مساعدة خارجية ساعدت في نشوء الحياة على الأرض

جميعنا مخلوقاتٌ فضائيةٌ الآن!

قد تكون الحياة على الأرض نتيجةً لتصادمٍ عملاقٍ حصل بين الأرض وكوكبٍ آخر، منذ ما يقارب 4.4 مليار سنةٍ مضت، وذلك وفقاً لدراسةٍ جديدة. يعتقد العلماء أنه يمكن لمثل هذا التحطم الكوكبي، أن يفسر كيفية وجود الكربون -الضروري لأشكال الحياة المبنية عليه- على سطح الأرض وفي غلاف القشرة الأرضية، ليحل لغزاً تطورياً ظلّ قائماً لفترةٍ طويلة.

حينما كانت الأرض فتيةً جداً، كانت كذلك مرتفعةً جداً جراء كميةٍ كبيرةٍ من الأنشطة البركانية، مما أدى إلى جعل الكوكب كتلةً منصهرةً كبيرة. وبالتالي، تكمن إحدى المشاكل -التي تعترض تفسير كيفية تطور الحياة على الأرض- في أن أي كربون موجود على الكوكب أثناء هذه الطفولة الجهنمية، سيغلي مبتعداً في مثل هذه البيئة الساخنة.

لكن جيولوجيون من جامعة "رايس"، يقترحون طريقةً التف من خلالها الكربون، وبالتالي أنت وأنا، على هذا. يمكن لاصطدامٍ ربما حصل مع كوكبٍ شبيهٍ بعطارد بعد تبريد الأرض، تزويد الأرض بكفاءةٍ بالكربون اللازم للحياة المستقبلية على الكوكب، ليتطور مع امتصاص الأرض لهذه الكميات الغامضة من الكربون.

لا تفسر هذه الفرضية كيفية وجود الكربون على سطح الأرض بعد بدايات انصهار الكوكب فقط، وإنما تشرح أيضاً سبب عدم انصهار العناصر داخل نواة الأرض حيث كانت الحياة غير قابلةٍ للتطور.

يقول الجيولوجي راجديب داسغوبتا Rajdeep Dasgupt: "يتمثل التحدي في تفسير منشأ العناصر المتطايرة، كالكربون الذي بقي خارج النواة في جزء غلاف كوكبنا. فحتى لو لم يتبخر الكربون في الفضاء حين كان الكوكب منصهراً بشكلٍ كبير، كان ينبغي أن ينتهي المطاف به في النواة المنصهرة لكوكبنا، لأن السبائك الغنية بالحديد هنالك لها صلةٌ قويةٌ بالكربون".

إن مفهوم قدوم الكربون الذي له صلةٌ بالحياة على الأرض من مكانٍ آخر، ليس جديداً في الأصل، إذ تنص (فرضية القشرة المتأخرة) أنّ بعض العناصر الكيميائية الموجودة على الأرض اليوم، نشأت من مكانٍ آخر في الفضاء، ويمكن أن تكون قد ترسبت على كوكبنا جراء التصادم مع نيزك.

 

الجيولوجي السابق في جامعة رايس يوان لي Yuan Li والذي يعمل الآن في الأكاديمية الصينية للعلوم، يوضح الأمر قائلاً: "كانت فكرة أنّ العناصر المتطايرة مثل الكربون والكبريت والنتروجين والهيدروجين أُضيفت بعد انتهاء تشكل نواة الأرض فكرةً شائعة"، ويتابع: "يمكن لأيٍّ من هذه العناصر، التي سقطت على الأرض مع النيازك والمذنبات بعد مرور أكثر من 100 مليون سنةٍ من تشكل النظام الشمسي، تجنب حرارة محيطات الماغما التي غطت الأرض في تلك المرحلة". 

لكن وبينما تبدو فرضية القشرة المتأخرة معقولة فإنها تعاني قصوراً، كفشلها في تفسير كيف يمكن لهذه الاصطدامات النيزكية العشوائية والمعزولة أن تنتج هذا الانتشار المتنوع للعناصر، كالكربون عبر القشرة الأرضية والذي يشكل ما يقارب ثلثي كتلة الأرض.

يقول لي: "مشكلة هذه الفكرة أنها في الوقت الذي يمكنها أن تشرح وفرة العديد من تلك العناصر، إلا أننا لا نعرف عن نيازك تستطيع إنتاج هذا المعدل من العناصر المتطايرة في الجزء السيليكاتي من كوكبنا".

وعبر إجراء تجارب عند ضغطٍ مرتفعٍ ودرجة حرارةٍ مرتفعةٍ في المختبر إلى جانب معدات هيدروليكية، بحث العلماء عن نوع المواد الكيميائية والشروط التي يمكن أن تقود إلى معدل العناصر الموجود في القشرة الأرضية. 

ويقول داسغوبتا: "اعتقدنا أنه علينا الابتعاد عن المركبات التقليدية للنواة، التي تنحصر بالحديد والنيكل والكربون، ولذا بدأنا بتحري سبائك شديدة الغنى بالكبريت والسيلكون، وذلك يعود جزئياً للاعتقاد بأن نواة المريخ غنيةً بالكبريت، ونواة عطارد غنية بالسيليكون".

وجد الفريق أنه في حدث الاصطدام الافتراضي بين الأرض وكتلةٍ أخرى، سيتمكن الكربون من البقاء في القشرة الأرضية -ولن يتم امتصاصه بالكامل داخل نواتها الحديدية- إذا احتوى ما تبقى من كتلة خلائط حديدية في نواة الكوكب التي كانت غنية بالكبريت أو بالسيليكون.

ويُضيف داسغوبتا: "تقول إحدى السيناريوهات التي تفسر معدل الكربون إلى الكبريت ووفرة الكربون، أن كوكباً غير ناضجٍ كعطارد، والذي تشكلت فيه للتو نواةٌ غنيةٌ بالسيليكون، اصطدم وامتص من قبل الأرض"، ويردف: "ولأنه جسمٌ فائق الكتلة، يمكن للحركية أن تعمل بطريقةٍ تسمح لنواة هذا الكوكب بالتوجه مباشرةً إلى نواة كوكبنا، وتمتزج القشرة الغنية بالكربون مع القشرة الأرضية".

بمعنى آخر، يمكن تفسير التركيب الكيميائي للجيولوجيا التي تدعم الحياة على الأرض اليوم، إذا كان كوكبنا قد التهم كوكباً أصغر شبيهاً بعطارد منذ مليارات السنين. 

إن ذلك مدهش، ودون أدنى شك، ستخضع هذه الفرضية لفحصٍ دقيقٍ من علماء آخرين. ومن جانبهم، يُقر العلماء على أنه هنالك الكثير مما يتعين القيام به للتوفيق بين العناصر المتطايرة الأخرى، فهم لم يدرسوا إلا الكربون والكبريت حتى الآن.

لكن قد تساعدنا تلك الأفكار أيضاً في الحصول على فهمٍ أفضل لسبب ندرة الحياة على الكواكب الأخرى، فربما يحتاج الكوكب ليس الموضع المناسب ودرجة الحرارة المناسبة التي تدعم الحياة فحسب، وإنما لا بد من مساعدةٍ صغيرةٍ تأتي بأشكالٍ مختلفة، كتصادماتٍ عشوائيةٍ في الفضاء تقدم العناصر الإضافية اللازمة حقاً لطبخ الأشياء.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات