خريطة جديدة لمجرة درب التبانة بدقة 187 مليون بكسل

عندما تنظر إلى السماء ليلاً، فإنَّك ترى منها جزءًا صغيرًا جدًا مما هو موجود أمامك فعلًا، والسبب في ذلك يعود لوجود العوائق مثل الغطاء السحابي والتلوث الضوئي. لكنّ الأخبار الجيدة هي أن المرصد الأوروبي الجنوبي (European Southern Observatory) أو اختصارًا (ESO) موجود فقط من أجل أن يخترق هذا الحجاب الضبابي، ويكشف عن الكون الهائل الموجود خلفه.

كان آخر إنجازات الفريق هو استعمال تليسكوب (APEX) لإكمال المسح الواسع للمجرة (APEX Telescope Large Area Survey of the Galaxy) أو اختصارًا (ATLASGAL)، والذي يعطينا صورة جديدة كليًا لمجرة درب التبانة بكل عظمتها، وأكبر بأربع مرات من أي صورة أخرى لمجرتنا.

التقط تلسكوب أتاكاما باثفايندر التجريبي (Atacama Pathfinder Experiment telescope) أو اختصارًا (APEX) هذه الصورة، ويقع هذا التلسكوب على ارتفاع 5100 متر فوق مستوى البحر في منطقة أتاكاما في تشيلي على هضبة Chajnantor. بالإضافة إلى أنّ الخريطة فائقة الجمال، فهي تغطّي منطقة طولها 140 درجة وعرضها ثلاث درجات. كما تم شرح المعلومات التي تحتويها في أكثر من 70 ورقة علمية مختلفة أيضًا.

ويُعد هذا المسح أول التقاط للمستوى المجري (Galactic Plane) - حيث تقع معظم كتلة مجرتنا- بطول موجي يقل عن الملليمتر، وهو ما سمح للعلماء بتصوير سحب الغبار والغاز بدرجة حرارة أعلى بقليل من الصفر المطلق. 


يقول إيرن بلاكمور Erin Blakemore لموقع Smithsonian.com : "عن طريق تبريدها لدرجة حرارة أعلى من الصفر المطلق بكسر بسيط ، استطاعت الكاميرات الكشف عن انبعاثات ضئيلة من حزم الغاز المظلم والغبار التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة"




 


استعمل الفريق عددًا من المعدات فائقة الحساسية لالتقاط الصورة مثل كاميرا البولوميتر الكبيرة (Large Bolometer Camera) أو اختصارًا (LABOCA)، التي جاء في وصف المرصد الأوروبي الجنوبي لها : "إنها تقيس الإشعاعات الداخلة عن طريق تسجيل الارتفاع الطفيف في درجة الحرارة الذي تسببه الإشعاعات على مجسات الكاميرا ويمكنها رصد الانبعاثات من حزم الغاز المظلم البارد الذي يعترض ضوء النجوم."

ازدادت هذه النتائج قوةً بفضل البيانات التي جُمعت من القمر الصناعي بلانك (Planck) التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، والذي يُتيح لعلماء الفلك مسح جُزء أكبر من السماء بتفاصيل أكثر.

فضلا عن كونها جميلةً بشكل مذهلٍ، ماذا سيستفيد الباحثون أيضًا من هذه الدراسة ؟


يقول ليوناردو تيستي Leonardo Testi أحد أفراد فريق المسح: "سمحت لنا هذه الدراسة بالحصول على نظرة جديدة و تحويلية في الوسط النجمي الكثيف لمجرتنا. الإصدار الجديد للدراسة الكاملة سيتيح إمكانية استثمار هذه البيانات في اكتشافات جديدة. والعديد من الفرق تستعمل بيانات المسح حاليا للتخطيط لاستخدامها في تلسكوب الما (ALMA)"

بما أنه من الممكن لهذا المسح أن يتعرف على سحب الغبار فائقة البرودة، فإنّ الدراسة توفّر نظرة جديدة لدراسة تشكّل النجوم أيضا. و أحد أكثر الأشياء روعة للتفكير بها هي أنه مهما كان وقت إصدار هذه الصور، فعندما تنظر إليها فأنت تنظر إلى أجسام من الماضي السحيق.

بما أن الأجسام المُبينة في الخريطة بعيدة جدًا وميزة السفر بسرعة عالية حصرية للضوء فقط، فإنّ صور مجرة درب التبانة – حتى الجديدة منها - ربما لا تعبّر عن ما هو موجود هناك في الوقت الحالي. بمعنى آخر، النظر إلى هذه الصورة أشبه بالتحديق عبر بوابة للماضي.

سواء في الماضي أم لا، فإنّ هذا المسح يُمكِّن الباحثين حول العالم من اكتشاف وظائف مجرتنا ومكوّناتها. وكلما زادت دقة الخرائط كلما تعلّمنا المزيد عن الماضي المجرّي ومستقبل نظامنا الشمسي. وهذا أمر نحن في حاجة إليه بكلّ تأكيد.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجرة (galaxy): عبارة عن أحد مكونات كوننا. تتكون المجرة من الغاز وعدد كبير (في العادة، أكثر من مليون) من النجوم التي ترتبط مع بعضها البعض، بوساطة قوة الجاذبية. و عندما تبدأ الكلمة بحرف كبير، تُشير Galaxy إلى مجرتنا درب التبانة. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات