يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
هل يوجد دليل على حركة الأرض؟ أم أنها ثابتة؟

هل تساءلت يومًا عن وجود دليل على أن الأرض وبقية الكواكب تدور حول الشمس وليس العكس؟


هذا سؤال جيد جدًا، فلبعض الوقت، وبعد قبول فكرة أن الكواكب (بما فيها الأرض) تدور حول الشمس، لم يكن هناك دليل مباشر على أن الأرض هي التي تتحرك، وليس الشمس.

كان عالم الفلك القديم أرسطرخس Aristarchus يعتقد أن الأرض تدور حول الشمس منذ أن اكتشف أن الشمس أكبر بكثير من الأرض. و كوبرنيكوس Copernicus (عادة ما يُذكر اسمه على أنه صاحب الفضل في فكرة أن الكواكب تدور حول الشمس) اعتقد أن فكرة كون النظام الشمسي يرتكز حول الشمس هي فكرة أكثر جمالًا ومنطقية، ولكنه لم يمتلك دليلًا حاسمًا.

 

كيبلر Kepler بدوره اكتشف أن القوانين التي تحكم المدارات تصبح أكثر بساطة إذا كانت الشمس في مركز هذه المدارات. أما نيوتن فأظهر أن السبب هو قانون الجاذبية الشامل. فإذا صح وجود الجاذبية، لابد أن تكون الأرض والكواكب الأخرى تدور حول الشمس لأن الشمس أثقل بكثير.

لم يكن هناك أي دليل مباشر على حركة الأرض حتى عام 1725 عندما اكتشف جيمس برادلي James Bradley الانحراف النجمي (stellar aberration)، وهو التغير (الظاهري) السنوي الذي يحدث في كل مواقع النجوم في السماء بسبب حركة الأرض. وينشأ هذا الانحراف نتيجة إضافة سرعة الضوء المنبعث من النجم إلى سرعة الأرض. تعتبر هذه الظاهرة معقدة جدًا ويتطلب وصفها بعض الرياضيات.

إذا لم تستطع إدراك هذا، فهناك نتيجة أخرى لحركة الأرض أبسط من ذلك وهي التخاطل النجمي (stellar parallax) (أو اختلاف المنظر النجمي). بمعنى أنه إذا غيرت الأرض موقعها بالنسبة إلى النجوم، يجب أن تغير النجوم مواقعها على مدار العام.


هناك تجربة شائعة توضح مسألة التخاطل، قم بالنظر إلى أجسام قريبة (إصبع، قلم رصاص، ... إلخ) بعين واحدة في ذلك الوقت. عند التبديل من عين إلى الأخرى، سوف تظهر هذه الأجسام كأنها تحركت من موقعها. وكلما كان هذا الجسم أقرب إلى عينيك، كان هذا التأثير أكثر وضوحًا.


يجب عدم الخلط بين التخاطل النجمي والانحراف؛ فالتخاطل ينشأ من تغير موقع الأرض ويعتمد على المسافة بين الأرض والنجم، بينما ينشأ الانحراف عن سرعة الأرض الكبيرة ولا يعتمد على مدى بُعد النجم.


لم يتم قياس التخاطل النجمي من قبل لأن التغير في موقع النجم صغير جدًا بسبب بُعد النجوم الكبير عنا، ولكن، في عام 1838، تم قياس التخاطل من قبل بيسل Bessel. وكان هذا الاكتشاف مهمًا جدًا لأن أرسطو نفسه ذكر أن انعدام رصد التخاطل النجمي هو دليل على أن الأرض لا تتحرك، إلا أنه لم يكن لديه تليسكوب ولم يكن على دراية أن النجوم بعيدة جدًا.

لم يتضح لك الأمر بعد؟ إذًا لا بد أن يوضح لك المبدأُ التالي الأمر


الاكتشاف الثالث لإثبات حركة الأرض كان بفضل "أثر دوبلر" Doppler effect. فالطول الموجي للضوء الذي نتلقاه من الأجسام المتحركة بالنسبة لنا يصبح أقصر قليلًا (أي أكثر زرقة) عندما نقترب من المصدر، ويصبح أطول (أي أكثر احمرارًا) عندما ننتقل بعيدًا عن المصدر.


عندما تتحرك الأرض نحو نجم ما، يظهر النجم أزرق قليلًا (فقط أدوات التكنولوجيا الفائقة يمكنها قياس هذا)، في حين أنه سوف يظهر أكثر احمرارًا عندما تكون الأرض على الجانب الآخر من المدار وتتحرك في الاتجاه المعاكس. هذا التأثير يثبت أن الأرض لديها سرعة بالنسبة إلى النجوم، وهو ما يشبه مبدأ الانحراف النجمي.


إذًا، لنلخص الأدلة الثلاثة على حركة الأرض، الانحراف (وهو تغيّر طفيف في الموقع النجمي نظرًا لسرعة الأرض)، التخاطل النجمي (وهو تغير طفيف في مواقع النجوم بسبب مواقع الأرض المتغيرة)، وأما تأثير دوبلر (فهو تغيّر طفيف في ألوان النجوم بسبب سرعة الأرض).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات