العثور على عوالم جديدة عبر اللعب بالضوء والظل!

استخدم علماء الفلك طرقاً عديدة ومختلفة لاكتشاف الكواكب خارج النظام الشمسي، وكانت أكثرها نجاحاً لحد الآن هي قياس شدة الضوء العابر (transit photometry)، والتي تقيس التغير الحاصل في لمعان النجم بسبب كسوف مُصغر. يقوم الكوكب بحجب بعض من ضوء نجمه عندما يمر أمامه على مدى خط رؤيتنا. وإن بقي الخفوت لمدة معينة من الزمن وخلال فترات منتظمة، فيكون على الأرجح كوكب خارجي يعبُر أمام النجم مرة كل دورة مدارية.



يتحدث الفيزيائي الفلكي التابع لمركز جودراد التابع لناسا عن الكيفية التي سيسطتيع بها علماء الفلك من تكبير نظاق البحث بالمرور لإيجاد كواكب مثل كواكب نظاما الشمسي وتدوة حول نجوم أخرى -ومن المحتمل أقمار، وحلقات، ومجموعات من الكويكبات.المصدر:مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا.

 

يستخدم تيليسكوب كبلر التابع لناسا Kepler Space Telescope هذه التقنية، والتي جعلته أفضل صائد للكواكب الخارجية لحد الآن، بما يزيد عن ألف اكتشاف محقق إضافة إلى العديد من الاكشافات التي تنتظر التأكيد. من المخُطط إطلاق بعثات تحمل تقنيات محسنة في المستقبل، لكن كم ستستطيع هذه التقنيات إخبارنا به عن الأنظمة الكوكبية الأجنبية الشبيهة بنا؟

أمر عظيم، حسب دراسات نشرت موخراً من قبل مايكل هبكي Michael Hippke في معهد تحليل البيانات في مدينة نيوكيرتنفلن Neukirchen-Vluyn في ألمانيا، ودانييل أنجرهاوسن Daniel Angerhausen وهو باحث مرحلة ما بعد الدكتوراة في مركز جودرن للطيران الفضائي التابع لناسا في مدينة جرينبلت Greenbelt في ميريلاند. ثبت أنه من الممكن في أفضل السيناريوهات أن تكتشف البعثات القادمة أقماراً وكواكب حولها حلقات مثل زحل، وحتى مجموعة كبيرة من الكويكبات.

يقول انجرهاوسن: "نتوقع سيلاً من الاكتشافات من هذه البعثات الجديدة، لذلك نود أن نتعرف على الإمكانيات ليتمكن العلماء الاستفادة من أعلى قدر ممكن من البيانات".

تعتمد كل من ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية على نجاح كبلر. من المخطط أن ينطلق القمر الصناعي التابع لناسا ماسحُ عبور الكواكب الخارجية (Transiting Exoplanet Survey Satellite) أو اختصاراً (TESS) قبل عام 2018، وسيكون أول ماسح مرور محمول في الفضاء على الإطلاق، وسيقوم بمراقبة المرور أمام 200 ألف نجم مجاور على مدى سنتين. سيقوم القمر الصناعي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية "المرور الكوكبي وتذبذب النجوم" (Planetary Transits and Oscillations of stars ) أو اختصاراً (PLATO)، والذي من المتوقع أن يبدأ في مهمة مداها ست سنوات من عام 2024، بالبحث عن كواكب حول ما يقارب المليون نجم منتشرة في أكثر من نصف السماء.

يخبر مقدار الخفوت النجمي الذي يسببه الكوكب العابر الفلكيين بمقدار حجم الكوكب بالنسبة للنجم، ويخربنا تكرار الحدث بشكل دوري بمقدار الوقت الذي يلزم الكوكب ليدور حول نجمه. المزيد من المرور يزيد ثقتنا بأن الخفوت لم يسببه جسم كوني آخر (مثل نجم خافت)، أو بقع مناطق تشبه البقع الشمسية على النجم المضيف، أو ضجيج في الكاشف. على مدى العمر التشغيلي للقمر الصناعي، فالإشارة الأقوى دائما تأتي من الكواكب الأكبر والتي تدور بقرب نجومها لأنها تنتج خفوتاً أعمق ويتكرر عبورها أكثر.

يقول هبكي: "عندما تُجمع بيانات السنوات الست من PLATO ستبقى الكواكب التي تملك أحجاماً ومدارات مثل المريخ وعطارد بعيدة عن الوصول". ويضيف: " لكن عوالم شبيهة بالزهرة والأرض ستظهر بسهولة". أثبت كبلر وجود كواكب أصغر من الأرض في مدارات قريبة جداً من نجومها الأصغر من الشمس، لكن هذه العوالم ذات الحرارة العالية بالغالب لن تدعم وجود حياة. TESS و PLATO سيقومان بالكشف عن عوالم حجمها بحجم الأرض وبمدار مماثل لمدارها حول الشمس. بدورانها في المنطقة الداعمة لحياة حول نجمها، ربما تحتوي هذا الكواكب على أحواض من الماء السائل، والتي من المعتقد أنها الشرط الأساسي لتطور حياة كما نعرفها.


يلزم زحل و المشتري أكثر من عقد لإكمال دورة حول الشمس. وقد تمر العوالم المشابهة مرة واحدة أمام نجمها خلال بعثتي TESS و PLATO لكنها ستنتج حدثاً قوياً. إن كان لدى النجم القليل من الأقمار الكبيرة مثل المشتري يفمكن أن يظهر مرورها في البيانات أيضاً. يقول إنجرهاوسن: " لن نملك رؤية واضحة، ولن نتمكن من تحديد ما إذا كان الكوكب يمتلك قمراً كبيراً واحداً أو مجموعة أقمارٍ صغيرة لكن رصدها سيزودنا بأقمار مرشحة بقوة ليتم تتبعها من قبل بعثات مستقبلية أخرى".

في الوقت الحاضر، تم الكشف عن حلقات حول كوكب خارجي واحد اسمه J1407b بنظام حلقات أكبر بـ200 مرة من نظام زحل. وبالأخذ في عين الاعتبار كم كوكب شبيه بزحل قد يكشف عنها PLATO، أظهر الباحثون أنه عندما تمر أنظمة الحلقات تنتج إشارة واضحة تسبق مرور الكوكب عبر النجم. تم نشر هذه النتائج في 1 سبتمبر/أيلول في مجلة الفيزياء الفلكية The Astrophysical Journal.


في دراسة ثانية نشرت في العشرين من سبتمبر/أيلول في نفس المجلة، استكشف الباحثون إمكانية رصد كويكبات في مناطق مدارية مستقرة تسمى نقاط لاغرانج ( Lagrange points)، وهي مواقع حيث تكون قوة السحب الثقالي للكوكب تساوي قوة السحب الثقالي لنجمه. هذه المناطق تقود وتتبع الكوكب في مداره بميل 60 درجة. يقع أكبر مثال بارز لهذه النقاط في نظامنا الشمسي قرب المشتري، حيث يوجد على الأقل 6000 جسم معروف تم جمعها في مجموعتيْن، ويطلق عليها اسم أحصنة طروادة. ومعروف بشكل أقل أن المريخ والأرض وأورانوس ونيبتون التقطت كويكباً واحداً أو أكثر أثناء دورتها المدارية، وعلماء الفلك يشيرون لكل الأجسام التي حوصرت بهذه الطريقة باسم أحصنة طروادة (Trojan bodies).

نفس الظاهرة ستقع في الأنظمة الكوكبية الأخرى، لذا قام هايك وأنجرهاوسن بجمع أرصاد كبلر التي يبلغ عددها أكثر من 1000 نجم مستضيف لرصد مؤشرات وجود أجسام طروادة. وقاموا بشكل متقن بتحديد إشارة تدل على المواقع المتوقعة لتلك الأجسام المحصورة في نقطتيْ لاجرنغ.

يقول هبكي: "بمقدار جودة بيانات كبلر، فهذا أقصى ما لديها، لذا فهذه نتائج تمهيدية". ويضيف: "لقد أثبتنا بحذر بطريقة ما أنه من الممكن رصد كويكبات طروادة، لكن سيكون علينا الانتظار للحصول على بيانات أفضل من TESS و PLATO والبعثات الأخرى لتاكيد هذا".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات