باحثون يصنعون ترانزستور من جزيء وقليل من الذرات

صورة بواسطة مجهر المسح النفقي لجزيء فثالوسيانين (phthalocyanine) متمركزاً داخل سداسية مركبة من اثنتي عشرة ذرة على سطح زرنيخيت الإنديوم (indium arsenide). توفر هذه الذرات موجبة الشحنة المنفذ الكهروستاتيكي لترانزستور أحادي الجزيء.
Credit: U.S. Naval Research Laboratory


استخدم فريق دولي من علماء الفيزياء مجهر المسح النفقي (scanning tunneling microscope) لصنع ترانزستور صغير يتكون من جزيء واحد وعدد قليل من الذرات. وقد كان ما رصد من عمل الترانزستور مختلفاً بشكل ملحوظ عن السلوك المتوقع تقليدياً، وربما كان ذلك مهماً لتقنيات الأجهزة المستقبلية، وكذلك بالنسبة للدراسات الأساسية للنقل الإلكتروني في البنى النانوية الجزيئية.

ويمثل علماء الفيزياء هؤلاء كلاً من معهد باول دروديه لإليكترونيات الحالة الصلبة (Paul-Drude-Institut für Festkörperelektronik)  أو اختصاراً (PDI)، وجامعة برلين الحرة FUB بألمانيا، ومختبرات البحوث الأساسية (NTT (NTT-BRL باليابان، ومختبر بحوث البحرية الأمريكية NRL. وقد نشرت النتائج التي توصلوا إليها بأكملها في عدد مجلة journal Nature Physics، الذي صدر في 13 يوليو/تموز 2015.

لدى الترانزستورات منطقة قنوية بين نقطتي تلامس خارجيتين ومنفذ كهربائي قطبي (electrical gate electrode) لتعديل تدفق التيار داخل القناة. وهذا التيار، في ترانزستورات المستوى الذري، ذو حساسية مفرطة لنقل الإلكترونات الأحادية عبر مستويات الطاقة غير المترابطة.
 

وقد فحص الباحثون، في دراسات سابقة، نقل الإلكترونات الأحادية عبر الترانزستورات الجزيئية باستخدام نهج نزولي (top-down)، مثل الليثوغرافية وفصل الوصلات (Break junctions)؛ إلا أن التحكم ذري الدقة بالمنفذ -وهو أمر حاسم لعمل الترانزستور على مقياس الأحجام الأكثر ضآلة- غير ممكن باستخدام هذه المناهج.

وقد استخدم الفريق مجهر مسح نفقي عالي الاستقرار (STM)، لصنع ترانزستور يتألف من جزيء عضوي مفرد وذرات معدنية موجبة الشحنة، ووضعها بواسطة رأس الـ STM على سطح بلورة زرنيخيت الإنديوم (InAs). واستخدم الدكتور كيوشي كانيشوا Kiyoshi Kanisawa، وهو عالم فيزياء في NTT-BRL، تقنية الإنماء لتناضد الحزمة الجزيئية، لإعداد هذا السطح.

بعدها، سمح نهج الـ STM للباحثين بتجميع المنافذ الكهربائية من الذرات ذات الشحنة +1 بدقة ذرية، ثم وضع الجزيء في عدد من المواقع المرغوبة على مقربة من المنافذ.

وأوضح الدكتور ستيفان فيوليتش Stefan Fölsch، وهو عالم الفيزياء في PDI والذي قاد الفريق، أن: "الجزيء مقيد بشكل ضعيف فقط بقالب InAs. لذا؛ عندما نأتي بطرف STM إلى قرب كبير من الجزيء ونضيف فولطية الانحياز إلى طرف نموذج رأس الوصلة tip-sample junction، فإن الإلكترونات المفردة ستتمكن من العبور نفقياً بين القالب والرأس من خلال التنقل عبر المدارات الجزيئية بدون حيادة تقريباً، على غرار مبدأ عمل نقطة كمومية محجوزة بواسطة قطب كهربائي خارجي. وفي حالتنا هذه، فإن الذرات المشحونة القريبة توفر إمكانية المنفذ الإلكتروستاتيكي، الذي ينظم تدفق الإلكترونات وحالة شحنة الجزيء".

إلا أن هناك فرقاً جوهرياً بين نقطة كمومية شبه موصلة تقليدية (conventional semiconductor quantum dot) -تشتمل عادة على مئات أو آلاف الذرات- وهذه الحالة لجزيء مقيد بسطح. وقد أشار الدكتور ستيفن إروين Steven Erwin، وهو عالم فيزياء لدى مركز علوم المواد الحاسوبية لدى NRL، والخبير في نظرية الكثافة الوظيفية، إلى أن: "الجزيء يتخذ اتجاهات دورانية مختلفة، وفقاً لحالة شحنته. ولقد توقعنا هذا استناداً إلى حسابات المبادئ الأولية، وأكدناه من خلال تصوير الجزيء بواسطة STM".

لهذا الاقتران بين الشحنة والوجهة تأثير كبير على تدفق الإلكترونات عبر الجزيء، والذي تجلى في فجوة كبيرة في القدرة على التوصيل عند فولطيات انحياز متدنية. وقال الدكتور بيت بروير Piet Brouwer، وهو عالم فيزياء لدى FUB والخبير في نظرية النقل الكمومي، إن: "هذا السلوك المثير للاهتمام يتجاوز الصورة المتعارف عليها لنقل الشحنات من خلال نقاط كمومية محتجزة. عوضاً عن ذلك، طورنا نموذجاً عاماً يفسر ديناميات الإلكترونات والتوجهات المقترنة في الجزيء". هذا النموذج البسيط والشفاف مادياً يستنسخ سمات ترانزيستور الجزيء المفرد المشاهدة تجريبياً تماماً.

إن الكمال والقدرة على الاستنساخ اللذين تتيحهما هذه الترانزستورات المولدة بواسطة STM ستُمكن الباحثين من استكشاف العمليات الأولية، التي تتضمن تدفق التيار من خلال الجزيئات المفردة على المستوى الأساسي. إن فهم والسيطرة على هذه العمليات -والأنواع الجديدة من السلوك التي يمكن أن تؤدي لها- ستكون مهمة لدمج الأجهزة التي تستند إلى الجزيئات مع تقنيات أشباه الموصلات القائمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • أشباه الموصلات (أو أنصاف النواقل) (semiconductor): وهي مواد ذات مقاومة كهربائية ديناميكية بمجال بين مقاومة الموصلات ومقاومة العوازل، بحيث ينتقل التيار الكهربائي فيها عبر تدفق الالكترونات إلى القطب الموجب وتدفق للثقوب باتجاه القطب السالب (الثقب هنا موضع لإلكترون متحرّر)، من أهم تطبيقاتها: الترانزستور والثنائيات الباعثة للضوء
  • الإلكترود (electrode): وهو القطب الموصل كهربائياً، إما سالب أو موجب.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات