تطوّرٌ كبير في مجال الاندماج النووي  باحثون يؤكّدون وجود طريقة جديدةٍ للتحكم بدوران البلازما

هندسات توضيحية للبلازما، حيث يُشار فيها إلى النقطة إكس بدائرة حمراء.
 


الدوران هو العنصر الرئيسي في خلاطات السلطة، ولعبة البلبل، وأجهزة الطرد المركزي، ولكن أبحاثاً حالية تقترح طريقة جديدة لاستخدام الدوران في مزودات الطاقة المستقبلية. 

في ورقة علمية نُشرت في مجلة Physical Review Letters هذا الشهر، برهن تيموثي شولتزفوس-ديوك  Timothy Stoltzfus-Dueck، وهو عالم الفيزياء من مختبر فيزياء البلازما في برينستون والتابع لوزارة الدفاع، على صحة طريقة جديدة يستطيع العلماء استخدامها للتلاعب بالدوران الذاتي أو الجوهري لغاز بلازما مشحون وساخن داخل منشآت الاندماج النووي المعروفة بالتوكاماك (tokamaks).

قد تُثبت مثل هذه الطريقة أهميتها في المنشآت المستقبلية مثل ITER، وهو توكاماك دولي عملاق قيد الإنشاء في فرنسا حيث سيدرس جدوى الاندماج النووي كمصدر لتوليد الطاقة الكهربائية، لكنّ الحجم العملاق لـ ITER يجعل من الصعب جداً على هذه المنشأة أن تُقدم دوراناً معتبراً بالاعتماد على وسائل خارجية. 

الدوران أساسي بالنسبة لكل أجهزة التوكاماك، لكنه قد يؤدي إلى حالة دائمة من عدم الاستقرار في البلازما (plasma)، كما أن باستطاعة الدوران الناجم عن قوى القص -والتي تنجم عن الفروق في سرعات نطاقين من البلازما الدوّارة- أن يكبح اضطراب البلازما، مما يجعل من الحفاظ على درجات الحرارة المرتفعة للغاز أمراً ممكناً باستخدام كمية أقل من الطاقة، وبالتالي تخفيض تكاليف التشغيل. 

تُنتج أجهزة التوكاماك الحالية الدوران بشكلٍ رئيسي نتيجةً لتسخين البلازما باستخدام أشعة حيادية، مما يتسبب في دورانها. على أية حال فإن الجسيمات الدوّارة المتسربة من حافة البلازما تقوم في الدوران الذاتي بتسريع البلازما بالاتجاه المعاكس بشكلٍ مشابه تماماً للمواد الدافعة التي تتسبب في تحرّك الصواريخ نحو الأمام. 

وقد حثّ ديوك وفريقه دوراناً جوهرياً عبر تحريك ما يُعرف بالنقطة إكس (X-point) على متحول الشكل لتوكاماك لوزان في سويسرا، علماً أن النقطة إكس هي النقطة التي تفصلُ بين البلازما المحتواة مغناطيسياً والبلازما التي تسربت من التشكيل الحاوي لها. 

سجلت تلك التجارب وللمرة الأولى قدرة الباحثين على تحريك النقطة إكس أفقياً لدراسة دوران البلازما، وتؤكد النتائجُ الحساباتِ التي وضعها ديوك في ورقة علمية نُشرت عام 2012، ووضحت حينها أن تحريك النقطة إكس سيتسبب إما في توقف الدوران الجوهري للبلازما المحتواة، أو في البدء بالدوران بالاتجاه المعاكس، ويُعلق ديوك قائلاً: "سلك دوران الحافة سلوكاً مشابهاً تماماً للتنبؤات النظرية".

كانت هناك مفاجأة أخرى تمثلت في أنّ تحريك النقطة إكس لم يُغيّر من دروان الحافة فحسب، وإنما عدّل أيضاً من الدوران داخل القلب فائق التسخين للبلازما حيث تحصل تفاعلات الاندماج النووي. 

تُوضح النتائج أنه بإمكان العلماء استخدام النقطة إكس كعقدة تحكّم لضبط الأعمال الداخلية لبلازما الاندماج بشكلٍ مشابه تماماً لتغيير إعدادات iTunes، أو الستيريو للسماح للشخص باستكشاف سلوك الموسيقى. 

يُعطي هذا الاكتشاف لباحثي الاندماج النووي أداة للوصول إلى العديد من النماذج المختلفة للدوران الجوهري، وتعلُّم المزيد عنه وعن تأثيره على الاحتواء (confinement).

ووفقاً لأوليفيه سوتر Olivier Sauter كبير العلماء في مدرسة البولتكنيك في لوزان والمؤلف المشارك في الورقة العلمية، فقد قدمت النتائج الإجمالية "نموذجاً مثالياً عن نجاح قصة التعاون التجريبي-النظري"؛ فإضافةً إلى التطبيقات العملية لبحثه، يستمتع ديوك كذلك بالجانب الفكري النقي لهذا العمل، ويُعلّق قائلاً: "إنه مهم جداً، فلماذا تدور البلازما بهذا الشكل؟ إنها أحجية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات