدماغ أكثر نشاطًا.

ما الذي يحدث أثناء حركة العين السريعة أثناء النوم؟

-ترتخي عضلات الجسم لكي لا تتحرك، أو تؤذِ نفسك أثناء الأحلام المزعجة.

- لا يمكن للجسم تنظيم درجة الحرارة عن طريق التعرق أو الارتعاش، لذلك تصبح درجة حرارة جسمك مماثلةً لدرجة حرارة غرفتك.

-يصبح التنفس ومعدل ضربات القلب غير منتظمين، لذلك إذا كنت مصابًا بانقطاع النفس أثناء النوم أو ما يُسمّى sleep apnea، سيكون أكثر وضوحًا أثناء النوم وحركة العين السريعة.

- تتقلص حدقة العين، وربما تعمل على حماية عينيك إذا تعرضت لضوء أكثر سطوعًا.

ما الذي يؤثر على الأحلام؟

الظروف الصحية: تُعد أحد أهم المؤثرات على الأحلام، فالحرمان من النوم لليلة أو ليلتين أو أكثر يمكن أن يجعل أجزاء من دماغك أكثر نشاطًا عندها تدخل في النوم سريعًا، وتكون الأحلام أكثر وضوحًا.

الحمل: ترتفع الهرمونات لدى المرأة أثناء الحمل، ما يؤثر على عواطفها، وطريقة تفكيرها ويزداد خوفها على الجنين وقلقها من الحمل والتعب، وهذا ما يجعل أحلام المرأة الحامل أكثر إثارةً وينتابها الذعر والحيوية.

الاضطرابات العقلية: مثل الاكتئاب والقلق، وكذلك الاضطراب ثنائي القطب والحالات المزاجية الأخرى، يمكن أن تؤدي إلى أحلام وكوابيس شديدة، وأحيانًا مزعجة أو سلبية لا سيما أن الأدوية المستخدمة لعلاج هذه الحالات كمضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان تزيد من خطر الإصابة بالكوابيس.

الأغذية: تمنح الأطعمة عالية الكربوهيدرات طاقة سريعة، ولكن بعد فترة من الوقت تشعر بالإحباط في اليقظة، وهذا يؤثر على طبيعة الأحلام لأنها تستمد صورها من مشاعرنا أحيانًا، وما ينطبع على ذاكرتك في اليقظة سيؤثر على أحلامك.

قد تبدو بعض الأحلام غريبة، أو غير منطقية وكأنها مجموعة من الصور المتتالية دون تطابق أو صلة وصل بين صورة وأخرى، يتعلق ذلك بالنواقل العصبية أو المواد الكيميائية في الدماغ إذ يكون بعضها أكثر وضوحًا، بينما يُصفّى البعض الآخر أثناء نوم حركة العين السريعة.

يُعتبر ارتفاع الأستيل كولين الذي ينشط الدماغ، وكذلك ارتفاع الدوبامين المسؤول عن الهلوسة عاملَين أساسيَين في توضيح الأحلام وجعلها أقرب إلى الخيال، كأنها فيلم سينمائي، ومن الجدير بالذكر أن العلاقة بين المكان والزمان عندما نحلم مختلفة تمامًا عمّا هي عليه بالواقع، فقد يبدو الوقت وكأنه يدوم إلى الأبد، أو يمر بسرعة كبيرة في الحلم.

لا بدّ أن نذكر أن الكابوس هو حلم أيضًا، لكنه مزعج، وهو شائع لدى كل من الأطفال والبالغين، وغالبًا ما يحدث بسبب التوتر، أو الصراع، أو الخوف، أو الصدمة، أو المشاكل العاطفية، أو الأدوية، أو تعاطي المخدرات، أو المرض.

فإذا تكرر لديك كابوس معين قد يحاول عقلك الباطن إخبارك بشيء ما لذلك استمع لهذا، فالأحلام وإن عجزنا عن معرفة سببها وكيف تتشكل إلا أنها تخبرنا الكثير عن حياتنا وتكشف لنا الكثير من الحقائق، ولها دور كبير في حياتنا اليومية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات