المجرات: اصطداماتها، أنواعها وحقائق أخرى

 تظهر في الصورة مجرة درب التبانة Milky Way بأذرعها الحلزونية، المكونة من النجوم العملاقة التي تضيء الغاز البين نجمي والغبار. تظهر الشمس في أحد أطراف الأذرع الحلزونية في منطقة تسمى مهماز أوريون Orion Spur.


حقوق الصورة: NASA/Adler/U. Chicago/Wesleyan/JPL-Caltech


إن نظرت بعيدًا في سماء الليل باستعمال تليسكوب ورأيت أبعد مما يمكن أن تشاهده بالعين المجردة، فيمكنك أن ترى العديد من النجوم المخادعة. العديد من نقاط الضوء التي بالعادة نعتقد أنها نجوم إنما هي عبارة عن مجرات، والتي هي تجمع مُكون من ملايين إلى مليارات النجوم. تتكون المجرات من النجوم والغبار والمادة المظلمة، والتي جميعها متماسكة مع بعضها بفعل الجاذبية. سنناقش في الأسفل تكوّن المجرات والتصادمات المجرية وحقائق أخرى حول ما يسمى بالجُزر الكونية.


المجرات والثقوب السوداء


تختلف المجرات في الشكل والحجم والعمر، ويمتلك العديد منها ثقوبًا سوداء في مراكزها. في حالات خاصة، يكون الثقب الأسود الموجود في مركز المجرة كبير جدًا أو فعالاً، ويقوم بحصر مساحة منتجًا كمية كبيرة من الطاقة يمكن لعلماء الفلك رصدها من على بعد مسافات عظيمة. هذا ويمكن أن تتسارع المواد التي تدور حول الثقب الأسود للخارج بفعل نفاثه، ويمكن أن تمتلك مجرات أخرى أشياء مثل الكوازارات [1] quasars  في مراكزها، والتي تعد الأجسام ذات الطاقة الأعلى في الكون.

 

صورة مرئية لمجرة M83. على اليمين صورة مركبة تظهر بيانات أشعة إكس الخاصة بمرصد تشاندرا باللون الوردي، والبيانات البصرية الخاصة بتليسكوب هابل باللونين الأزرق والأصفر. يقع مصدر الأشعة السينية فائق التألق والمعروف اختصاراً بـ ULX بقرب قاع الصورة المُركبة. (ملاحظة: مصدر أشعة إكس فائق التألق في الفلك (بالإنجليزية: ultra-luminous X-ray source
صورة مرئية لمجرة M83. على اليمين صورة مركبة تظهر بيانات أشعة إكس الخاصة بمرصد تشاندرا باللون الوردي، والبيانات البصرية الخاصة بتليسكوب هابل باللونين الأزرق والأصفر. يقع مصدر الأشعة السينية فائق التألق والمعروف اختصاراً بـ ULX بقرب قاع الصورة المُركبة. (ملاحظة: مصدر أشعة إكس فائق التألق في الفلك (بالإنجليزية: ultra-luminous X-ray source


علماء الفلك ليسوا متأكدين تماماً من الكيفية التي تشكلت بها المجرات. بعد الانفجار العظيم Big Bang، كان الفضاء مكونًا بشكل كامل تقريبًا من الهيدروجين والهيليوم. يعتقد بعض علماء الفلك أن الجاذبية جذبت الغبار والغاز مع بعضهما لتكوين النجوم المُفردة، ثم عملت على سحب النجوم فاقتربت من بعضها وشكلت تجمعات أدت لتشكيل المجرات في النهاية. يعتقد آخرون أن المادة التي تشكلت منها المجرات جُذبت لبعضها قبل أن تتشكل النجوم فيها.

الجزر الكونية


اعتقد العديد من علماء الفلك في القرن الماضي أن مجرتنا هي الكون بأكمله. وقال آخرون أن النقاط حلزونية الشكل، والتي اعتُقد أنها غاز وغبار، منفصلة عنها: أطلق عليها هارلو شابلي Harlow Shapley "اسم الجزر الكونية" island universes. حتى عام 1924، عندما اكتشف إدوين هابل Edwin Hubble عدة نجوم نابضة مميزة اسمها المتغيرات القيفاوية (Cepheid variables) تقع خارج الامتداد المعروف لدرب التبانة. أدرك علماء الفلك أنها في الحقيقة مجموعة نادرة من النجوم تقع بعيدًا خارج مجرتنا الأم.


بعد أن قاس هابل بعد المجرات بدأ بقياس إزاحة دوبلر (Doppler shift) -والتي هي مقدار تمدد الضوء القادم من المجرات بسبب حركتها. استنتج أن المجرات التي حول درب التبانة تتحرك بعيدًا عنها بسرعة كبيرة. كلما كانت المجرة بعيدة، كلما زادت سرعة ابتعادها عنا. ولهذا السبب استنتج أن الكون يتوسع. و قرر علماء الفلك لاحقًا أن التوسع في تسارع.

أنواع المجرات


تصنف المجرات عن طريق شكلها. كل نوع لديه خصائص وتاريخ تطور يختلف عن الآخر.


تظهر في هذه الصورة مجرة NGC 1073 المُلتقطة بواسطة تليسكوب هابل الفضائي. حقوق الصورة: NASA & ESA
تظهر في هذه الصورة مجرة NGC 1073 المُلتقطة بواسطة تليسكوب هابل الفضائي. حقوق الصورة: NASA & ESA


البعض منها، مثل مجرة درب التبانة، لديها أذرع حلزونية حول مركزها، لذلك تعرف باسم المجرات الحلزونية. يشكل هذا النوع من المجرات معظم المجرات التي يستطيع علماء الفلك رؤيتها. يدور الغبار والغاز في المجرات الحلزونية حول المركز بسرعة مئات الاميال في الثانية، مما يجعلها تبدو كدولاب في الهواء. يعرف بعضها باسم المجرات الحلزونية الضلعية (barred spirals)، بسبب امتلاكها لضلع في مراكزها تشكل بسبب الغبار والغاز الداخل إلى المركز. يعد الغاز والغبار المادة الأساسية في تشكيل النجوم في المجرات الحلزونية، لذلك تعمل المجرات الحلزونية على تشكيل النجوم بشكل ثابت اليوم.

 

 

لا تمتلك المجرات الإهليلجية (Elliptical galaxies) أذرعًا حلزونية مثل قريباتها اللامعة. تتراوح أشكالها بين الدائرية الشكل بشدة إلى الممتدة بشكل كبير. تمتلك المجرات الإهليلجية غازاً وغباراً أقل من نظيراتها المجرات الحلزونية، لهذا السبب فإن عملية تكوين النجوم فيها قد انتهت، ومعظم نجومها كبيرة السن. يعتقد العلماء أن نصف مجرات كوننا هي مجرات إهليلجية، بالرغم من أنها تشكل جزءًا صغيراً من المجرات المرئية.


المجرات المتبقية، والتي تشكل 3% من نسبة المجرات، تُعرف بالمجرات غير المنتظمة (irregular galaxies). وهي ليست مستديرة ولا تمتلك أذرعاً حلزونية، ولا يوجد تعريف خاص بأشكالها. غالبًا أن جاذبية المجرات الأخرى أثرت على شكلها، بمدها للخارج أو بطيها للداخل. ويمكن أن تتشوه أيضًا في حالة اصطدامها بمجرات أخرى أو مرورها بجانبها.


عندما تصطدم المجرات


لا تطفو المجرات في الفضاء لوحدها. المجرات مجتمعة مع بعضها على شكل حُزمٍ تدعى العناقيد (clusters). بعض العناقيد حجمها كبير، حيث تحتوي على آلاف المجرات، وهناك أيضًا عناقيد أخرى صغيرة. تقع مجرة درب التبانة في عنقود اسمه المجموعة المحلية (Local Group)، والذي يحتوي فقط على 50 مجرة.


تصطدم المجرات أحيانا، فيتم دمج النجوم والغبار من المجرتين مع بعضهما. هذا مهم في عملية تطور ونمو العديد من المجرات. في العادة لا يحدث تصادم للنجوم المنفردة في الاصطدامات المجرية، لكن تدفق الغاز والغبار يزيد من معدل تشكل النجم. ستصطدم مجرة درب التبانة مع مجرة المرأة المُسلسلة (تُعرف أيضاً باسم أندروميدا) (Andromeda) خلال 5 مليار سنة القادمة تقريبًا.

ملاحظات


[1] الكوازارات  quasars: تُسمى أيضاً أشباه النجوم

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكوازارات أو أشباه النجوم (quasars): هي عبارة عن مجرات لامعة جداً وبعيدة جداً، ويُعتقد ان لمعانها ناجم عن قيام ثقب أسود فائق الكتلة وموجود في مركزها بابتلاع المادة.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات