هل يوجد توأم الزهرة في نظام نجمي مجاور؟

مشهد لمرور الزهرة أمام قرص الشمس التقطها المرصد الديناميكي الشمسي SDO في سنة 2012. وبشكل مشابه اكتشف العلماء في الآونة الأخيرة كوكباً خارجياً (خارج المجموعة الشمسية) شبيهاً بالزهرة من ناحية الحجم يدور حول نجمه. ويبعد الكوكب عن الأرض مسافة تقدر بحوالي 39 سنة ضوئية فقط، وقد تم رصده أثناء عبوره أمام نجمه. 


المصدر: NASA/SDO


اكتشف علماء الفلك كوكباً صخرياً يدور حول نجم صغير، حيث تمكنوا من رصده ومشاهدته بسهولة باستخدام التلسكوبات الموجودة على سطح الأرض.

يدور الكوكب بشكل قريب جداً من نجمه الأصلي وهو قزم أحمر معروف باسم Gliese 1132، الأمر الذي يجعل من وجود الماء السائل الضروري لوجود حياة أمراً مستحيلاً. ورغم هذا، يعتقد علماء الفلك أن هذا الكوكب يمتلك بعض الصفات والخصائص الأخرى المرتبطة مباشرة بعملية البحث عن مظاهر حياة خارج كوكب الأرض، والمقصود هنا على وجه التحديد هو الغلاف الجوي.

وفي هذا الصدد، بعث عالم الفلك زاكري بيرتا-تومبسون Zachory Berta-Thompson من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، رسالة إلكترونية إلى قناة ديسكفري نيوز Discovery News يقول فيها: "تخيلنا لفترة طويلة جداً كيف يمكن للكواكب الصخرية التي تدور حول نجوم أخرى وعلى وجه الخصوص الصغيرة منها، من أن تكون متشابهة أو مختلفة عن الكواكب الموجودة في نظامنا الشمسي. لذلك يمكن القول أنه بعد اكتشافنا لهذا الكوكب أصبحنا قادرين على رصد أحدها".

وبالطبع يجب أن تكون شروط الرؤية مثاليةً للغاية لكي نتمكن من رصد هذا الكوكب المعروف باسم GJ 1132b. يتّصف هذا الكوكب بأنه أكبر بقليل من كوكب الأرض كما أنه يدور في مدار يقترب من نهاية خط النظر للتلسكوبات الأرضية.

الأمر المميز الذي يدعو للتفاؤل حيال هذا النظام هو أنه يبعد عن الأرض مسافة تقدر فقط بحوالي 39 سنة ضوئية، أي أنه يقع على مرمى حجر منا وفقاً للمقاييس الكونية، وهو بالتالي يُعد أقرب بـ 3 مرات من أي كوكب آخر شبيه بالأرض تم اكتشافه سابقاً.

تم اكتشاف هذا الكوكب في شهر مايو/أيار بواسطة مجموعة مكونة من ثمانية تلسكوبات تقع في مرصد سيرو تولولو الأميركي في تشيلي.

وعند عبور الكوكب GJ 1132b أمام نجمه سيكون بمقدور التلسكوبات قياس الجزء الضئيل من الضوء النجمي الذي يمر من خلال الغلاف الجوي للكوكب، حيث يمكن للعلماء بعدها العمل على تحليل الضوء بحثاً عن دلائل وبصمات كيميائية تشير إلى الغازات الموجودة في الغلاف الجوي وإلى الظروف الجوية هناك. ويسعى العلماء في نهاية المطاف إلى أن يكونوا قادرين على إجراء عمليات مسح للكواكب الخارجية بهدف إيجاد آثار ودلائل كيميائية على وجود حياة هناك.

يمنحنا الكوكب GJ 1132b نقطة انطلاق ممتازة. يبلغ حجم النجم الأم للكوكب حوالي خُمس حجم الشمس، وبالتالي يعيق الكوكب ضوء النجم بنسبة أعلى مقارنة مع كواكب آخرى مشابهة له في الحجم وتدور حول نجوم شبيهة بالشمس. كما ينتقل الكوكب كل 1,6 يوم مما يتيح لنا الكثير من فرص المشاهدة والرصد.


وفي هذا السياق، كتب عالم الفلك دريك ديمينغ Drake Deming من جامعة ماريلاند، تعقيباً بسيطاً في إصدار هذا الأسبوع من مجلة نيتشر Nature: "يحب علماء الفلك الكواكب العابرة نظراً لأن هندسة التنقل والعبور لهذه الكواكب تسمح لهم بقياس كتلة الكوكب ونصف قطره (وبالتالي تحديد كثافته)، الأمر الذي يُسهم في توفير معلومات أساسية حول تركيبها الكيميائي".


يدور GJ 1132b حول نجمه الأم بمسافة تبعد عنه حوالي 1,4 مليون ميل، ولذلك هنالك احتمال أن يكون مرتبطاً مدِّياً معه كما هو الحال بالنسبة إلى قمر كوكب الأرض. ويكون أحد جانبي الكوكب المواجه للنجم حاراً وساخناً جداً، أما الجانب الآخر فيكون بارداً.

يقول ديمينغ في رسالة إلكترونية بعثها إلى قناة ديسكفري نيوز Discovery News: "يمكن للغلاف الجوي أن يعمل على إعادة توزيع الحرارة. إن درجة الحرارة المتوسطة التي قمنا بحسابها لهذا الكوكب هي أعلى من معدل الحرارة المناسب للسكن، إلا أن القيْد المدِّي وعملية إعادة التوزيع البسيط للحرارة قد يسمحان ربما بوجود بعض المناطق الصالحة للسكن على سطح الكوكب".


أما بالنسبة إلى الماء فذلك موضوع آخر



يقول بيرتا تومبسون: "يعتبر GJ 1132b كوكباً حاراً جداً وقهو أكثر حرارة من الزهرة".  ولذلك فإن أي ماء سائل موجود هناك سيتبخر بشكل فوري، كما يمكن أن يُفقَد الماء بسرعة في الجزء العلوي من الغلاف الجوي عندما يعمل ضوء النجم على تفكيكه إلى جزيئات الأكسجين والهيدروجين التي تضيع وتُهدَر في الفضاء".



يقول بيرتا تومبسون في رسالة إلكترونية: "تميل توقعاتنا إلى أن الغلاف الجوي للكوكب ربما يشبه قليلاً غلاف الزهرة، وذلك من جهة وجود الكثير من غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز النتروجين. واعتماداً على كمية الماء التي كانت موجودة هناك في المقام الأول ، فمن الممكن أن يكون الغلاف الجوي للكوكب مشبعاً بجزيئات الأكسجين.


وطبعاً فإنه من البديهي جداً ألا يكون هذا الأكسجين ناجماً عن عملية التركيب الضوئي (مثل الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي للأرض)، وإنما ناتج عن عملية تفكك الماء المتبوعة بهروب جزيئات الهيدروجين إلى الفضاء". ولا يتوجب على العلماء الانتظار طويلاً لمعرفة حقيقة الأمر، على اعتبار أن إجراء عمليات مسح للغلاف الجوي للكواكب الخارجية هو أحد الأهداف الرئيسية لبعثة ناسا المقبلة وهو تلسكوب جيمس ويب الفضائي المقرر إطلاقه سنة 2018.


وفي سياق متصل، يخطط علماء الفلك في الوقت نفسه لاستخدام ما هو متاح لديهم، أي تلسكوب هابل الفضائي، بهدف معرفة ما إذا كان هناك أية كواكب مشابهة لـ GJ1132b. يجدر التنويه في الختام إلى أن هذا البحث نُشر في إصدار هذا الأسبوع من مجلة نيتشر Nature.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات