وضعية الجسم في الأطفال قد تؤثر على الذاكرة والتعلم

وجد عالمُ أعصاب معرفية وزملاؤه في جامعة إنديانا أن وضعية الجسم مهمة في المراحل المبكرة من اكتساب المعارف الجديدة في الأطفال.

هذه الدراسة التي قامت بها ليندا سميث Linda Smith أستاذة في قسم علوم النفس والدماغ في كلية بلومنغتون للفنون والعلوم في جامعة إنديانا، بالتعاون مع عالم روبوتات من إنجلترا وعالم نفس تطوري من جامعة وسكونسن ماديسون، تقدم طريقة جديدة لدراسة كيفية ارتباط "عناصر المعرفة" -كالكلمات أو الذاكرة المتعلقة بالأشياء الفيزيائية- بوضعية الجسم.

قالت سميث: "تظهر هذه الدراسة أن الجسم يلعب دورًا في تعلم أسماء الأشياء في مرحلة مبكرة، وكيف أن حديثي المشي toddlers يستخدمون وضعية الجسم في الفضاء للوصل بين الأفكار. يمتلك تصميمنا لنموذج آلي لتعلم الأطفال الرضع تضميناتٍ بعيدة المدى حول كيفية عمل أدمغة صغار السن".

نُشر هذا البحث، والذي يحمل العنوان "تؤثر الوضعية على كيفية وضع الروبوتاتُ والرضعُ خرائطَ تصل الكلمات بالأشياء"، في دورية PLOS ONE في 18 آذار/مارس 2015، وهي دورية مفتوحة الوصول يراجعها الزملاء peer-reviewed، ومتاحة على الإنترنت.

قام الباحثون بفحص الدور الذي تلعبه وضعية الجسم في قابلية الدماغ لرسم "خرائط" تصل بين الأسماء والأشياء، وذلك باستخدام كلًا من الروبوتات والأطفال الرضع. وجد الباحثون أن اتّساق وضعية الجسم والعلاقة المكانية بينها وبين الشيء (بينما يتم عرض اسم الشيء ونطقه بصوت عالٍ) كانا أساسيين للربط الناجح بين الاسم والشيء.

تنبع هذه التضمينات الحديثة من حقل علم الروبوتات اللاجيني epigenetic robotics، والذي يعمل فيه الباحثون لصناعة روبوتات تستطيع التعلم والتطور كالأطفال، وذلك عبر تفاعلها مع البيئة المحيطة. قام مورس Morse بتطبيق البحث السابق لسميث من أجل صنع روبوت قابل للتعلم، بحيث تنبثق العمليات المعرفية فيه من المحدوديات الفيزيائية وإمكانيات جسده.

قالت سميث: "تقترح العديد من الدراسات أن الذاكرة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمواقع الأشياء"، وأضافت: "ولكن لم تبيّن أي من الدراسات أن وضعية الجسم تلعب دورًا في ذلك، أو أنك إذا ما قمت بالاستدارة، فسوف تنسى".

للوصول إلى هذا الاستنتاج، أجرى مؤلفو الدراسة سلسلة من التجارب، أولها مع الروبوتات المبرمجة لوضع خريطة تصل بين اسم شيء ما وبين ذلك الشيء، وذلك عبر الترابط المشترك shared association مع الوضعية، ومن ثَمّ أجروا تجارب على الأطفال من سن 12 إلى 18 شهرًا.

في إحدى هذه التجارب، عُرِض شيء على روبوت بحيث كان متومضعًا على يساره، ومن ثم عُرض شيء آخر على يمينه، ومن ثم تم تكرير العملية عدة مرات لخلق ترابط بين الأشياء وبين وضعية الروبوت. وبعد ذلك، وبدون أن يكون هناك أي شيء معروض، وُجّه نظر الروبوت إلى مكان الشيء الذي كان على اليسار، وأُعطي الروبوت أمرًا يجعله يتخذ الوضعية نفسها التي اتخذها في مشاهدته السابقة لذلك الشيء. وبعد ذلك عُرض كلا الشيئين في نفس المكان بدون تسمية هذه المرة، وبعد ذلك تم عرض الشيئين في مواضع مختلفة حيث كانت أسماؤهما تُكَرَّر. تسبب ذلك الأمر في جعل الروبوت يدور ويصل إلى الشيء الذي ارتبط مع اسمه.

أشار الروبوت بشكل مستمرّ إلى علاقة بين الشيء وبين اسمه خلال التكرارات العشرين للتجربة. ولكن في الاختبارات التالية، حيث كان الهدف وشيء آخر موضوعين في كلا المكانين (لئلّا يرتبط أي منهما بوضعية معينة)، فقد فشل الروبوت في التعرف على الهدف. عندما أعيدت التجربة مع الأطفال الرضع، كانت هناك فروقات طفيفة فقط في النتائج: أشارت البيانات من تجارب الأطفال إلى دور الوضعية في ربط الأسماء مع الأشياء، شأنها في ذلك شأن تجارب الروبوتات.

قالت سميث: "قد تزودنا هذه التجارب بطريقة جديدة لتحري الطريقة التي ترتبط بها المعرفة (cognition) بالجسم، وكذلك فإنها تزودنا بدليلٍ جديد على أن الكيانات العقلية كالأفكار والكلمات وتمثيلات الأشياء، والتي يبدو أنها لا تملك مكونات مكانية أو جسدية، تأخذ شكلها المميز أولًا عن طريق العلاقة المكانية للجسم في العالم حوله".

لطالما ركزت أبحاث سميث على خلق هيكلٍ لفهم المعرفة، هيكل مختلف عن النظرة التقليدية، والتي تفصل الأفعال الفيزيائية، كمعالجة الأشياء باليد أو المشي لأعلى التلة، عن الأفعال المعرفية كتعلم اللغات أو لعب الشطرنج.

 

جامعة بليموث

وأضافت: "نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت نتائج الدراسة تنطبق على الرضّع فقط، أو أنها تنطبق بشكل واسع على العلاقة بين الدماغ والجسم والذاكرة". كما أن الدراسة قد تزودنا بطرق جديدة للقيام بالأبحاث حول الاضطرابات التطورية التي تكون فيها الصعوباتُ التي يواجهها المريض من حيث التنسيق الحركي والتطور المعرفي مسجلةٌ بشكل جيد ولكنها غير مفهومة كليًا.

مساعدو الدراسة هم أنتوني مورس Anthony Morse، وهو كبير باحثي ما بعد الدكتوراه، وزميل في مركز علم الروبوتات والأنظمة العصبية في جامعة بليموث، فيريديانا بينيتز Viridiana Benitez، مساعدة باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة وسكونسن ماديسون.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات