تفصيل أجزاء الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والمهارات المكانية


2 نيسان/أبريل 2015، كريستينا جونسون وسكوت لافي، في عملٍ أخير يقوم بالتوفيق بين وجهتَيْ نظر حول التراكيب الدماغية التي لها علاقة بالذاكرة والإدراك للمكان.


قام باحثون من جامعة كاليفورنيا من كلية الطب في سان دييغو بتجربة تشير نتائجها إلى أن الحُصينَ -وهو منطقة صغيرة في الجهاز الحوفيّ للدماغ- مخصَّصٌ بشكل أساسيّ لتكوين الذاكرة، وليس للمهارات المكانية كالاستطلاع navigation. نشرت هذه الدراسة في الدورية Proceedings of the National Academy of Sciences.


قال لاري سكواير Larry Squire: "يُعد دور الحصين في التعرف المكاني -مقابل دوره في تكوين الذكريات- أمرًا مختَلفًا عليه بشكل كبير، وذلك من حيث فهمنا لكيفية معالجة الدماغ للبيئة الخارجية. وتظهر هذه الدراسة أن الحصين متعلق بشكل أساسيّ بالذاكرة. وهذا هو الحكم الفصل بين وجهتيْ النظر هاتين، والتي امتدت على مدى 60 سنة"، لاري سكواير هو كبير المؤلفين في هذه الدراسة، وحاصل على شهادة الدكتوراه، كما أنه بروفيسور بارز في الطب النفسي وعلوم الأعصاب وعلم النفس.

(من اليسار لليمين) الصورة التي عُرضت للمشاركين في الدراسة، والصورة التي رسمها مشارك ضمن مجموعة المقارنة من ذاكرته، والصورة التي رسمها مريض عنده ضرر في الحصين.  حقوق الصورة: PNAS
(من اليسار لليمين) الصورة التي عُرضت للمشاركين في الدراسة، والصورة التي رسمها مشارك ضمن مجموعة المقارنة من ذاكرته، والصورة التي رسمها مريض عنده ضرر في الحصين. حقوق الصورة: PNAS
 في إحدى وجهتي النظر هاتين، والتي وُضِعت في خمسينيات القرن الماضي، كان يُنظر إلى الحصين على أنه التركيب الأساسي في إتاحة تكوين الذكريات التصريحية طويلة الأمد، كالقابلية لتذكّر حفلة نهاية المدرسة الثانوية. انتقلت وجهة النظر هذه في سبعينيات القرن العشرين، عندما أظهرت التجارب التي أُجريت على الفئران بشكل أساسيّ، أن الحصين يلعب دورًا رئيسيًا في المهارات المكانية، كتلك التي يحتاجها الفئران لاستطلاع المكان في المتاهة. أدت هذه الدراسات ببعض الباحثين لتخمين أن الحصين البشري قد يكون أيضًا فاعلًا في التعرف المكاني وفي مهارات صناعة الخرائط.

قال سكواير، وهو أيضًا عالم باحث في شؤون المحاربين في النظام الصحي لسان دييغو : "لم نجد دليلًا على أن الوضع كما كان يُعتقد؛ فالمرضى المصابون بآفاتٍ في الحصين يمكنهم أن يقوموا بمهام مكانية، ما دامت هذه المهام لا تعتمد على الذاكرة طويلة الأمد. نحن نظن أن بإمكانهم القيام بهذه المهام المكانية ﻷنها مهام يمكن تدبُّر أمرها باستخدام وظائف الذاكرة قصيرة الأمد، والتي يدعمها الفص الجبهي من القشرة الحديثة. أما بشأن التناقض الذي نراه مع الفئران، فهو تناقضٌ قد يعكس حقيقة أن القوارض لا تمتلك قشرةً جبهيةً متطورة بشكل جيد، أو أنها لا تمتلك مهارات معالجةِ الذاكرةِ قصيرةِ الأمد، والمتعلقة بالقشرة الجبهية. المهام المكانية التي يمكننا القيام بها بالقشرة الحديثة باستخدام الذاكرة قصيرة الأمد يجب أن يكون مكانها في الحصين في الفئران".

هذه النتائج مبنية على تجارب تمت على ستة أشخاص بالغين عندهم آفات في الحصين، وشخصٍ لديه ضررٌ في الفص الصدغي الإنسي، والذي يحتوي على الحصين، و12 شخصًا للمقارنة. من أجل التجارب، سُئِل المشاركون أن يدرسوا مشهدًا بسيطًا، كزوجين من الأحذية، وأن يرسموا المشهد من الذاكرة. ثم وُضعت علاماتٌ على الرسومات، لتقييم التفاصيل والدقة على مقياس من 1 إلى 5. كما تم تقييم المتطوعين بالنسبة لنزعةٍ طبيعية، تعرف بـ "تمديد الحد" boundary extension، والتي يميل بموجبها المتطوعون لاستذكار الصور على أن لها خلفية أكبر وأمامية أصغر مما يكون عليه الأمر في الواقع. ففي مثال الحذاء، فإن هذا يعني أن الناس يميلون لرسم حذاءين أصغر مما كانا عليه في الصورة الأصلية. وعليه فإن الخلفية تأخذ نسبةً أكبر من الصورة، ومن هنا جاء المصطلح "تمديد الحد".

في مجموعة أخرى من التجارب، سُئل المتطوعون أن ينظروا إلى مشهدٍ ما، كزلاقة (زحليقة الأطفال) موجودة في حديقة، وأن يصفوا ما يمكن أن يدخل إلى المشهد فيما لو كُبِّرت الصورة، ثم تم تقييم ما سرده المشاركون من حيث التفاصيل والمراجع المكانية والأفكار والعواطف.

أظهر كل المشاركين الذين عندهم ضرر في الحصين خللًا في قابليتهم للتذكّر الدقيق للتفاصيل حول حذاءين. كان متوسط نتائجهم هو 2، مقارنة بـ 3 لمجموعة المقارنة. لكن وعلى الرغم من ذلك، فقد أظهر المرضى "تمديد حد" طبيعيًا. قام كلٌّ من المرضى ومجموعة المقارنة، بتصغير حجم حذاءين مقارنةً بالخلفية بمقدار 60%. كما أظهر المتطوعون في كلا المجموعتين مهاراتٍ متكافئة في التخيل وفي تكوين سرد مفصل عما يمكن أن يدخل للمشهد في حال تقريب المناظر.

قال سكواير: "تكمن قيمة هذا النوع من البحوث في أنه يتيح لنا أن نبني فهمًا حول كيفية عمل الدماغ. نحن نعلم أن داء الزهايمر يبدأ في العادة في الفص الصدغي الإنسي، وهذه الدراسة تذكرنا أن الخطر لا يحيط أولًا بالمهارات المكانية للمرضى، وإنما هي الذاكرة التي تكون في خطر وقتئذٍ. هذه النتائج متوافقة مع التجارب السريرية؛ حيث لا يشتكي المرضى من مشاكل في المهارات المكانية، وإنما من فقدان الذاكرة".

من المؤلفين المشاركين في الدراسة: سويون كيمSoyun Kim، وآدم جي.أو. ديدي Adam J. O. Dede، من شؤون المحاربين في النظام الصحي لسان دييغو وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وكذلك رومانا أو. هوبكينز Ramona O. Hopkins، من جامعة بريغام يونغ ومركز إنترماونتن الطبي في يوتا.

مُوِّل هذا المشروع بشكل جزئي، من قبل قسم شؤون المحاربين، ومؤسسة العلوم الوطنية (1120395)، والمعهد الوطني للصحة العقلية (24600).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات