الحساء الكوني الأساسي يتدفّق في سيرن

أعاد باحثون خلق الحساء الكوني البدائي على شكل مصغّر عبر صدم ذرّات رصاص عند طاقة مرتفعة بشكل فائق في مسرّع الجسيمات ذي الطول 27 كيلومتراً، مُصادم الهادرونات الكبير LHC في سيرن CERN في جنيف. الحساءُ البدائي يُسمّى بلازما الكوارك-غلون، وقد قاس باحثون من معهد نيلز بور Niels Bohr Institute، من ضمن آخرين، خصائصه السائلة بدقّة عالية عند الطاقة الأعلى في مصادم الهادرونات الكبير. تم تقديم النتائج إلى مجلّة Physical Review Letters.

بعد الانفجار العظيم بعدّة أجزاء من المليار من الثانية (نانو ثانية)، كان الكون مكوّّناًً من حساء بدائي فائق الحرارة والكثافة من الجسيمات الأساسيّة، خاصّة الكواركات والغلونات؟ تدعى هذه الحالة بلازما الكوارك-غلون quark-gluon plasma، بصدم نوى الرصاص عند طاقة قياسية عالية تساوي 5.02 تيرا إلكترون فولت، في أقوى مسرّع جسيمات في العالم، مُصادم الهادرونات الكبير، LHC في سيرن CERN في جنيف، كان من المُمكن إعادة خلق هذه الحالة في كاشف تجربة أليس ALICE وقياس خصائصها.

 

يوضّح الشكل مدى صِغر قطرة متطاولة من بلازما الكوارك-غلون التي تشكّلت نتيجة اصطدام نواتين ذريتين ببعضهما بالقرب من المركز.  التوزّع الزاوي للجزيئات المنبعثة يجعل تحديد خصائص بلازما الكوارك-غلون أمراً ممكناً ومن ضمنها اللزوجة.  المصدر: جامعة نيويورك الحكوميّة (State University of New York).
يوضّح الشكل مدى صِغر قطرة متطاولة من بلازما الكوارك-غلون التي تشكّلت نتيجة اصطدام نواتين ذريتين ببعضهما بالقرب من المركز. التوزّع الزاوي للجزيئات المنبعثة يجعل تحديد خصائص بلازما الكوارك-غلون أمراً ممكناً ومن ضمنها اللزوجة. المصدر: جامعة نيويورك الحكوميّة (State University of New York).

يوضّح يو جاو You Zhou وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مجموعة بحث أليس في معهد نيلز بور: "إن تحليل التصادمات يجعل من الممكن، ولأوّل مرّة، قياسَ المميزات الدقيقة لبلازما كوارك-غلون عند أعلى طاقة على الإطلاق وتحديد كيف تتدفّق". قام يو جاو مع فريق صغير سريع العمل من شركاء التعاون الدولي، بقيادة تحليل البيانات الجديدة وقاسوا كيفيّة تدفق بلازما الكوارك-غلون وتقلّبها بعد أن تتشكّل عبر التصادم بين أيونات الرصاص.

طرق متطوّرة من القياسات


كان التركيز على الخواص التجميعيّة لبلازما الكوارك-غلون، التي تُظهر أنّ هذه الحالة من سلوك المادّة مشابهةٌ للسائل أكثر منها للغاز، حتّى عند أعلى كثافات طاقيّة. التجربة الجديدة، التي تستخدم طرقاً جديدة لدراسة العلاقة بين عدّة جُسيمات، تجعل من الممكن تحديد اللزوجة لهذا السائل الغريب بدقّة عالية.

يوضّح يو جاو بأنّ الطريقة التجريبيّة متقدّمة جدّاًً ومبنيّة على حقيقة أنّه عند إطلاق نواتين ذريتين كرويتين نحو بعضهما واصطدامهما قرب المركز، تتشكّل بلازما الكوارك-غلون بشكل متطاول قليلاً نوعاً ما ككرة القدم الأمريكيّة. هذا يعني بأن فرق الضغط بين مركز هذه القطرة الصغيرة جدّاًً من السائل والسطح يتفاوت على طول المحاور المختلفة. يدفع فرق الضغط هذا إلى التوسّع والتدفق، وبناءً على ذلك يستطيع المرء قياس تنوع مميّز في العدد من الجُسيمات المنتجة في التصادمات كتابع للزاوية.

وضع خريطة الحساء البدائي


يوضّح ينز يوهن غوهوي Jens Jørgen Gaardhøje وهو أستاذ ورئيس مجموعة أليس في معهد نيلز بور في جامعة كوبنهاغن University of Copenhagen: "إنّه لمن الملاحظ أنّنا قادرون على تنفيذ قياسات تفصيليّة كهذه على "قطرة" من "الكون المبكر" التي يساوي قطرها نحو جزء من المليون من المليار من المتر فقط. النتائج متفقة تماماً مع القوانين الفيزيائيّة لعلم الموائع. مثال توضيحي، نظريّة السوائل المتدفّقة التي تُظهر أنّ بلازما الكوارك-غلون تسلك سلوك مائع. إنّها على أيّ حال سائل خاص جدّاًً، حيث إنّها لا تتكوّن من جزيئات كالماء، ولكن من الجُسيمات الرئيسيّة: الكواركات والغلونات".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات