هل يُمكن التلاعب بالجاذبية وخلق تشوهات في الزمكان؟

يمكن للتفاحة أيضاً أن تولد حقلاً للجاذبية خاصاً بها

المصدر: Mopic/Shutterstock


في الحقيقة هناك عدد قليل من أفلام الخيال العلمي التي تكون فيها حركة الأشياء داخل سفينة فضائية مشابهة للواقع. وفي معظمها، يستخدمون نوعاً من الجاذبية الصناعية التي لم تُشرح بشكلٍ مكتمل. الآن، قد تُحول ورقة علمية جديدة، نُشرت في مجلة Physical Review D فكرة الخيال العلمي هذه إلى حقيقة.

يعتقد البروفسور أندري فوزفا André Füzfa من جامعة نامور في بلجيكا أننا نمتلك التكنولوجيا اللازمة لخلق حقول الجاذبية الصناعية الضعيفة والتلاعب بها. هذا الادعاء كبير لكنه يتمتع بأرضية. قدّر فوزفا أنه عبر استخدام مغانط قوية جداً، سيكون بالإمكان خلق تشوهات صغيرة في نسيج الزمكان.

بصرف النظر عن صغره، يجب أن يكون التأثير قوياً إلى درجة كافية لأن يصبح قابلاً للاكتشاف باستخدام الأجهزة الحالية (لكنه سيكون ممكناً بالنسبة للجسيمات فقط). إنّ حلم امتلاك جاذبية صناعية فوق مركبة فضائية لا يزال بعيداً، لكن القدرة على إنتاج حقول جاذبية سيحول دراسة الجاذبية من علم راكد إلى نشط جداً.

إن قدرتنا على التلاعب بالقوى الأساسية، وخصوصاً الكهرومغناطيسية، أدت إلى نتائج حيوية في حياتنا اليومية، ولذلك سيكون لتعلّم خلق حقول جاذبية صغيرة نتائج طويلة الأمد على تطوير تقنياتنا. 

تمثلت نقطة البداية في بحث فوزفا في مبدأ التكافؤ، حيث ينصّ هذا المبدأ على أن القوى التي يتعرض لها الراصد في حقل ثقالة ما (الأرض مثلاً) مكافئة للقوة التي يشعر بها راصد آخر موجود في حقل غير عطالي (رائد فضاء في مركبة فضائية متسارعة). وبتعبير بسيط، إذا ما كنت موجوداً في غرفة دون نوافذ، فلن تتمكن من القول فيما إذا كنت تتعرض لحقل جاذبية، أو أن الغرفة تتسارع في اتجاه السقف.

يُخبرنا مبدأ التكافؤ أن كل كتلة وكل نوع من أنواع الطاقة يتأثر بالجاذبية ويُولدها، ولذلك يجب أن يكون من الممكن خلق حقول جاذبية باستخدام الحقول المغناطيسية. ولذلك، أجرى فوزفا حسابات تفصيلية لمعادلة أينشتاين في النسبية العامة حول مغناطيس قوي جداً، وبيّن الحل أن التأثير صغير لكنه معتبر. والأهم من ذلك هو اقتراحه لإجراء تجربة بالاعتماد على التقنيات الحالية.

رغم أن التجربة المتخيَّلة واردة، إلا أنها تتطلب استثماراً كبيراً؛ فلتوليد الحقول المغناطيسية نحتاج إلى العديد من الأيام وطبقات فوق طبقات من المغانط فائقة الناقلية، إضافة إلى أنظمة ليزر دقيقة وحساسة يُمكنها اكتشاف التغير البسيط الحاصل في الجاذبية داخل المغانط.

من المؤكد أن هذه الورقة ستطرح تحدياً أمام الأشخاص لينظروا مجدداً إلى العلاقة بين الكهرومغناطيسية والجاذبية. وفي الوقت الذي ربما لسنا قريبين فيه من آلة الجاذبية، إلا أننا قد تكون أقرب على الأقل من فهم الجاذبية.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات