هل كانت الموجات الثقالية ناتجة عن اندماج ثقبين أسودين حقّاً؟

العلماء يشكّكون في أن مصدر الموجات الثقالية التي رصدوها سابقاً لم يكن اندماج ثقبين أسودين، بل ربما جرمين سماويين أخرين فائقي الكتلة يشبهان الثقوب السوداء لكن لا يملكان أفق حدث [1] (event horizon)


حقوق الصورة: في. كاردوسو وأخرون، فيزياء. رسالة منقحة (2016)


نذكر في عام 2015، أعلن مرصد الليزر المتطور لقياس تداخل الأمواج الثقالية Laser Interferometer Gravitational-wave Observatroy، أو اختصاراً LIGO (لايغو)، عن رصده للأمواج الثقالية لأول مرة في التاريخ. لكن على الرغم من أن العلماء قالوا أن مصدر تلك الموجات كان عملية اندماج ثقبين أسودين، إلا أنهم يعتقدون الآن، حسب تحليلٍ نظريٍ حديث نُشر مؤخراً، أن أجراماً سماويةً إفتراضية أخرى مثل تلك المُسمّاة نجوم الغرافاستار [2](gravastars)، تمتلك القدرة على إنتاج إشارات موجاتٍ ثقالية شبيهة جداً بتلك التي تُنتجها الثقوب السوداء.

 

في الوقت نفسه يقول مؤلفو الدراسة الجديدة أن استبعاد هذه الأجرام السماوية الشبيهة بالثقوب السوداء من قائمة الاحتمالات يتطلب القيام بعمليات رصدٍ مُفصلة ودقيقة بشكلٍ كبير لمرحلة ما بعد الاندماج للتأكد من صحة الأمر.

تؤدي عملية اندماج جرمين سماويين فائقي الكتلة ومضغوطين بشدة إلى إنتاج أمواجٍ ثقاليةٍ قبل وأثناء وبعد انتهاء عملية الاندماج. ويَلي مرحلة الاندماج مرحلة أخرى تُسمّى بمرحلة الاستقرار (ringdown) وهي المرحلة التي تستقر فيها حركة الثقب الأسود الجديد ويتحوّل شكله إلى كُرويّ بعد أن كان مُشوّهاً للغاية.

 

وفي هذه السيناريو، نجد أن علماء الفيزياء غالباً ما يقولون أن صدور أمواجٍ عن عملية استقرار حركة الثقب بعد انتهاء عملية الاندماج ما هو إلّا إشارة مباشرة تدلّ على أن الاندماج أنتج ثقباً أسوداً. إلا أن فيتو كاردوسو Vitor Cardoso وزملاؤه في جامعة لشبونة في البرتغال أشاروا إلى أنه من الضروري أن يقوم الباحثون بتنفيذ تحليل مرحلة الاستقرار التالية لمرحلة الاندماج بدون تحيّز وأن عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار نماذج بديلة عن نموذج الثقب الأسود (مثل نجوم الغرافاستار أو الجدار الناري) [3].  

لذا فإن هذه النماذج البديلة تنفي وجود منطقة أفق الحدث من أساسها (أفق الحدث هو: المنطقة التي لا يمكن الهروب منها والتي تُشكّل حدود الثقب الأسود وتُعتبر سِمة خاصة بالثقوب السوداء). وعلى الرغم من ذلك، فإن الأجسام المضغوطة الموجودة ضمن هذه النماذج ستمتلك حلقة ضوء، (حلقة الضوء هي عبارة عن حدودٍ نسبية تُحاصَر الفوتونات داخلها في مدارات دائرية).

 

قام كاردوسو وزملاؤه بحساب مرحلة الاستقرار ringdown لجسمٍ مضغوطٍ لا يمتلك منطقة أفق حدث، وقاموا بعمل نماذج لحلقة الضوء الموجودة حول هذا الثقب الأسود المزيف باستخدام ثقب دودي. الثقب الدودي (wormhole) هو عبارة عن قُمع مزدوج يحني نسيج الزمكان.

 

وقد أظهرت النتائج أن الأمواج الثقالية الصادرة عن الثقب الأسود المزيف لا يمكن تمييزها عن تلك الصادرة عن اندماج الثقبين الأسودين الحقيقيين، ولم يتمكن العلماء من تمييزها إلا عندما افترقت الإشارتان الصادرتان عن هذين المصدرين المختلفين (أي الثقب الأسود المزيف والثقب الأسود الحقيقي). ولكن لسوء الحظ، لم تتمكن بيانات مرصد لايغو من التقاط كامل الحدث وبالتالي فقد فاتها تسجيل تباعد الإشارتين. وللحصول على معلومات أفضل يجب علينا إما أن نرصد أحداثاً فلكية ذات ضجيج أعلى أو نصنع كواشف حساسة جداً من أجل تحديد إن كان سلوك الجرم السماوي أثناء حدوث عملية الاستقرار ما بعد الاندماج دليلاً على أنه ثقب أسود أم لا.

 

ملاحظات


[1] أفق الحدث: هو مصطلح علمي يُستخدم لوصفِ المنطقة التي تُحيط بالثقب الأسود وهي منطقة اللاعودة، حيث لا يمكن لشيء ولا حتى الضوء نفسه الإفلات منها.
[2] نجوم الغرافاستار gravastars: هي أجرام سماوية افتراضية افترضها العلماء كبديل عن نظرية الثقوب السوداء. 

[3]الجدار الناري: هو ظاهرة مفترضة تحدث داخل الثفب الأسود، فعلى سبيل المثال إذا سقط شخص داخل ثقب أسود قديم فسيواجه كميات هائلة من الطاقة عند منطقة أفق الحدث أو بالقرب منها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مقياس التداخل (interferometer): عبارة عن أداة تقوم بقياس التداخل (Interferometry)
  • أفق الحدث (Event horizon): هي بعدٌ معين عن الثقب الأسود لا يمكن لأي شيء يقطعه الإفلات من الثقب الأسود. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمكن لأي شيء أن يمنع جسيم ما من صدم المتفرد الذي يتواجد لفترة قصيرة جداً من الزمن بعد دخول الجسيم عبر الأفق. ووفقاً لهذا المبدأ، فأفق الحدث عبارة عن "نقطة اللاعودة". انظر نصف قطر شفارتزشيلد. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات