يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
هل سنتوقف يوما من الأيام عن استخدام الصواريخ للسفر إلى الفضاء؟ 

 صورة توضيحية للمركبة الفضائية أوريون Orion التابعة لوكالة لناسا وهي تنطلق عبر صاروخ نظام الإطلاق الفضائي. ستدور أوريون على شكل حلقة حول القمر للمرة الأولى خلال البعثة الاستكشافية المخططة في نهاية 2019. حقوق الملكية: NASA

في 16 آذار/مارس 1926 في أوبورن Auburn في ماساتشوستس Massachusetts أطلق مهندسٌ أميركي يدعى روبرت غودارد Robert Goddard الصاروخ الأول ذا الوقود السائل، استمر الطيران المجرّد لمدة 2.5 ثانية وانتهى بانحدار 181 قدمًا فوق حقل زراعة ملفوف مغطى بالثلج، لكنّها مع ذلك قد تدل على أنها واحدة من أبرز أحداث الطيران في التاريخ.

وبعد مرور اثنين وتسعين عامًا على ذلك، أصبحت الصواريخ العاملة بالوقود السائل أساس الطيران الفضائي. إنها شاهقة وبحمولة متفجرة، وتقف بارتفاعٍ أعلى ست مرات من صاروخ غودارد الأصلي وتندفع بالبشر خارج تخوم غلاف الأرض الجوي. كل إطلاق هو منظر حقيقي يقدم برهانًا تلو الآخر على إمكانيات الجنس البشري الجماعية لتخطي الحدود وبلوغ ارتفاعات جديدة باستخدام العقول والتآزر، ولكن هل ستبقى الصواريخ وسيلة نقلنا الأساسية إلى الفضاء في المستقبل البعيد؟، أو هل ستحل محلها في نهاية المطاف وسائل وتقنيات جديدة؟

الصواريخ بعد كل شيء أبعد ما تكون عن الكمال. توفي سبعة رواد فضاء خلال إطلاقات، وبحسب دون بيتيت Don Pettit المهندس الكيميائي: "الجلوس على قمة صاروخ أخطر من الجلوس فوق قارورة بنزين!"، لا بد له أن يعلم أنه قد فعلها عدة مرات. لقد طار بيتيت في خمس مهمات إلى المحطة الفضائية الدولية وأمضى 369 يومًا و16 ساعة و41 دقيقة في الفضاء. وببلوغه العام الثاني والستين كان رائد فضاء ناسا النشط الأكبر سنًا.

إن التكاليف المرتفعة هي أيضًا عيب غير مرغوب للإطلاقات الصاروخية. فبما أن 85 بالمئة تقريبًا من كتلة الصاروخ يشغلها الدافع Propellant، يتبقى حيّز صغير للحمولة، وهذا يجعل حجز بطاقة إلى الفضاء باهظ الثمن إلى حد بعيد، أي ما يقارب 10,000 دولار للكيلوغرام للوصول إلى مدار الأرض القريب.

ولمدة طويلة اتصفت الصواريخ بالإسراف، فأجزاؤها ببساطة تسقط عائدة إلى الأرض، فإما أن تحترق خلال إعادة الدخول عبر الغلاف الجوي أو تنضم إلى المخلفات التي تدور حاليًا حول الكوكب.

حَثّت هذه المشاكل البعض على المراهنة على بدائل للإطلاقات الصاروخية. أحد أكثر البدائل مستقبليّة والأبعد احتمالًا هو المصعد الفضائي Space Elevator، وهو مفضل لدى محبي الخيال العلمي لسبب ما، ألا وهو أنه من شبه المؤكد بقاؤه في نطاق الخيال لزمن طويل جدًا. المصعد الفضائي بسيطٌ بما فيه الكفاية على الورق، مدّد مجموعة من الأسلاك من محطةٍ فضائية ذات مدار ثابت بالنسبة للأرض (geostationary orbit) إلى هيكل مُناظر في مكان ما على خط الاستواء، بعدها هناك سياراتٌ مُعلّقة ستتسلق تلك الأسلاك المشدودة الطريق بطوله نحو الفضاء. لكنّ المشكلة هي أنه يجب تشييد نظام الأسلاك من مادة أقوى بمراحل من أي مادةٍ معروفة حتى الآن، إن أنابيب الكربون النانوية هي المرشحُ الأبرز لأداء هذا الدور، ولكنها غيرُ جاهزة بعد وربما ستكون مُعدّة يومًا ما. يُحتمل أن تقدر سيارات المصعد الفضائي على أخذ الركّاب والحمولة إلى الفضاء خلال أسبوع تقريبًا بتكلفة أقل بسبع مرات من صاروخ فالكون Falcon الثقيل التابع لسبيس إكس SpaceX وهو الصاروخ الأكثر توفيرًا بين الصواريخ الموجودة.

هناك بديلٌ آخر ممكن هو ستار ترام Star Tram، ويعمل هذا الحل الجريء وذو الصدى الجميل كالتالي: مركبةٌ فضائية تحلق في الهواء مغناطيسيًا ستُدفع داخل أنبوب منحنٍ موجه نحو السماء. سيُخلى كل الهواء من الأنبوب في سبيل إلغاء السحب. ستغادر المركبة الأنبوب الطويل بسرعة تبلغ 8.8 كيلومتر في الثانية من أجل الخلاص من غلاف الأرض الجوي. يتمثّل تصميمُ الجيل الأول من ستار ترام المراد منه إطلاقُ مراكب الشحنات بأنبوب بطول 81 ميلًا مبني على جانب جبلٍ لبلوغ ارتفاع إطلاق يتراوح بين 12,000 و20,000 قدم.

الشيء الجميل بخصوص ستار ترام هو أنه معقول بشكل مفاجئ، فكل التقنيات اللازمة موجودة اليوم وتحتاج فقط لوقت كثير من أجل أن تتحد مع بعضها، وهذا ما يجعل من بناء ستار ترام مسألة وقتٍ ومال بدلًا من طيران خيالي. هل يستحق ستار ترام سعره البالغ ما بين 20 و50 مليار دولار؟، نعم ممكن إذ يمكنه خفض تكاليف الحمولة إلى الفضاء لتصل إلى 20 لـ 50 دولارًا فقط للكيلوغرام. يحتمل بذلك توفير تريليونات الدولارات لصناعات جديدة تستحقها. 

فكرة أخرى، من ج. ب أيروسبيس JP Aerospace وهي تحاشي الصواريخ النارية للسفن الفضائية التي تصعد رويدًا كل الطريق إلى الفضاء، إن سفينة فضائية صاعدة Ascender هائلة الحجم بشكل V قد تعبر بالحمولة والركاب إلى "محطة السماء المظلمة" العائمة باستمرار على ارتفاع 140,000 قدم، ومن هناك سفينة فضائية أو "صاعد مداري Orbital Ascender" تُشغل بمحركات أيونية ستكمل الرحلة إلى الفضاء. إن التمويل الرئيسي لـ ج. ب أيروسبيس من القوى الجوية وما زالوا يسلطون الضوء على تقدم الفكرة في مدونتهم.

إذًا هل يمكن لأيٍّ من هذه الأفكار الحلول مكان الصواريخ؟ ربما لسفن ج. ب أيروسبيس الفرصة الأفضل لصنع تحدٍّ في الأمد القريب، ولكنها قد لا تبلغ الكثير بسبب نمو الصناعات الصاروخية الخاصة بسرعة، مما يخلق منافسة محفزة للابتكار، إذ تنحدر تكاليف الحمولة بتنقية الشركات للوقود وتقليل تكاليف المواد. 

قلبت سبيس إكس موازين اللعبة حاليًا بإنشاء صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام تعود وتحطّ بشكل سوي على الأرض بعد إطلاق حمولتها. فإطلاقات الشركة لحمولة فالكون الثقيل الجديد بـ "تكلفة قليلة غير مسبوقة" تبلغ نحو 1,411 دولار للكيلوغرام تحجم المنافسين بآلاف الدولارات. 

تميل الأسعار إلى مزيد من الانخفاض في العقود القادمة، ومن شبه المؤكد أن الصواريخ ستكون حولنا لفترات أطول، وفي الحقيقة قد تكون ببساطة تقلع هنا وهناك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات